ارتفعت أسعار الذهب في تعاملات، أمس الجمعة، مع تراجع الدولار الأمريكي واستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي عالميًا، مما عزز الإقبال على المعدن الأصفر كملاذ آمن، بينما شهدت أسعار البلاتين والبلاديوم تراجعًا بعد تسجيل مستويات مرتفعة في وقت سابق.
وسجل الذهب الفوري ارتفاعًا بنسبة 0.4% ليصل إلى 3,351.18 دولار للأوقية بحلول الساعة 03:53 مساءً بتوقيت الساحل الشرقي الأمريكي (07:53 مساءً بتوقيت غرينتش)، بعد أن تكبد خسائر بنسبة 1.1% في الجلسة السابقة. كما ارتفعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بالنسبة نفسها لتستقر عند 3,358.30 دولار للأوقية.
وأوضح إدوارد ماير، المحلل في شركة Marex، أن جميع المعادن الثمينة تحقق مكاسب عامة مستفيدة من ضعف الدولار، في وقت انخفض فيه مؤشر الدولار بنسبة 0.3%، وهو ما يجعل الذهب أكثر جاذبية لحاملي العملات الأخرى.
من جانبها، أشارت سوكي كوبر، محللة المعادن الثمينة في بنك ستاندرد تشارترد، إلى أن المخاوف بشأن ارتفاع الدين الأمريكي إلى جانب التطورات المتعلقة بالرسوم الجمركية ستُبقي الذهب في دائرة اهتمام المستثمرين خلال الفترة المقبلة، مؤكدة على استقرار مستوى الدعم الحالي للذهب إلى حد كبير.
توترات تجارية ومواقف نقدية غامضة
وتأتي هذه التحركات وسط استمرار حالة الترقب بشأن النزاعات التجارية، حيث تواصل إندونيسيا دراسة تفاصيل اتفاقها التجاري الجديد مع الولايات المتحدة، فيما أبلغت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين رئيس الوزراء الياباني بإمكانية التوصل إلى “اتفاق جيد” مع استمرار المفاوضات.
وفي سياق السياسة النقدية، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من الأسبوع إنه لا يخطط لإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، لكنه لم يغلق الباب أمام ذلك الخيار، مجددًا انتقاداته للمجلس لعدم خفض أسعار الفائدة.
ويتوقع المتعاملون في الأسواق أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بإجراء خفضين على أسعار الفائدة قبل نهاية العام الحالي بإجمالي 50 نقطة أساس، وهو ما يدعم أسعار الذهب باعتباره أحد الأصول التي لا تدر عائدًا وتتزايد جاذبيتها في أوقات انخفاض الفائدة وعدم اليقين الاقتصادي.
تراجع البلاتين والبلاديوم وصعود طفيف للفضة
في المقابل، انخفض سعر البلاتين الفوري بنسبة 2% إلى 1,428.65 دولار للأوقية، بعدما سجل في وقت سابق أعلى مستوى له منذ أغسطس 2014. وقال ديفيد ويلسون، كبير استراتيجيي السلع في BNP Paribas Markets 360، إن الطلب الفعلي على البلاتين من قبل المستثمرين الصينيين وقطاع المجوهرات قد يشهد تراجعًا في الربع الثالث من عام 2025، ما قد يضغط على الأسعار مستقبلًا.
كما تراجع سعر البلاديوم بنسبة 1.6% ليبلغ 1,259.09 دولار للأوقية، بينما حققت الفضة مكاسب طفيفة بنسبة 0.3% لتصل إلى 38.23 دولار للأوقية.
ورغم التحديات طويلة الأجل التي تواجه البلاديوم بسبب توسع سوق السيارات الكهربائية وزيادة المعروض من المعادن المعاد تدويرها، أوضح الدكتور جوناثان باتلر، رئيس قسم تطوير الأعمال في شركة Mitsubishi، أن النظرة المستقبلية للبلاديوم في الصين لا تزال إيجابية، وسط توقعات بزيادة الأحمال التحفيزية استعدادًا لدخول لوائح الانبعاثات “China 7” حيز التنفيذ بحلول عام 2028.
وتبقى حالة عدم اليقين الاقتصادي، إلى جانب التحركات في الأسواق المالية وتوجهات السياسة النقدية الأمريكية، عوامل رئيسية في تحديد اتجاه أسعار الذهب والمعادن الثمينة خلال الفترة المقبلة، وسط استمرار بحث المستثمرين عن أدوات تحوطية لحماية محافظهم من التذبذبات المستمرة في الأسواق العالمية.