توقع بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي استمرار تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي خلال الفترة المقبلة، وإن كان ذلك بوتيرة معتدلة، في ظل قوة العملة الأمريكية عالميًا واستمرار عجز الحساب الجاري المصري.
وأوضح البنك في تقرير حديث أن الدعم المالي الإماراتي والمساعدات الدولية أسهما في تهدئة سوق الصرف الأجنبي بمصر، ما أدى إلى تصحيح الاختلالات، خاصة فيما يتعلق بوضع الأصول الأجنبية للبنوك التجارية.
ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية
وأشار التقرير إلى ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري إلى 46.4 مليار دولار في ديسمبر 2024، باستثناء الذهب، مقارنة بـ 33.2 مليار دولار في ديسمبر 2023. وتوقع البنك أن تصل الاحتياطيات إلى 52 مليار دولار بنهاية يونيو 2025.
مرونة أكبر للجنيه
أوضح "بي إن بي باريبا" أن الجنيه المصري أصبح أكثر مرونة، حيث تراجعت قيمته بنسبة 5.5% في النصف الثاني من 2024. ومع ذلك، شهدت سوق الصرف استقرارًا نسبيًا خلال هذه الفترة، ما يعكس رغبة البنك المركزي في الحفاظ على السيطرة.
تراجع عجز الحساب الجاري
رجح التقرير انخفاض عجز الحساب الجاري لمصر إلى 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الحالي، مقارنة بـ 5.4% في العام الماضي، مع توقع استمرار التراجع إلى 4.2% في العام المالي 2025/2026.
نمو تدريجي للاقتصاد المصري
قال "بي إن بي باريبا" إن الاقتصاد المصري بدأ في التعافي التدريجي بعد تراجع النشاط خلال 2024 بسبب أزمة ميزان المدفوعات. وتوقع أن يسجل متوسط النمو 4% في العام المالي 2025، مع احتمالات ارتفاعه إلى 4.7% في 2026.
ورهن البنك هذا التعافي باستقرار سوق الصرف الأجنبي وتخفيف الضغوط على السيولة الدولارية، مشيرًا إلى أن استهلاك الأسر سيكون المحرك الرئيسي للنمو في المرحلة الأولى، على أن يصبح التعافي أكثر توازنًا بحلول 2026.
ضعف الاستثمارات الخاصة
أوضح التقرير أن الاستثمارات الإنتاجية للقطاع الخاص لن تشهد انتعاشًا فعليًا قبل 2026، بسبب استمرار ضعف استغلال الطاقات الإنتاجية، والتي تبلغ حاليًا أقل من 70%، في حين أن تحقيق موجة استثمارية جديدة يحتاج إلى معدلات تشغيل تفوق 90%.
التضخم وقرارات الفائدة
رغم تباطؤ التضخم، أكد البنك أنه لا يزال أعلى بكثير من مستهدف البنك المركزي البالغ 7% (±2%). وتوقع انخفاضه إلى متوسط 19.8% في العام المالي 2025، و10% في 2026.
كما رجح بدء البنك المركزي المصري دورة تيسير نقدي (خفض أسعار الفائدة) في الربع الأول من 2025، لكنه أشار إلى أن هذا الخفض سيكون تدريجيًا، بسبب المخاوف المرتبطة بتوقعات التضخم.
عجز الموازنة والدين العام
رأى البنك أن هدف الحكومة لتحقيق فائض أولي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام "طموح"، في ظل ارتفاع تكلفة الفوائد التي تمثل 55% من الإيرادات.
وتوقع انخفاض عجز الموازنة إلى 6.8% في العام المالي الحالي، و5.3% في 2026، مع تراجع نسبة الدين العام إلى 83% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 94% في 2024.
الاضطرابات الجيوسياسية وتأثيرها
أشار "بي إن بي باريبا" إلى أن استمرار التوترات في البحر الأحمر يؤثر على قناة السويس، أحد مصادر النقد الأجنبي الأساسية لمصر. ومع ذلك، فإن أي تهدئة للصراع بين إسرائيل وحماس قد تعزز حركة الملاحة والسياحة.