لرسم خريطة الاقتصاد العالمي.. العالم يترقب خطة الصين الجديدة | تفاصيل


الجريدة العقارية الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 | 11:36 صباحاً
الاقتصاد الصيني
الاقتصاد الصيني
مصطفى محمد

في مشهد يعكس أهمية اللحظة، تتجه أنظار العالم إلى العاصمة بكين حيث تنعقد اجتماعات الحزب الشيوعي الصيني، التي ستحدد ملامح السياسات الاقتصادية والسياسية للسنوات الخمس المقبلة.

رسم مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم

الاجتماع، المعروف باسم البلينوم الرابع للجنة المركزية، يعقد خلف الأبواب المغلقة ويستمر 4 أيام، بمشاركة نحو 370 عضواً من كبار قادة الحزب، برئاسة الرئيس شي جين بينغ.

ويُنظر إلى هذا الاجتماع باعتباره محطة مفصلية لرسم مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وتزداد التحديات الداخلية تعقيداً.

خطة خمسية جديدة.. ولكن بلا مفاجآت كبرى

بحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” واطلعت عليه “العربية Business”، تهدف الاجتماعات إلى وضع اللمسات الأخيرة على الخطة الخمسية الجديدة (2026-2030)، التي ستُعلن تفاصيلها النهائية خلال جلسات مجلس الشعب الصيني في مارس المقبل.

ورغم الزخم السياسي والإعلامي، يتوقع خبراء أن الخطة لن تحمل تغييرات جذرية، إذ تميل القيادة الصينية إلى اتباع نمط تقليدي في صياغة سياساتها الاقتصادية طويلة الأمد.

أولويات الاقتصاد: بين الاستهلاك والتكنولوجيا

تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الاقتصاد الصيني سينمو بنحو 4.8% هذا العام، وهو رقم قريب من الهدف الرسمي البالغ 5%.

لكن وراء هذه الأرقام تقف تحديات حقيقية، أبرزها ضعف الاستهلاك المحلي، وتراجع الاستثمار، وتداعيات الحرب التجارية مع واشنطن.

وتتصدر قائمة الأولويات تعزيز الإنفاق الاستهلاكي وتحفيز الاستثمارات الداخلية، إلى جانب خطة واضحة لتقليص فائض الإنتاج في بعض الصناعات الثقيلة.

كما يركز الرئيس شي على جعل الصين قوة تكنولوجية عالمية، خصوصاً في مجالات الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية، في ظل القيود الأميركية المتزايدة على صادرات التكنولوجيا.

هل تتغير سياسة الاستهلاك في الصين؟

رغم محاولات الحكومة لتحفيز الإنفاق، عبر دعم برامج رعاية الأطفال وتقديم قروض استهلاكية، إلا أن ثقة المستهلكين ما زالت مهزوزة بعد انهيار سوق العقارات.

ويرى خبراء أن بكين بحاجة إلى سياسات أكثر جرأة لإنعاش الطلب المحلي، خاصة في قطاعات السيارات والأجهزة المنزلية، التي تعاني من فائض في المعروض وتراجع الطلب.

تحديات الداخل.. عقارات متعثرة وسكان يتقدمون في العمر

منذ جائحة كورونا، يواجه الاقتصاد الصيني تباطؤاً في التعافي، تفاقمه أزمة العقارات التي تسببت في فقدان آلاف الوظائف وتراجع الإنفاق الأسري.

كما تُحذر أستاذة الاقتصاد في جامعة "إنديانا" ويندي لويترت من أن الحكومة لا تزال متحفظة في زيادة الإنفاق على قطاعات أساسية مثل التعليم والرعاية الصحية ورعاية كبار السن، رغم أنها تمثل مفاتيح الاستقرار الاجتماعي.

ويُضاف إلى ذلك تحدي الشيخوخة السكانية، إذ ارتفع معدل بطالة الشباب إلى نحو 19%، ما يهدد قدرة الصين على الحفاظ على زخم النمو خلال العقد المقبل.

هدف طموح.. ومهمة صعبة حتى 2035

تسعى القيادة الصينية إلى مضاعفة حجم الاقتصاد بحلول عام 2035، وهو ما يتطلب الحفاظ على معدل نمو سنوي يتراوح بين 4% و5%.

ويرى الخبير الاقتصادي في بنك “UBS” نينغ زانغ أن المهمة صعبة لكنها ضرورية، قائلاً:

“الاستقرار والشرعية هما حجر الأساس بالنسبة للقيادة الصينية، لذلك تحاول إظهار قدرتها على تحسين جودة حياة المواطنين باعتبارها الركيزة الأساسية لثقة الشعب”.

الصين بين الطموح والحذر

وبينما تترقب الأسواق العالمية نتائج الاجتماعات، تبدو الصين ماضية في مسار يجمع بين الحذر السياسي والطموح الاقتصادي، مدفوعة برغبتها في تأكيد مكانتها كقوة اقتصادية لا يمكن تجاوزها في النظام العالمي الجديد.