المفوضية الأوروبية تدرس الرد على قيود الصين بشأن المعادن النادرة


الجريدة العقارية الاثنين 27 أكتوبر 2025 | 04:52 مساءً
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين
حسين أنسي

تتصاعد حدة التوتر التجاري بين الاتحاد الأوروبي والصين على خلفية ملف المعادن النادرة، الذي أصبح أحد أهم الملفات الاستراتيجية في المشهد الاقتصادي العالمي. هذه المعادن تُعد عنصراً حاسماً في صناعة البطاريات والتكنولوجيا الخضراء، ما يجعل أي قيود على تصديرها قضية تمسّ الأمن الصناعي الأوروبي بشكل مباشر. وفي ظل هذه التطورات، تتحرك المفوضية الأوروبية بخطوات حذرة، بين الحوار الدبلوماسي والاستعداد لاستخدام أدواتها الدفاعية.

بروكسل تبحث الرد على قيود الصين

أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي يدرس جميع الخيارات المتاحة للرد على التهديدات الصينية المتعلقة بتشديد ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة. 

وقالت خلال كلمتها في منتدى برلين للحوار العالمي، إن الصين شددت في الأشهر الأخيرة قيودها على تصدير المعادن ومواد البطاريات بشكل لافت، معتبرة أن هذا التصعيد يشكل "خطراً كبيراً" على سلاسل التوريد الأوروبية.

وأوضحت فون دير لاين أن المفوضية تسعى حالياً إلى إيجاد حلول مشتركة عبر الحوار مع بكين، مشيرة إلى أنه من المقرر عقد اجتماعات فنية عبر الفيديو بين الجانبين اليوم لمناقشة الملف بشكل تفصيلي. 

وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يفضل التعاون الدبلوماسي، لكنه في الوقت ذاته "مستعد لاستخدام كل الأدوات المتاحة للدفاع عن مصالحه"، مع تأكيدها على تنسيق المواقف مع شركاء الاتحاد في مجموعة السبع.

فرنسا تدعو إلى رد أوروبي موحد

تأتي تصريحات فون دير لاين بعد أيام من دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة الاتحاد الأوروبي إلى دراسة إمكانية تفعيل أداة مكافحة الإكراه، وهي الآلية التجارية الأقوى لدى الاتحاد، والتي تتيح له الرد على أي إجراءات قسرية تتخذها دول من خارج التكتل. 

وتُعد هذه الأداة، التي لم تُفعّل من قبل، وسيلة ردع صُممت خصيصاً لمواجهة محاولات الضغط السياسي أو الاقتصادي التي تمارسها بعض الدول عبر التدابير التجارية.

ويرى مراقبون أن تحرك بروكسل نحو دراسة هذا الخيار يعكس جدية الاتحاد في حماية مصالحه الصناعية، خاصة في ظل تزايد الاعتماد الأوروبي على الصين لتوريد المواد الخام الحيوية.

أوروبا في مواجهة احتكاك اقتصادي عالمي

وحذرت فون دير لاين من أن الإجراءات الصينية ليست مجرد خطوة تجارية منفصلة، بل تأتي ضمن سياق أوسع من "الاحتكاك الاقتصادي" بين الصين والولايات المتحدة، والذي بدأ يترك أثره الواضح على الاقتصادات الأوروبية. 

وأشارت إلى أن نحو 90% من احتياجات أوروبا من مغناطيسات المعادن النادرة تأتي من الصين، ما يجعل القارة في موقع هشّ أمام أي قرارات تقييدية تصدر من بكين.

وتواجه أوروبا حالياً تحدياً متزايداً في تأمين مواردها الصناعية، خصوصاً في ظل المنافسة الشرسة من المنتجات الصينية المدعومة حكومياً. 

كما أن القرارات الأخيرة لبكين بفرض ضوابط صارمة جديدة على تصدير المعادن النادرة تثير مخاوف حقيقية بشأن مستقبل الصناعة الأوروبية، وتدفع الاتحاد إلى تسريع جهوده لبناء شراكات بديلة وتأمين سلاسل إمداد مستقلة.

في ضوء ذلك، يتجه الاتحاد الأوروبي نحو مرحلة أكثر حساسية في علاقته الاقتصادية مع الصين، حيث يسعى لتحقيق توازن دقيق بين الحوار والتصعيد، لضمان حماية مصالحه الاستراتيجية دون إشعال مواجهة تجارية واسعة النطاق.