الروبل الروسي يسجل أقوى أداء عالميًا ويتفوق على الذهب في 2024


الثلاثاء 15 ابريل 2025 | 06:06 مساءً
الروبل الروسي
الروبل الروسي
العقارية

سجل الروبل الروسي، قفزة قوية خلال العام الجاري، ليصبح العملة الأفضل أداءً على مستوى العالم، متجاوزًا بذلك الذهب، الذي يُعد تقليديًا أحد أكثر الملاذات الآمنة شهرة بين المستثمرين، وفقًا لبيانات جمعتها وكالة "الشرق بلومبرج".

الروبل الروسي

بحسب البيانات، حقق الروبل مكاسب بنسبة 38% مقابل الدولار في سوق التداول خارج البورصة منذ بداية العام، وذلك نتيجة عدة عوامل داخلية، أبرزها معدلات الفائدة المحلية المرتفعة بشكل غير مسبوق، في الوقت الذي يواجه فيه الدولار الأمريكي ضغوطًا متزايدة نتيجة تصاعد الحروب التجارية التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وصرّحت صوفيا دونيتس، كبيرة الاقتصاديين في شركة "T-Investments"، أن الروبل، وعلى عكس معظم عملات الأسواق الناشئة، لا يعاني من ضغوط ناتجة عن هروب رؤوس الأموال، وهو ما تُعزوه إلى القيود الصارمة المفروضة على حركة رأس المال، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض المحلي، مما يدعم العملة الروسية في مواجهة التحديات الخارجية.

الروبل الروسي أمام الدولار الأمريكي

رغم استمرار العقوبات الغربية المفروضة على موسكو منذ غزو أوكرانيا في فبراير 2022، فإن العوامل الداخلية لعبت دورًا كبيرًا في تعزيز أداء الروبل، خاصة أمام ضعف الدولار الأمريكي.

ومع ذلك، فإن هذا الصعود السريع للعملة قد تكون له تداعيات سلبية على إيرادات الدولة، إذ أن ارتفاع قيمة الروبل يعني خفض قيمة العائدات المتحصلة من صادرات الطاقة، وهي العائدات التي تعتمد عليها الدولة في تمويل الإنفاق العسكري والاجتماعي المتزايد.

سعر الفائدة في روسيا

في المقابل، يستمر البنك المركزي الروسي في تبني سياسة نقدية شديدة التشدد لكبح جماح التضخم، حيث أبقى سعر الفائدة الأساسي عند مستوى 21%، وهو ما ساهم في تقليل الواردات وبالتالي خفض الطلب على العملات الأجنبية.

وتواصل السلطات الروسية فرض تعليمات على المصدرين ببيع جزء من عائداتهم بالعملات الأجنبية داخل السوق المحلية، مما يوفّر مزيدًا من الدعم للعملة الوطنية.

في هذا السياق، أدى ما يُنظر إليه على أنه "انفراجة" في سياسة واشنطن تجاه موسكو إلى عودة جاذبية الروبل كأداة مفضلة في صفقات "تجارة الفائدة"، والتي تعتمد على الاقتراض بعملات منخفضة الفائدة، ثم الاستثمار في عملات مرتفعة العائد مثل الروبل.

وفي تحليله للمشهد، قال إسكندر لوتسكو، رئيس قسم الأبحاث وإدارة المحافظ في شركة "Istar Capital" بدبي، إن بعض المستثمرين الأجانب، وعلى الرغم من استمرار مخاطر العقوبات، يتجهون إلى الدول الحليفة لروسيا بحثًا عن الأصول المقوّمة بالروبل ذات العوائد المرتفعة.

وأضاف أن الشركات الروسية تلجأ إلى إعادة تمويل ديونها المحلية مرتفعة التكلفة من خلال قروض أرخص باليوان الصيني، ما يؤدي إلى مزيد من تحويل العملات الأجنبية إلى الروبل.

الدولار الأمريكي

من جهة أخرى، انخفض الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر، أمس الإثنين، نتيجة استمرار عدم الاستقرار في السياسات التجارية الأمريكية، مما تسبب في تراجع ثقة المستثمرين تجاه الأصول الأمريكية مثل الدولار وسندات الخزانة.

ومع تزايد حالة عدم اليقين، اتجه المستثمرون نحو الذهب كبديل، ما ساعد المعدن النفيس على تسجيل مكاسب بلغت 23% منذ بداية العام، ليأتي في المرتبة الثانية بعد الروبل من حيث الأداء أمام الدولار.

وتُظهر بيانات البنك المركزي الروسي، أن الروبل ارتفع بنسبة 19% فقط في السوق المحلية، حيث بلغ سعره 82.7671 مقابل الدولار منذ بداية العام، وهو ما يقل عن المكاسب المسجلة في السوق العالمية.

ويعود سبب هذا التباين إلى أن أسواق روسيا كانت مغلقة في نهاية العام الماضي بسبب العطلات، بينما استمرت التداولات الدولية، مما أدى إلى اختلاف في أسعار الصرف، كما أن تداول الدولار لا يزال معلقًا في بورصة موسكو منذ فرض العقوبات الأمريكية في صيف 2024، مما دفع الأنشطة المرتبطة بالدولار إلى أسواق التداول خارج البورصة، وهو ما أدى بدوره إلى تعقيد عملية التسعير وخلق فجوة بين السعر المحلي والدولي للعملة.

وقد جاء هذا الأداء القوي للروبل مفاجئًا حتى للحكومة الروسية، التي كانت قد وضعت موازنة عام 2025 على أساس متوسط سعر صرف يبلغ 96.5 روبل للدولار، وهو أضعف بنسبة 14% من السعر الحالي، مما قد يؤدي إلى انخفاض عائدات التصدير في ظل هبوط أسعار النفط.

متوسط سعر صرف الروبل

في استطلاع أجراه بنك روسيا المركزي، في مارس الماضي، توقعت الأغلبية أن يبلغ متوسط سعر صرف الروبل نحو 98.5 روبل للدولار بنهاية العام، ما يعكس تحفظًا كبيرًا في توقعات السوق.

وأشار البنك المركزي، في ملخص مناقشاته الأخيرة بشأن الفائدة، إلى أن صعود الروبل يعود جزئيًا إلى اهتمام المستثمرين المتجدد بالأصول الروسية، في ظل تحسن نسبي في الأوضاع الجيوسياسية، إلى جانب استمرار الفائدة المرتفعة كمحرك رئيسي لدعم العملة.

وقال: "لا توجد محفزات واضحة حاليًا لضعف الروبل، خاصة في ظل استبعاد أي خفض لأسعار الفائدة خلال الربع القادم".