قال تقرير حديث لوكالة بلومبرج الأمريكية، إن
مصر شهدت تغييرات جذرية وحاسمة فيما يتعلق بأزمة نقص الدولار وما تبعها من اجراءات
صعبة كان ابرزها اتخاذ المركزى المصرى قراره التاريخى بتعويم أسعار الصرف، مشيرة إلى
أن فترة استقرار الجنيه مقابل الدولار والتى دامت حوالى 11 شهرا قد انتهت، وأن الجنيه
المصرى سيبدأ رحلة من الارتفاعات التدريجية تأتى تزامنا مع زيادة العملة الأجنبية فى
البلاد وتوفير مزيد من السيولة الدولارية لدى البنك المركزى والجهاز المصرفى المصرى
من خلال مصادر الدخل المختلفة، متوقعة أن يبدأ الدولار فى التراجع خلال الفترة المقبلة
عن المستويات التى تحوم عند 18 جنيهاً للدولار الواحد.
وقال طارق عامر.. محافظ المركزى المصرى خلال
مقابلة حديثة مع تليفزيون بلومبرج إن قوانين القطاع المصرفى فى مصر بحاجة إلى إصلاح
شامل، مشيراً وفقا لبلومبرج إلى أن إصلاحا شاملا لقوانين القطاع المصرفى يأتى على رأس
أولويات البنك المركزى المصرى بعيدا عن الحديث عن أسعار الفائدة والتضخم.
وأشار التقرير إلى أن لجوء الشركات والمستثمرين
الأجانب إلى السوق المفتوحة للحصول على احتياجاتهم من الدولار يعد إشارة إيجابية تؤكد
اتجاه الدولار للهبوط مقابل الجنيه، فعلى الرغم من أن هذا التوجه جاء معززا بالرسوم
التى فرضها البنك المركزى المصرى يواقع 1٪ إلا أن هذا التوجه يؤكد أن الدولار بات متاحا
ويمكن الحصول عليه فى مصر.
وقال بلال خان، وهو كبير الاقتصاديين فى بنك
ستاندرد تشارترد، وفقا لتقرير بلومبرج إنه مع زيادة عدد المستثمرين الذين يضخون الدولار
فى السوق ما بين البنوك، فإن ارتفاع سعر الجنيه المصرى سيزداد على الأرجح خلال الفترة
المقبلة، حيث إن المعروض من العملة الأجنبية فى ارتفاع مستمر.
وأضاف كبير الاقتصاديين فى بنك ستاندرد تشارترد أن قوى السوق ستضطلع بدور أكبر
فى تحديد سعر الصرف من ذى قبل، حيث أن السياسة المتاحة الآن باتت متروكة فى تحديد أسعار
صرف الدولار وفقا لآليات السوق المفتوحة المتمثلة فى العرض والطلب مشيرا إلى أن الجنيه
الذى فقد ما يزيد على نصف قيمته عقب التعويم، نجح فى أن يظل مستقرا نسبيا عند حوالى
18جنيهاً لكل دولار أمريكى لمدة عام تقريبا.
وقالت وكالة بلومبرج إن الحكومة المصرية لجأت
إلى السوق الخارجية لتمويل احتياجتها من الدولار لتخفيف الطلب على العملة الأجنبية
فى السوق المحلى، وهو ما يعد إشارة إلى أن البلاد باتت تحصل على الدولار بشكل أكثر
سهولة من ذى قبل، وهو ما ساعد على إنهاء أزمة نقص العملة والتى نجح المركزى المصرى
فى إنهائها.
وأشار التقرير إلى أن العائد على الإصدار الأخير
للسندات الدولية المصرية فى السوق العالمية انخفض بنسبة تتراوح من 0.5٪ إلى 1٪، نتيجة
ارتفاع الثقة فى قدرة البلاد على الوفاء بالتزامتها لدولارية مقابل الشركاء الأجانب،
لتجذب السندات التى طرحته مصر بنحو 4 مليارات دولار ما يزيد على 12.5 مليار دولار بمعدل
تغطية 3 مرات، وسط احتمال للعودة لسوق السندات خلال الفترة من إبريل إلى يونيو بطرح
فى حدود 3 مليارات دولار.
ولفت التقرير إلى أن مالكى السندات المصرية وأذون
الخزانة قاموا بتداول مئات الملايين من الدولارات فى السوق ما بين البنوك فى الأسابيع
الخمسة الأولى من عام 2018، وفقا لأشخاص مطلعين على هذه المسألة، وقال مديرو صناديق
ومستثمرين كبار لبلومبرج إن ما يقرب من 20٪ إلى 30٪ من صفقات العملات الأجنبية المرتبطة
بالديون جاءت عبر السوق المفتوحة.
وأضافت المصادر التى نقلت عنها بلومبرج أن باقى
التداولات على السندات وأذون الخزانة يأتى عبر الآليات المعلنة التى حددها البنك المركزى
المصرى والتى يضمن من خلالها للمستثمرين استرداد أموالهم عبر رسوم محددة سلفا.
وأشار التقرير أن هذا يعد تحولا ملحوظا وبارزا
بالنسبة لبلد كان يواجه أزمة كبيرة فى نقص العملة فى وقت مضى، حيث كان من المتعذر أو
المستحيل على المستثمرين الأجانب إعادة الأرباح إلى بلدانهم، والذى كان يعد سببا من
الأسباب التى دفعت واضعى السياسات إلى تعويم العملة ورفع معظم القيود فى أواخر عام
2016، ولكن الأمر استغرق شهورا للمستثمرين لبناء ثقة كافية للتخلى عن ضمان استعادة
الأموال.
وتابع التقرير أن أحد الأسباب التى دفعت لتحول
المستثمرين إلى السوق المفتوحة هو أن الدولارات كانت متاحة بسهولة أكبر، إضافة إلى
أن البنك المركزى رفع تكلفة استخدام آلية اعادة السيولة الدولارية إلى البلاد، مع تطبيق
رسم دخول بنسبة 1٪ تخصم من إجمالى المبلغ.
ولفت التقرير إلى أن البنوك المصرية استخدمت
بالفعل السوق المفتوحة لعدة أشهر مشيرة إلى أن التداول بالدولار، الذى لم يكن موجودا
تقريبا قبل تحرير أسعار الصرف، فيما وصلت تداولات الدولار عقب التعويم بين البنوك نحو
9 مليارات دولار فى سبتمبر الماضى، وارتفع بنسبة 60٪ خلال شهر ينايرالماضى.
وأشار تقرير بلومبرج إلى أن النظام الجديد الذى
وضعه البنك المركزى المصرى ساعد الأجانب على شراء سندات بالعملة المحلية بقيمة 20 مليار
دولار، وحافظ هذا النظام القوى على إتاحة الفرصة للمستثمرين لاستعادة أموالهم وهو ما
عزز استقرار الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة الماضية، حيث يتم تشجيع المزيد من المستثمرين
على استخدام السوق البنكية فى نقل السيولة الدولارية.
وأضاف التقرير أن التحسن فى سعر الصرف وارتفاع
السيولة الدولارية لدى الجهاز المصرفى، سينعكس إيجابا على الديون المصرية الخارجية
حيث ينخفض العائد على إصدارات الدين الخارجية، وهو ما يتيح للبنك المركزى المصرى خفض
معدلات الفائدة وبالتالى انخفاض تكلفة الاقتراض الداخلى عبر أذون الخزانة والخارجى
من خلال السندات.
وقال محافظ المركزى المصرى طارق عامر خلال مقابلة
حديثة مع تليفزيون بلومبرج أن قوانين القطاع المصرفى فى مصر بحاجة إلى إصلاح شامل،
مشيرا وفقا لبلومبرج إلى أن إصلاحا شاملا لقوانين القطاع الصرفى يأتى على رأس أولويات
البنك المركزى المصرى بعيدا عن الحديث عن أسعار الفائدة والتضخم، خاصة أن الإصلاح الشامل
لقوانين القطاع المصرفى يستهدف تقديم الحوكمة للقطاع بشكل أفضل، مشيرا إلى أن مسئولية
المركزى لا تنحصر فى ضبط الساسة النقدية وحسب، بل تمتد لضبط وتنظيم دعائم القطاع حتى
لا تحدث حالة من التراخى.
وقالت بلومبرج وفقا لتصريحات محافظ المركزى المصرى
إن قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى يخضع فى الوقت الحالى لتعديلات كبيرة، مشيرا
إلى أن الهدف من تلك التعديلات يتمثل فى القدرة على تحقيق الاستقرار المالى عن طريق
تقديم الوساطة المالية بالسوق بطريقة فعلية، لافتا إلى أن تحقيق هذا الإصلاح يستلزم
حصول السلطات النقدية على دعم كبير من البرلمان والمجتمع.