ماذا لو اختفت كل النساء من سوق العمل .. هل سترتفع المرتبات؟


هل اختفاء النساء من سوق العمل اثر سلبي ام ايجابي علي الاقتصاد؟

الاحد 28 اغسطس 2022 | 05:16 مساءً
سوق العمل
سوق العمل
مهند أدهم

اثار تصريح نقيبة الأطباء الدكتورة شيرين غالب في حفل تخرج طب الأزهر بأسيوط بكلامها بعض التحفظات من بعض الجهات حول موضوع عمل المرأة، فكان رأي نقيبة الأطباء واضح وضوح الشمس حول أولوية اهتمام المرأة بعملها في المنزل قبل اهتمامها بالعمل خارجه، وحكت الدكتورة تجربتها التي اختارت فيها تخصص لا تعمل فيه لوقت طويل خارج المنزل من أجل الاهتمام بتربية أولادها، كلام عاقل وموزون بنسبة 100%

موجات غضب من بعض الجهات المعنية حول تصريحات الدكتورة واصفين إياها بخطوة نحو الوراء في خطوات التحرر وزيادة عمل المرأة في المجتمع، موجهين الاتهام إليها بالخطأ الجسيم الذي لا يصح ان يقال خصوصًا في حفل تخرج أمام عدد غفير من الطبيبات المتخرجات والمتشوقات للعمل بقوة وبطموح عالي.

ماذا لو اختفت كل النساء من سوق العمل؟

مع افتراضية تطبيق كلام نقيبة الأطباء – رغم صعوبة حدوثة بشكل كامل- و اخذت كل النساء بالنصيحة وتركن أعمالهن وركزنا علي عمل البيت وتركنا المجال للرجال فقط بمختلف الاعمار في سوق العمل هل ستزيد المرتبات ام سيكون لذلك تأثير سلبي؟

في البداية هناك قاعدة اقتصادية مهمة لابد من اخذها في الاعتبار وهي كلما قل المعروض زاد سعره وكلما زاد المعروض قل سعره، بمعني كلما قلت الكفاءات المطلوبة في سوق العمل في مهنة معينة كلما زادت مرتباتهم، فلو قلنا علي سبيل المثال في مهنة الطب ان المطلوب في سوق العمل من الأطباء هم 100 ألف والخريجين عددهم 20 ألف إذا النتيجة هو عجز كبير في الأطباء لكن في نفس الوقت سيكون مرتب الطبيب من ال20 الف مرتفع للغايه، اما في حالة كان الخريجين عددهم 400 الف طبيب إذا النتيجة ستكون مرتبات ضئيلة جدًا للطبيب وفي حالة شكوي الطبيب فهناك ألف طبيب غيره للعمل، بالطبع هذا مجرد مثال توضيحي لا اكثر.

فلو انسحبت النساء من سوق العمل سوف يقل عدد العاملين في المجالات المختلفة مما يعني زيادة في مرتباتهم، مما يعني تقليل نسبة البطالة للشباب لأن الفرص التي كانت تعمل فيها النساء ستكون متاحة للشباب ولن يكون أمام صاحب العمل خيار آخر.

لماذا يختار أصحاب العمل النساء بدلًا من الشباب في الوظائف؟

للكثير من الأسباب الحقيقية سواء اعترفنا بها او لا وهي كالتالي:

- يري الكثير من ارباب العمل ان المرأة ليست مسئولة عن فتح بيوت كما هي المسئولية الأساسية للشباب مما يعني ان معظم مرتب الموظفة سيكون لها بشكل كبير ولن تنفقه على أحد غيرها (نحن لا نتحدث عن عمل المرأة تحت الاضطرار فهنا حالة مغايرة لما نتحدث عنه) مما يعني رضاها بمرتب قليل بالمقارنة مع الموظف الرجل.

- في كثير من الأحيان في وظائف معينه يتطلب موظفة مرأة لأغراض تسويقية لجذب العملاء لمنتجات الشركة وهو مخالف تمامًا للمبادئ والقيم الأخلاقية الدينية والمجتمعية، لكن قلة الوعي الديني مع الأسف يجعل الكثير من الفتيات تعمل بها بالرغم من ان الموظف الشاب وببعض من مهارات البيع والإقناع سوف يكون مناسبًا وعلي الوجه الأمثل لكن نقطة المرتب ستكون عالية في حالة الطرف الأخير.

- زيادة المعروض يعني زيادة في فرصة الاختيار مما يعني تحكم صاحب العمل برقم المرتب، يعرف صاحب العمل جيدًا ان المتقدمين للعمل من النساء بعدد كبير بجانب اضعاف اضعاف من الشباب فهو يختار الفتاة لانها لن تتفاوض على المرتب كثيرًا وان المتقدمين كثر للعمل مما يعني قدرته علي تحديد المرتب وسيجد الكثير الموافقين علي عرضه.

- الموظف الشاب عليه مسئوليات أكثر من الموظفة مما يعني رغبته في زيادة المرتب بشكل دوري مما قد يشكل عقبة امام مدير العمل في دفع المرتبات عكس الفتيات.

الحل إذا؟

قبل ان تبدأ حملة الهجوم ضدي، انا لست ضد عمل المرأة بشكل كامل فالظروف الاقتصادية هذه الأيام وارتفاع الأسعار في العالم كله تجعل الفتيات تشارك مع الشباب في سوق العمل للوصول للحد الأدنى للمعيشة الكريمة، لكن لو تحدثنا بمبدأ الأحق احق ان يتبع فمن المفترض ان يكون سوق العمل بشكل كبير للشباب لترتفع المرتبات رغم عن انف مدير العمل لأن المعروض اقل من المطلوب او يساويه ، فيكون علي الزوج مثلًا القدرة علي الحصول علي مرتب مناسب للصرف علي اسرته والزوجة القدرة علي التركيز علي تربية الأولاد لكن الوضع الآن مأساوي للغايه، فالمرأة تنزل سوق العمل بطموح كبير – هذا ليس عيبًا- وبأقل المرتبات في البداية لتترقي في العمل بعد عدة سنين من العمل المتعب ظنًا منها انها بذلك تحقق ذاتها وكيانها، وتنسي بيتها وأولادها وتدع الشارع يربيهم ونحن نعرف نتيجة تربية الشوارع الكارثية، وفي النهاية تلقي اللوم علي المجتمع والناس في سوء اخلاق أولادها.

قبل ان تهاجمني مرة اخري هناك بعض الظروف المسموح بها عمل المرأة مجتمعيًا مثل الاضطرار فإذا كانت هي العائل الوحيد للأسرة فهنا لابد من عملها من أجل لقمة العيش لأن هنا لا يوجد حل آخر وسوف يتفهم المجتمع ذلك في هذه الحالة.

الاقتصاد يعترف بلغة الأرقام والحسابات ويستغل أصحاب العمل جيدًا توافر عدد كبير من المتقدمين من الشباب والفتيات لتحديد مرتبات قليلة وإن لم يعجبك فهناك الملايين غيرك، لكن في حالة تركيز الفتيات علي عمل المنزل وهو الأساس ومسئوليتها الأساسية فسيبقي عدد أقل مما يعني مرتبات اعلي للشباب للصرف على بيوتهم، والكل في النهاية رابح لا محالة.