قال الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، إن توجّه اليابان نحو إنشاء منطقة اقتصادية تربط القارة الآسيوية بالقارة الأفريقية يعكس تحولًا استراتيجيًا في سياسة طوكيو الخارجية، بهدف موازنة النفوذ الصيني المتزايد في أفريقيا، لا سيما بعد أن ضخّت بكين نحو تريليون دولار خلال العشرين عامًا الماضية عبر مبادرة "الحزام والطريق"، معظمها في شكل ديون أثقلت كاهل عدد من دول القارة.
وأضاف أنيس، في مداخلة مع قناة إكسترا نيوز، أن أفريقيا، وخاصة منطقة جنوب الصحراء، تظل آخر المناطق الجغرافية التي لم تنل نصيبها من التنمية منذ الحرب العالمية الثانية، رغم ما تملكه من موارد طبيعية ضخمة. وأشار إلى أن اليابان، بدفع من الولايات المتحدة، بدأت تتحرك لملء الفراغ الذي خلفه التراجع الأوروبي والتمدد الصيني والروسي، إلا أن طوكيو ستظل تؤدي دورًا ثانويًا ما لم تتوسع بشكل كبير في ضخ الاستثمارات التنموية وليس فقط المنح أو الدعم الفني.
وأكد أن اليابان تمتلك مقومات كبيرة تؤهلها للعب دور فاعل في أفريقيا، من بينها الفوائض المالية، والتكنولوجيا المتقدمة، لكنها تفتقر إلى القاعدة البشرية الكافية لتفعيل تلك الشراكات على الأرض. وأوضح أن السبيل الأمثل لتعاون مثمر هو من خلال الاستثمار في قطاعات التصنيع الإلكتروني والآلات، وهي مجالات تتقنها اليابان وتحتاجها أفريقيا بشدة.
وحول استفادة اليابان من قمة "تيكاد 9" بمشاركة نحو 50 دولة أفريقية، قال أنيس إن هذا الحدث يمنح طوكيو فرصة استراتيجية لتعزيز وجودها الاقتصادي في القارة، من خلال شراكات تنموية تركز على نقل التكنولوجيا، واستخدام اليد العاملة الرخيصة، واستغلال الموارد الطبيعية في الدول الأفريقية، وهو ما يضمن مكاسب متبادلة للطرفين ويحد من تغوّل النموذج الصيني المعتمد على الديون.
وفيما يخص الفرص الاستثمارية في مصر، دعا أنيس إلى توسيع التعاون مع اليابان في قطاع تصنيع السيارات، خصوصًا في ظل المنافسة الشرسة مع الصين، معتبرًا أن مصر مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا لتصنيع السيارات اليابانية سواء التقليدية أو الكهربائية، بالإضافة إلى توطين صناعات التكنولوجيا الدقيقة والرقائق الإلكترونية.
وأكد أن توفير بيئة استثمارية مستقرة للمستثمر الياباني يتطلب عدة عناصر، أبرزها: استقرار تشريعي وضريبي، أراضٍ صناعية مرفقة، عمالة فنية مدرّبة، وتحول رقمي شامل لتقليل البيروقراطية. وأشار إلى أن تحقيق هذه المعادلة سيمكن مصر من جذب استثمارات يابانية ضخمة تسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوطين التكنولوجيا.