2025 عام الذهب.. مكاسب تاريخية تعيد المعدن الأصفر للصدارة.. فلماذا كان استثنائياً؟


الجريدة العقارية السبت 20 ديسمبر 2025 | 10:58 مساءً
حصاد الذهب 2025
حصاد الذهب 2025
محمد عاطف

سجّل الذهب في عام 2025 أقوى موجة صعود له منذ أزمة النفط عام 1979، بعدما تضاعفت أسعاره خلال العامين الماضيين، وهو أداء كان يُنظر إليه تقليديًا باعتباره مقدمة لتصحيح حاد في الأسواق. 

إلا أن المشهد الحالي يبدو مختلفًا، مع اتساع قاعدة المستثمرين وتعدد العوامل الداعمة، ما دفع مؤسسات مالية كبرى إلى ترجيح استمرار الصعود خلال الفترة المقبلة.

وتتوقع بنوك عالمية مثل جي بي مورجان وبنك أوف أمريكا، إلى جانب شركة ميتالز فوكس الاستشارية، أن يصل سعر الذهب إلى 5 آلاف دولار للأونصة خلال عام 2026، مدعومًا بعوامل تتراوح بين السياسة النقدية الأمريكية، والتوترات الجيوسياسية، والحرب في أوكرانيا.

أسعار قياسية وطلب متنامٍ

وبحسب بيانات رويترز، لامست أسعار الذهب الفورية مستوى قياسيًا بلغ 4381 دولارًا للأونصة في أكتوبر، بعد أن كانت قد وصلت إلى 3000 دولار قبل مارس، مدفوعة بزيادة الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين، إلى جانب دخول فئات جديدة إلى السوق، من بينها مُصدرو العملات المستقرة وأمناء خزائن الشركات.

وقال مايكل ويدمر، الاستراتيجي في بنك أوف أمريكا، إن عمليات الشراء يقودها السعي لتحقيق مزيد من المكاسب وتنويع المحافظ الاستثمارية، في ظل العجز المالي الأمريكي، والسياسات الرامية إلى تقليص عجز الحساب الجاري، إضافة إلى توجهات ضعف الدولار.

من جانبه، أشار فيليب نيومان، المدير الإداري في شركة ميتالز فوكس، إلى أن المخاوف المتعلقة باستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، والنزاعات التجارية، والتوترات الجيوسياسية، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، تشكل دعماً إضافياً لأسعار الذهب.

البنوك المركزية ترسّخ الاتجاه الصاعد

وللعام الخامس على التوالي، يُتوقع أن يشكّل تنويع البنوك المركزية لاحتياطياتها بعيدًا عن الدولار ركيزة أساسية لدعم الذهب في عام 2026. ويشير محللون إلى أن هذه البنوك تميل إلى الشراء عندما تتراجع الأسعار وتضعف مراكز المستثمرين.

وقال جريجوري شيرر، رئيس استراتيجية المعادن الثمينة في جي بي مورجان، إن مستويات الأسعار الحالية تتمتع بدعم أقوى بكثير مقارنة بالمراحل السابقة، بفضل الطلب المستمر من البنوك المركزية.

وتقدّر جي بي مورجان أن استقرار الأسعار يتطلب طلبًا ربع سنويًا بنحو 350 طنًا متريًا، بينما قد يصل متوسط مشتريات البنوك المركزية إلى 585 طنًا ربع سنويًا في عام 2026.

وأضاف شيرر أن حيازات المستثمرين من الذهب ارتفعت إلى 2.8% من إجمالي الأصول المُدارة، مقارنة بـ1.5% قبل عام 2022، مشيرًا إلى أن هذه النسبة لا تمثل بالضرورة سقفًا نهائيًا.

توقعات قياسية لعام 2026

وعلى صعيد التوقعات، رجّح مورجان ستانلي أن يبلغ سعر الذهب 4500 دولار للأونصة بحلول منتصف 2026، في حين توقع جي بي مورجان أن يتجاوز متوسط الأسعار 4600 دولار في الربع الثاني، ويرتفع إلى أكثر من 5000 دولار في الربع الرابع. كما تتوقع ميتالز فوكس بلوغ هذا المستوى بحلول نهاية 2026.

في المقابل، حذّر بنك التسويات الدولية من أن الارتفاع المتزامن في أسعار الذهب والأسهم لم يُسجل منذ نحو 50 عامًا، ما يثير تساؤلات حول احتمالات تشكل فقاعة في السوقين.

الذهب بين التحوط والمخاطر

ويرى محللون أن جزءًا كبيرًا من الطلب على الذهب خلال 2025 جاء كوسيلة للتحوط من التصحيحات المحتملة في أسواق الأسهم، خاصة في ظل تصاعد التوترات التجارية والخلافات بين القوى الاقتصادية الكبرى.

لكنهم يحذرون في الوقت ذاته من أن التصحيحات الحادة في الأسهم قد تدفع بعض المستثمرين إلى بيع الذهب لتغطية الخسائر، ما يشكل خطرًا مؤقتًا على أسعاره.

وتتوقع نيكي شيلز، رئيسة استراتيجية المعادن في شركة MKS PAMP، أن يبلغ متوسط سعر الذهب 4500 دولار في 2026، مؤكدة أن المعدن الأصفر بات يتجه ليصبح أصلًا استثماريًا طويل الأجل في المحافظ، وليس مجرد أداة تحوط دورية.

صناديق الاستثمار والطلب الاستهلاكي

في المقابل، يُتوقع أن تتباطأ مشتريات البنوك المركزية وتدفقات الأموال إلى صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب خلال العام المقبل، مع تراجع الطلب على المجوهرات، الذي انخفض بنسبة 23% في الربع الثالث.

وقالت آمي غاور، استراتيجية السلع في مورجان ستانلي، إن ما شهدته الأسواق في أكتوبر من إقبال واسع على شراء السبائك والعملات يعكس تحولًا من المجوهرات إلى الاستثمار، وهو اتجاه قد يستمر في 2026.

العملات الرقمية تدخل المشهد

ومن التطورات اللافتة، دخول شركة تيثر، مُصدرة أكبر عملة مستقرة في العالم، إلى سوق الذهب كمستثمر مؤسسي، بعدما اشترت نحو 26 طنًا من الذهب في الربع الثالث، وهو ما يفوق بخمسة أضعاف مشتريات البنك المركزي الصيني خلال الفترة نفسها.

ورغم ذلك، يرى محللون أن تعميم هذه التجربة يظل محدودًا، خاصة مع عدم إدراج الذهب كأصل احتياطي ضمن قانون GENIUS الأمريكي.

كما قد يأتي دعم إضافي من آسيا، بعد سماح الهند والصين لبعض صناديق التقاعد والتأمين بالاستثمار في الذهب، رغم أن حجم هذه المشتريات لا يزال محدودًا حتى الآن بسبب ارتفاع الأسعار.