تجري وزارة العدل الأمريكية تحقيقًا موسعًا حول احتمال تورط رجل الأعمال الإيراني حسين شمخاني، المعروف بلقب "هيكتور"، في انتهاك العقوبات المفروضة على إيران، من خلال استخدام شبكة مالية دولية يُعتقد أنها ساعدت في تمرير مليارات الدولارات عبر مؤسسات مصرفية كبرى حول العالم.
وبحسب مصادر مطلعة على سير التحقيقات، فإن شمخاني – وهو نجل أحد أبرز مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي – يُشتبه في إدارته شبكة معقدة من الشركات والأصول المالية تُستخدم لتمويل أنشطة نفطية وتجارية محظورة، ضمن منظومة تعتمد على شركات واجهة وسفن تحمل سجلات وهمية لتسهيل عمليات بيع النفط الإيراني والروسي في الأسواق العالمية.
وأكدت المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها نظرًا لحساسية القضية، أن وجود التحقيق لا يعني بالضرورة توجيه اتهامات رسمية في الوقت الحالي، لكنه يشير إلى توجه جاد من جانب السلطات الأمريكية لتوسيع نطاق الرقابة على التعاملات المالية المرتبطة بطهران.
تحقيقات تطال بنوكاً كبرى في وول ستريت
يتوسع التحقيق ليشمل عدداً من المؤسسات المالية العالمية التي تعاملت مع شركات يُعتقد ارتباطها بشبكة شمخاني. ومن بين البنوك التي وردت أسماؤها في إطار الفحص:
"جيه بي مورغان تشيس" (JPMorgan Chase)، "إيه بي إن أمرو" (ABN Amro)، "ماركس غروب" (Marex Group)، "ستاندرد تشارترد" (Standard Chartered)، إلى جانب "بنك الإمارات دبي الوطني" و**"بنك الفجيرة الوطني"**.
وأوضحت المصادر أن الهدف الأساسي للتحقيق يتمثل في شمخاني وشبكته التجارية وليس البنوك نفسها، إلا أن وزارة العدل الأمريكية تسعى للحصول على بيانات مالية من تلك المؤسسات لتتبع حركة الأموال المشتبه بها.
ورفض ممثلو وزارة العدل والبنوك الأمريكية والأوروبية التعليق على القضية، فيما أكد بنك الفجيرة الوطني أنه "ليس قيد التحقيق من قبل وزارة العدل الأمريكية"، بينما أوضح بنك الإمارات دبي الوطني أنه لم يتلق أي اتصالات رسمية بهذا الشأن.
شبكة مالية معقدة في دبي
تتركز أنشطة شمخاني في إمارة دبي التي يتخذها مقراً رئيسياً لإدارة أعماله، وتُعد مركزاً أساسياً لتحركاته التجارية منذ سنوات. وسبق أن فرضت وزارة الخزانة الأمريكية في يوليو الماضي عقوبات واسعة عليه وعلى عشرات الأفراد والشركات والسفن المرتبطة بشبكته، ووصفت الإجراء بأنه أكبر حملة عقوبات متصلة بإيران خلال سبع سنوات.
كما فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات مماثلة خلال الأشهر الأخيرة، في إطار التنسيق مع واشنطن للحد من أنشطة شركاته.
أسماء مستعارة وجوازات متعددة
ووفقاً للبيانات الأمريكية، استخدم شمخاني عدة أسماء مستعارة مثل "هيكتور" و"هوغو حايك" و"H" لإخفاء هويته الحقيقية، وتسهيل أنشطته التجارية حول العالم. وبعد فرض العقوبات، قامت دولة دومينيكا بإلغاء جواز سفره الذي كان يحمل اسم "حايك"، بينما أقدمت بنما على إلغاء تسجيل عدد من السفن المرتبطة بشركاته.
كما أشارت تقارير إلى أن بعض الشركات التابعة له نقلت عملياتها مؤخرًا إلى سلطنة عمان لتكون مركزاً جديداً لأعماله بعد تضييق الخناق عليه في دبي.
دور بنوك وول ستريت في رصد التحويلات
ذكرت تقارير إعلامية، من بينها ما نشرته وكالة بلومبرغ، أن التحقيقات الأمريكية تستند جزئياً إلى معلومات تم الحصول عليها من موظفين سابقين في شبكة شمخاني، إضافة إلى بيانات مالية قدمتها بنوك أمريكية كبرى كانت تربطها علاقات تجارية مع كيانات ضمن الشبكة.
وأوضحت المصادر أن وزارة الخزانة الأمريكية كانت قد درست في وقت سابق العلاقة بين "جيه بي مورغان" وصندوق تحوط يُقال إن شمخاني يشرف عليه، إلا أن التحقيق الحالي الذي تديره وزارة العدل يُعد أوسع نطاقًا، إذ يهدف إلى تحديد الهيكل الكامل للشبكة، وتقييم إمكانية توجيه لوائح اتهام واعتقال أفراد يعملون ضمنها، بالتعاون مع شركاء دوليين، خاصة في الإمارات وأوروبا.
شمخاني.. من إمبراطورية النفط إلى محور العقوبات
يُعد حسين شمخاني أحد أبرز الأسماء التي صعدت بقوة في عالم تجارة النفط خلال العقد الأخير، إذ تشير التحقيقات إلى أنه استغل نفوذ والده لتأسيس أسطول من ناقلات النفط وسفن الحاويات التي قامت بنقل النفط الإيراني والروسي إلى الأسواق العالمية بمليارات الدولارات، عبر سلسلة من الشركات المسجلة في مناطق متعددة حول العالم.
وتشير التقديرات إلى أن شبكة شمخاني أصبحت خلال السنوات الأخيرة واحدة من أهم القنوات السرية لتمويل الصادرات النفطية الإيرانية، مستخدمةً شركات وصناديق مالية في لندن ودبي وجنيف لإدارة العائدات.
ويُتوقع أن تستمر التحقيقات خلال الأشهر المقبلة، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى تعزيز الرقابة المالية الدولية على إيران، ومنعها من الالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض