عودة تدريجية للملاحة في قناة السويس: هدية محتملة لأسواق السلع في 2026

في ظل انحسار الهجمات على السفن في البحر الأحمر، بدأت شركات الشحن العالمية اختبار العودة الحذرة إلى مسار قناة السويس، مما يبشر بتعافٍ تدريجي قد يصل ذروته في عام 2026، ويخفض تكاليف النقل والسلع عالمياً.

تعرض قطاع الشحن البحري العالمي لسلسلة من الاضطرابات منذ عقدين، بلغت قمة شدتها مع تعطل مسار البحر الأحمر وقناة السويس منذ أواخر 2023، بسبب هجمات جماعة الحوثيين اليمنية.

ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى احتمال قوي لعودة الملاحة الكاملة في 2026، مما سيقلل تكاليف الشحن ويخفف الضغوط على سلاسل التوريد العالمية.

تُعد قناة السويس ممراً حيوياً يمر عبره نحو 15% من التجارة العالمية في السلع، وتصل النسبة إلى ضعف ذلك تقريباً في حركة الحاويات.

أسباب التراجع السابق في حركة القناة

منذ نوفمبر 2023، أدت هجمات الحوثيين إلى إغراق أربع سفن على الأقل، وإشعال النار في أخرى، وقتل بحارة، مما دفع الشركات إلى تحويل مساراتها حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا.

أضاف هذا التحويل نحو 10 أيام إلى رحلات آسيا-أوروبا، وملايين الدولارات إلى التكاليف. يقدر بنك ING أن هذا يؤثر حالياً على 6% من الطاقة العالمية للأساطيل.

جاءت هذه الأزمة بعد سنوات صعبة شملت جائحة كوفيد-19، الحرب التجارية الأمريكية-الصينية، جنوح سفينة "إيفر جيفن" في 2021، وجفاف قناة بنما في 2023-2024.

مع وقف إطلاق النار في غزة أواخر 2025، تراجعت الهجمات، وأعلن الحوثيون تعليق عملياتهم بشرط الالتزام بالهدنة، مما فتح الباب أمام عودة محتملة.

استغرقت 24 ساعة.. نجاح عملية عبور الحوض العائم عبر قناة السويس

اختبارات حذرة للعودة

رغم التصريحات الرسمية بعدم العودة الكاملة بعد، بدأت الشركات اختبار المسار بحذر عبر سفن فردية، بما في ذلك أكبر سفن الحاويات.

سجلت بيانات بلومبرغ زيادة في عبور السفن خلال نوفمبر 2025، وهو الأعلى منذ أكثر من عام.

أبرز التطورات

أعلنت شركة CMA CGM الفرنسية (ثالث أكبر شركة شحن عالمياً) استئناف خدمة منتظمة عبر قناة السويس في خطوطها مثل INDAMEX ابتداءً من يناير 2026، مع تقليص زمن الرحلة أسبوعين.

كما أشار فينسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لميرسك، إلى أن استمرار الهدنة يمثل خطوة كبيرة نحو العودة.

مخاوف القطاع الثلاثة الرئيسية

الأمن الجيوسياسي: يعتمد الهدوء في البحر الأحمر على استدامة السلام في غزة؛ أي انهيار قد يعيد الهجمات.

تجنب الاضطراب المزدوج: الشركات تخشى العودة المبكرة ثم التراجع مجدداً، لذا تفضل فترة اختبار تصل إلى 6 أشهر، مع التركيز على رحلات العودة ذات الحمولة الأقل.

التكاليف: ارتفاع أقساط التأمين، وانخفاض أسعار الوقود إلى أدنى مستوياتها في سنوات (حوالي 350 دولاراً للطن)، يقللان الجاذبية الاقتصادية للمسار القصير حالياً.

تأثير على الأسعار

عودة الملاحة الكاملة ستزيد الطاقة المتاحة بنسبة 6%، مما يهبط أسعار الشحن بشكل حاد. انخفض مؤشر درويري العالمي لشحن الحاويات إلى نحو 2000 دولار للحاوية القياسية، مقارنة بـ4000 دولار مطلع العام، وأكثر من 10 آلاف في ذروة 2021.

كما قد تنخفض أسعار النفط مع تراجع استهلاك الوقود الإضافي، وتقل المخزونات الوقائية لدى الشركات.

بعد سنوات من الاضطرابات، يلوح ضوء في نهاية النفق لقناة السويس، لكن الحذر يظل سيد الموقف حتى يثبت الاستقرار الدائم.