الذهب بين الملاذ الآمن وفخ الخسارة.. خبير اقتصادي يشرح أسباب القفزة التاريخية

حذر الإعلامي والخبير الاقتصادي محمد السلطي من استمرار الارتفاع القياسي في أسعار الذهب، مؤكدًا أن المعدن النفيس لم يعد مجرد استثمار في البورصات العالمية، بل أصبح قضية تمس حياة الناس اليومية، خاصةً الشباب المقبلين على الزواج.

وقال السلطي في تعليقه عبر قناة الشرق بلومبرج إن “من يفكر في الزواج اليوم يجد نفسه أمام معضلة حقيقية؛ فالذهب الذي كان ثمن شبكة العروس قبل عشر سنوات لا يتجاوز 5 آلاف، أصبح اليوم يتخطى 15 ألفًا وربما أكثر، رغم أن القطع نفسها لم تتغير، بل السعر فقط هو الذي تضاعف بشكل جنوني”.

وأوضح أن الذهب “كان يمثل البنك الحقيقي للأمهات والجدات في الماضي، وشبكة الأمان الاقتصادية للعائلات”، لكنه اليوم تحول إلى عبء ثقيل بسبب الارتفاعات غير المسبوقة في الأسعار التي سجلت مستويات تاريخية.

وبيّن أن هناك عدة عوامل وراء هذا الصعود، أبرزها سياسات الفيدرالي الأمريكي وخفض أسعار الفائدة، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية العالمية التي تدفع المستثمرين إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن، إلى جانب دخول الصناديق الاستثمارية الكبرى التي أصبحت تتحكم في حركة الأسعار، فضلًا عن العامل النفسي الذي يجعل الناس تثق في الذهب باعتباره استثمارًا ملموسًا.

وأضاف السلطي أن التاريخ يعلّمنا أن “الذهب قد يتحول إلى فخ إذا اشتراه الناس في القمة”، مستشهدًا بأزمات الثمانينيات والأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث شهدت الأسعار صعودًا حادًا ثم انهيارات مؤلمة.

وأشار إلى أن الطلب على الذهب تراجع في عدد من الدول العربية مثل مصر وشمال أفريقيا بسبب ارتفاع الأسعار، حيث أظهرت تقارير مجلس الذهب العالمي لعامي 2023 و2024 انخفاض الطلب بنحو 25% على المجوهرات، فيما لجأ كثير من المستهلكين إلى الذهب المستعمل أو خفّضوا أوزان الشبكات.

وفي المقابل، شهدت دول مثل لبنان والسودان ارتفاعًا في الطلب على الذهب كملاذ آمن بعد انهيار عملاتهما المحلية، ما جعل الذهب يُستخدم كوسيلة للتخزين والتبادل وحتى كعملة بديلة.

واختتم السلطي قائلاً: “ربما لا نعرف إن كنا نعيش فقاعة ذهبية، لكن الأكيد أننا نعيش في زمن أصبح فيه الخوف نفسه سلعة، والذهب يعكس هذا الخوف ببريقه الذي يزداد كلما زاد القلق في العالم”.