«معيط» يجيب على سؤال: هل فرض صندوق النقد شروط على مصر؟


الجريدة العقارية السبت 27 ديسمبر 2025 | 11:09 مساءً
الدكتور محمد معيط
الدكتور محمد معيط
محمد فهمي

أكد الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي ووزير المالية السابق، أن مصر قادرة على إدارة شؤونها الاقتصادية طالما تسير وفق برنامج اقتصادي واضح ومعلن يتم تنفيذه للحفاظ على الاستقرار، وتحقيق معدلات نمو مستدامة، واستقرار سعر الصرف، وخفض أسعار الفائدة، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وأوضح معيط، خلال حواره مع الإعلامي أحمد موسى، أن وجود مصادر تمويل متنوعة وتحسن مناخ الاستثمار يقللان الحاجة إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن دور الصندوق يقتصر على المساندة وفتح الأبواب التمويلية عند الحاجة، وليس التدخل الدائم في السياسات الاقتصادية.

وردًا على الانتقادات المتعلقة بشروط صندوق النقد وتأثيرها على المواطنين، قال معيط إن الصندوق يناقش الحكومات في كيفية إدارة الموارد العامة، خاصة في ظل أرقام كبيرة لدعم الطاقة قد تصل إلى 250 مليار جنيه سنويًا، متسائلًا عن أولوية توجيه هذه الأموال مقارنة بقطاعات حيوية مثل التعليم والصحة.

وأضاف أن الصندوق لا يفرض إلغاء الدعم بقدر ما يدعو إلى إعادة هيكلته لتقليل أثره على المواطنين، من خلال برامج مثل «تكافل وكرامة» وزيادة الأجور، بدلًا من توجيهه بشكل غير كفء، موضحًا أن أي إصلاح اقتصادي تكون له آثار مؤقتة، لكنه يساهم في تحسين الأوضاع على المدى المتوسط.

وأشار معيط إلى أن التحدي الأساسي يتمثل في عجز الموازنة، الذي لا يمكن التعامل معه إلا عبر ترشيد الإنفاق أو زيادة الموارد أو اللجوء إلى الاقتراض، موضحًا أن خفض الدين وخدمة الدين يتطلب معالجة هذا العجز بصورة جذرية.

وأوضح أن صندوق النقد يؤدي أيضًا دور «المراجع الخارجي» الذي يمنح شهادة ثقة للاقتصاد المصري، وهو ما تطمئن إليه مؤسسات التصنيف الائتماني والبنوك التنموية والدول المانحة، مثل بنك التنمية الأفريقي وبنك التنمية الإسلامي، التي تتراجع عن التمويل إذا رأت تعثرًا في الأداء الاقتصادي.

وشدد معيط على أن اللجوء إلى الصندوق ليس خيارًا دائمًا، بل يتم عندما تقل البدائل التمويلية أو تحتاج الدولة إلى شهادة ثقة دولية تؤكد سلامة المسار الاقتصادي، مؤكدًا أن الإصلاح الاقتصادي يشبه العلاج الطبي المؤلم لكنه ضروري للتعافي.

وفيما يخص أسعار الفائدة، أوضح أن الحكومة اضطرت إلى الاقتراض بأسعار مرتفعة وصلت إلى 30% نتيجة ارتفاع سعر الإقراض والخصم لدى البنك المركزي، مقارنة بفترة انتهاء برنامج الإصلاح الأول في 2019-2020 حين كانت تكلفة الاقتراض تدور حول 10%.

وكشف أن فوائد الدين كانت في حدود 480 مليار جنيه عند بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016، واستقرت لعدة سنوات بين 530 و580 مليار جنيه، قبل أن تقفز إلى نحو تريليوني جنيه حاليًا، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة واتساع فجوة العجز بالموازنة.

وأشار إلى أن موازنة الدولة الحالية تبلغ مصروفاتها نحو 4.7 تريليون جنيه مقابل إيرادات تقدر بـ 3.2 تريليون جنيه، بعجز يصل إلى 1.5 تريليون جنيه يتم تمويله بالاقتراض، مؤكدًا أن هذه الأرقام تعكس الضغوط الحقيقية التي تواجه المالية العامة.

واختتم معيط حديثه بالتأكيد على أن بيان صندوق النقد الدولي الأخير أشار بوضوح إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية في مصر، وضرورة استكمال ما تبقى من البرنامج لتحقيق تعافٍ كامل، وزيادة معدلات النمو، والحفاظ على احتياطي نقدي قوي واستقرار اقتصادي مستدام.