لاجارد تحذّر من استخدام السياسة النقدية لحل أزمات الديون: "دروس التاريخ لا تُنسى"


الجريدة العقارية السبت 22 نوفمبر 2025 | 10:39 مساءً
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد
محمد عاطف

حذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، من خطورة التعامل مع أدوات السياسة النقدية باعتبارها مخرجًا سهلًا لأزمات الدين العام، في رسالة واضحة تردّ ضمنيًا على دعوات أحزاب اليمين المتطرف في فرنسا لإعادة تفعيل برامج شراء الأصول واسعة النطاق.

وخلال مشاركتها في اجتماع اللجنة الثلاثية الأوروبية في فيينا، أكدت لاجارد أن الحكومات قد تُغريها "قِصر النظرة" للضغط على البنوك المركزية لتمويل ديونها، رغم أن التاريخ يثبت مخاطر هذا التوجه. وأضافت أن هذا القلق غالبًا ما يظهر في الفترات التي ترتفع فيها مستويات الدين العام — كما هو الحال اليوم في عدد كبير من دول منطقة اليورو.

ضغوط سياسية متزايدة في فرنسا وإيطاليا

تصريحات لاغارد تأتي بعد أيام من تصريحات زعيم اليمين المتطرف في فرنسا جوردان بارديلا، الذي قال إن مناقشة الدين العام الفرنسي مع البنك المركزي الأوروبي "ستكون خطوة لا مفر منها". وكانت مارين لوبان قد طالبت العام الماضي بإعادة إطلاق التيسير الكمي لتمويل الاستثمارات المرتبطة بالمناخ.

إيطاليا تضغط أيضًا لخفض الفائدة

ولم تقتصر الضغوط عند فرنسا؛ إذ دعا وزراء في الحكومة الإيطالية، في مناسبات مختلفة، البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة أو تنفيذ برامج دعم نقدي تخفف أعباء الإنفاق الحكومي.

رسالة صارمة للحكومات الأوروبية

شددت لاجارد على أن السياسة النقدية ليست الحل الوحيد ولا الأسرع لتمويل الطموحات المالية للحكومات، معتبرة أن الاعتماد المفرط عليها يعرّض اقتصاد المنطقة لمخاطر طويلة المدى. وأكدت أن الحكومات مطالَبة بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتعزيز الانضباط المالي.

كما ذكرت أن استمرار تأجيل الإصلاحات يهدد بفقدان مزيد من الفرص الاقتصادية في منطقة اليورو، معتبرة أن السنوات الماضية شهدت "فترات ازدهار مهدرة" بسبب التباطؤ السياسي.

خفض الديون وتحفيز الإنتاجية.. طريق أوروبا للاستدامة

طالبت لاجارد الحكومات بتقليص مستويات الديون العامة والتركيز على الإنفاق الداعم للنمو المحتمل، خاصة الإنفاق على الابتكار، والاستراتيجيات طويلة المدى. 

وأشارت إلى أن النظام المالي الأوروبي يمنح الدول قدرًا من المرونة لتوسيع إنفاقها الإنتاجي، إلا أن عددًا قليلًا من الدول يستفيد من هذه الإمكانية.

بناء "حلقة إيجابية" للنمو

اختتمت لاجارد كلمتها بالتأكيد على أن زيادة الإنتاجية هي المفتاح لاقتصاد أوروبي أقوى وأكثر استدامة. وقالت إن الإنفاق الإنتاجي يرفع نموّ الإنتاجية، وهذا الأخير يولّد بدوره نموًا اقتصاديًا أوسع يدعم النموذج الاجتماعي الأوروبي على أسس أكثر صلابة.