الإيجار القديم على صفيح ساخن.. مواجهة جديدة بين الملاك والمستأجرين بسبب تسعير الشقق


100 إلى 4000 جنيه شهريًا.. تسعيرة الإيجارات القديمة تضرب ملايين الأسر المصرية | تفاصيل

الجريدة العقارية الاحد 14 ديسمبر 2025 | 02:16 مساءً
الإيجار القديم
الإيجار القديم
مصطفى محمد

قانون الإيجار القديم، عاد ملف الإيجارات إلى صدارة وسط تصاعد واضح في حدة التوتر بين الملاك والمستأجرين، بعد سنوات من الجدل المؤجل حول التسعير العادل، وحقوق كل طرف، وتأثير المتغيرات الاقتصادية على سوق السكن، وبين مطالب الملاك بإعادة تقييم القيمة الإيجارية في قانون الإيجار القديم، ومخاوف المستأجرين من موجات غلاء جديدة، تلوح في الأفق مواجهة اجتماعية قد تكون الأوسع منذ سنوات.

سوق إيجارات تحت ضغط اقتصادي

شهدت الإيجارات السكنية خلال العامين الماضيين ارتفاعات متتالية، مدفوعة بعوامل عدة، أبرزها التضخم، وزيادة أسعار مواد البناء، وارتفاع تكاليف الصيانة، فضلًا عن تراجع قيمة العملة، وهو ما انعكس مباشرة على العائد الحقيقي الذي يحصل عليه الملاك. ويرى كثير من الملاك أن القيمة الإيجارية الحالية، خاصة في العقود القديمة، لم تعد تعكس الواقع الاقتصادي ولا تغطي حتى الحد الأدنى من المصروفات.

الإيجار القديمالإيجار القديم

في المقابل، يؤكد مستأجرون أن أي زيادة جديدة في الإيجارات تمثل عبئًا لا يُحتمل، في ظل تآكل الدخول وارتفاع أسعار السلع والخدمات، معتبرين أن السكن حق أساسي لا يجب إخضاعه بالكامل لمنطق السوق.

أرقام الإيجارات القديمة بعد انتهاء لجان الحصر

مع إعلان لجان الحصر وتصنيف المناطق، انتظر المستأجرون تحديد مصيرهم بقلق.

في المناطق المتوسطة، ساد اعتقاد بأن 400 جنيه ستكون سقف الزيادة، لكن المفاجأة جاءت قاسية حين تلقى البعض خطابات الملاك بإيجارات تتخطى الـ 1000 جنيه شهرياً.

أما في المناطق الاقتصادية، فكانت الصدمة أكبر؛ من كان يدفع 100 جنيه أصبح مطالباً بـ1000 جنيه، ومن كان يدفع 200 جنيه قفز إيجاره إلى 2000 جنيه.

اما في المناطق المتميزة فالزيادة 20 ضعف بحد أدنى 1000 جنيه فمن كان يدفع 100 جنيه سوفي يدفع 2000 جنيه ومن كان يدفع 200 جنيه سوف يدفع 4000 جنيه.

وقد وُصفت هذه الزيادات من قبل المستأجرين بأنها غير متناسبة مع الدخول، ولا تعكس واقعهم المعيشي.

يصف متضررون ما يحدث بأنه حالة من الارتباك القانوني والإداري، حيث يرى كثيرون أن تطبيق الزيادات جاء دون تمهيد كافٍ أو توضيح تفصيلي لآليات التسعير، ما فتح الباب لاجتهادات متفاوتة بين الملاك.

الإيجار القديمالإيجار القديم

تصاعدت النقاشات، بعض المستأجرين بدأوا التفكير في اللجوء إلى القضاء، آخرون حاولوا التفاوض بأساليب تقليدية لم تعد مجدية، فيما يرى ملاك أن الزيادات تصحيح متأخر لخلل تاريخي.

تحذير شديد اللهجة بشأن التفاقم المحتمل لأزمة الإيجارات القديمة

وأطلق شريف الجعار، المحامي ورئيس اتحاد مستأجري الإيجار القديم، تحذيراً شديد اللهجة بشأن التفاقم المحتمل لأزمة الإيجارات القديمة في مصر، ويرجع الجعار هذا التفاقم إلى ما وصفه بـ "الاعتماد الحكومي على بيانات غير دقيقة" و"عدم الجاهزية الكافية" للتعامل مع هذا الملف الاجتماعي والاقتصادي الشائك.

جاءت تصريحات الجعار خلال لقائه في برنامج "كلمة أخيرة"، حيث قدم أرقاماً تباينت بشكل صارخ مع المعلن رسمياً.

تضارب في الأرقام الرسمية

وأكد أن هناك تضارب في الأرقام، وأن العدد الرسمي للمستأجرين المسجلين للحصول على سكن بديل لا يتجاوز 43 ألف مستفيد.

في المقابل، يقدر الجعار العدد الحقيقي للمستأجرين المتأثرين بالملف بأكثر من 30 مليون مواطن.

عائق أمام عملية الحصر

كما أشار إلى أن الفجوة ناتجة عن عدم تسجيل بعض الشقق أو إغلاقها، مما يعيق حصر الأزمة بشكل دقيق ويصعب بالتالي مهمة الحل.

وشدد رئيس الاتحاد على أن المشكلة الجوهرية تكمن في نقص المعروض من السكن البديل الذي يلبي الاحتياجات الفعلية للمواطنين، مما أدى إلى عدم تمكن الكثير من المستأجرين من التقدم للتسجيل.

الإيجار القديمالإيجار القديم

مراجعة عاجلة للآليات الحكومية

وفي الختام، طالب الجعار بـ مراجعة عاجلة للآليات الحكومية المتبعة في إدارة ملف الإيجار القديم، محذراً من أن استمرار الوضع الحالي سيزيد من حدة الأزمة التي تحمل أبعاداً اجتماعية واقتصادية واسعة.

ومن جانبه قال مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، إن التصريحات التي أدلى بها رئيس اتحاد المستأجرين بشأن ملف السكن البديل وأعداد المتأثرين بقانون الإيجار القديم «غير دقيقة على الإطلاق»، مؤكداً أن الحديث عن تأثر أكثر من 30 مليون مواطن لا يمت للواقع بصلة.

وأضاف عبد الرحمن في تصريحات خاصة لـ العقارية، أن الدولة أجرت في عام 2017 إحصاءً رسمياً لوحدات الإيجار القديم، بلغ 3 ملايين و119 ألف وحدة سكنية وإدارية وتجارية، وهو رقم معروف وموثق. ولفت إلى أن السنوات السبع الأخيرة شهدت تغيرات واسعة، من بينها نقل مناطق عشوائية بكاملها إلى مشروعات حضارية جديدة مثل الأسمرات، إلى جانب تعديلات 2022 الخاصة بالأنشطة التجارية الاعتبارية، وهو ما أدى إلى تراجع ملموس في عدد الوحدات الخاضعة للقانون القديم.

عدد شقق الإيجار القديم

وأوضح رئيس الائتلاف أن العدد الفعلي اليوم انخفض إلى نحو مليون و100 ألف وحدة فقط بين سكني وتجاري، من بينها 400 ألف وحدة مغلقة لا يسكنها أحد، بينما لا يتجاوز عدد الوحدات المشغولة فعلياً 700 ألف وحدة على مستوى الجمهورية.

وتساءل عبد الرحمن: «من أين جاء الأستاذ شريف بهذا الرقم الخيالي؟» مؤكداً أن الحسابات الواقعية تشير إلى أنه حتى إذا افترضنا متوسط ساكنين لكل وحدة، فإن عدد المستأجرين المتأثرين بالقانون لن يتجاوز مليون و400 ألف مواطن فقط، أي ما يعادل نحو 1.4% من سكان مصر.

وشدد عبد الرحمن على ضرورة الالتزام بالأرقام الرسمية وعدم تضليل الرأي العام، خاصة في ملف حساس مثل الإيجار القديم الذي تستند قراراته إلى بيانات دقيقة وليست تقديرات عشوائية.