شهدت السعودية تراجعاً مستمراً في عدد منصات حفر النفط خلال الأشهر الستة الماضية، حيث انخفض العدد إلى 20 منصة فقط في يوليو 2025، مقارنةً بـ46 منصة في أوائل العام. ووفقًا لبيانات "بيكر هيوز"، يعد هذا أدنى مستوى تسجله المملكة منذ فبراير 2005.
يأتي هذا التراجع ضمن مسار هبوطي مستمر منذ 18 شهراً، تزامنًا مع تخلي الرياض عن خطط رفع الطاقة الإنتاجية لشركة أرامكو إلى 13 مليون برميل يوميًا، والاكتفاء بالسقف الحالي عند 12 مليون برميل.
انتهاء مشاريع النفط وتقليص الصيانة
بحسب روبن ميلز، مؤسس شركة "قمر للطاقة"، فإن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع يعود إلى انتهاء أو قرب انتهاء مشاريع التوسعة في الحقول النفطية الكبرى، إضافةً إلى تقليص أعمال الصيانة في الحقول الأقدم مثل الغوار وخريص، بالاعتماد على تقنيات غير تقليدية بدلًا من الحفر المستمر.
التوجه نحو الغاز: أولوية جديدة
في مقابل الانخفاض في حفارات النفط، تزايد عدد منصات حفر الغاز، في ظل خطة المملكة لتقليل الاعتماد على النفط في توليد الطاقة واستبداله بالغاز بحلول عام 2030، بما يوفر ما يصل إلى مليون برميل يوميًا من النفط الخام للاستخدامات الأخرى أو للتصدير.
وقد صرح أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو"، بأن أكثر من 50% من إنفاق الشركة على أنشطة المنبع موجه حالياً نحو الغاز.
مشروع الجافورة: حجر الأساس في خطة الغاز
يمثّل مشروع الجافورة للغاز غير التقليدي محور التحول، حيث يُتوقع بدء تشغيل مرحلته الأولى (بقدرة 650 مليون قدم مكعب يومياً) بنهاية 2025، على أن تليها المرحلة الثانية خلال عامين. كما تُخطط المملكة لإطلاق مشروع ضخم لخط أنابيب الغاز لدعم الطلب الصناعي وتوليد الكهرباء.
فرص التصدير وتحديات جديدة
مع النمو المتسارع في الطلب العالمي على الغاز الطبيعي، تبحث السعودية خيارات التصدير، بما في ذلك تصديره بصيغة الأمونيا الزرقاء، رغم تقليص خططها الأولية مؤخرًا. وتدرس المملكة الآن طرقًا بديلة للاستفادة من أسواق الغاز العالمية.
تراجع الطلب يُربك شركات الخدمات النفطية
في ظل هذا التحول، بدأت شركات خدمات الحفر مثل SLB (شلمبرجير سابقًا) تشهد تراجعًا في النشاط والإيرادات، حيث أوضح رئيسها التنفيذي أوليفييه لو بوش أن "التباطؤ في السعودية تجاوز التوقعات"، مع سحب حفارات إضافية من الخدمة.
ورغم توقيع "أرامكو" عقود حفر غاز جديدة بقيمة 2.4 مليار دولار في يونيو، فإن بعض العقود الأخرى، التي كان من المتوقع طرحها في وقت سابق من العام، جرى تأجيلها للربع الرابع.
تقنيات بديلة تُغيّر مشهد الحفر
يشير محللون إلى أن الاعتماد المتزايد على العمليات غير التقليدية، مثل التداخل باستخدام الأسلاك والأنابيب الملفوفة، في الحقول الناضجة، بات يحل محل الحفر التقليدي، مما خفّض الحاجة إلى منصات جديدة.