قال الدكتور فهد بن جمعة عضو لجنة الاقتصاد والطاقة سابقاً في مجلس الشورى السعودي، إن السبب الرئيسي لعدم تأثر أسعار النفط بشكل كبير أو مستمر بخفض أسعار الفائدة يعود إلى الفائض في المعروض، مؤكدًا أن أساسيات السوق ما زالت تضغط على الأسعار رغم أي نمو محتمل في الطلب.
وأوضح بن جمعة، في مداخلة مع قناة العربية بيزنيس، أنه على الرغم من ارتفاع الأسعار بشكل مؤقت يوم الأربعاء عقب خفض الفائدة، إلا أنها تراجعت لاحقًا، وحتى على المستوى الأسبوعي سجلت انخفاضًا، مشيرًا إلى أن الفائض في المعروض يفوق أي زيادة في الطلب، وأضاف أن السوق النفطي تحكمه أساسيات واضحة، تتمثل في أن نمو الطلب إذا كان أقل من فائض المعروض فإن ذلك سيؤدي حتمًا إلى الضغط على الأسعار.
وأشار إلى أنه في حال عدم وجود زيادة في المعروض، بالتوازي مع قوة في الطلب، لكانت أسعار النفط قد ارتفعت إلى مستويات تتراوح بين 90 و100 دولار للبرميل، وطرح تساؤلًا حول كيفية الحد من فائض المعروض للوصول إلى أسعار مقبولة لكل من المنتجين والمستهلكين، موضحًا أن ذلك يعتمد على الإطار الزمني وعلى التغيرات في مستويات الإنتاج من خارج تحالف «أوبك بلس».
وفي ردّه على تساؤل حول أسباب عدم وجود أرضية صلبة لأسعار خام برنت رغم عدد من العوامل الجيوسياسية، أوضح بن جمعة أنه حتى عند جمع جميع النقص الناتج عن الحظر والمخاوف المرتبطة بفنزويلا، إضافة إلى القيود والعقوبات المفروضة على روسيا، فإن هذه الكميات تبقى أقل بكثير من فائض المعروض الحالي في السوق.
وأضاف أنه لو كانت هناك مخاوف حقيقية من نقص الإمدادات في السوق العالمي، لكانت الأسعار قد سجلت قفزات حادة، إلا أن الواقع يشير إلى أن المعروض ما زال أعلى من الطلب وبفارق كبير، وأشار إلى أن حتى في حال انخفاض إنتاج فنزويلا، الذي يبلغ حاليًا نحو 900 ألف برميل يوميًا، فإن ذلك لا يغيّر الصورة العامة، إذ لا يزال الفائض في السوق كبيرًا.
وحول روسيا، قال بن جمعة إن موسكو اعتادت على القيود والعقوبات، وتمتلك مرونة في التعامل معها، معتبرًا أن الأمر مسألة وقت فقط حتى تجد طرقًا بديلة لتصدير نفطها، وهو ما يحد من تأثير العقوبات على الإمدادات العالمية.
وعن احتمالية لجوء تحالف «أوبك بلس» إلى خفض الإنتاج مجددًا في العام المقبل في حال استمرار المستويات الحالية للأسعار، أشار بن جمعة إلى أن «أوبك» تعلمت من التجارب السابقة أن تخفيض الإنتاج لا يدعم الأسعار بالشكل الذي تتوقعه، سواء من جانبها أو من جانب الأسواق.
وأوضح أن أسواق النفط شهدت تغيرات هيكلية واضحة، حيث لم يعد النفط كما كان في السنوات الماضية، في ظل زيادة إنتاج النفط الصخري، والتحول المتزايد نحو الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، كما أشار إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، التي كان معدل نموها يصل سابقًا إلى 10 و11%، في حين أصبح الآن دون 5%، ما انعكس على تراجع الطلب الصيني مقارنة بالماضي.
وأكد بن جمعة أن هذه العوامل مجتمعة تشير إلى أن أسعار النفط ستبقى ضمن هذا النطاق الحالي، متوقعًا أن تشهد انخفاضًا إضافيًا في عام 2026.
وفي توقعه السريع لمسار الأسعار، قال بن جمعة إن خام برنت من المرجح أن يبقى عند مستوى 60 دولارًا أو دون هذا المستوى خلال عام 2026، موضحًا أن السبب الرئيسي لذلك هو استمرار فائض المعروض، إلى أن تصل السوق إلى نقطة السعر التي تعيد التوازن بين العرض والطلب، مؤكدًا أن هذا التوازن لن يتحقق إلا عند انخفاض الأسعار إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض