تصدر محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، رأيها الاستشاري، اليوم الأربعاء، بشأن الالتزامات القانونية لإسرائيل تجاه الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة والضفة الغربية، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب في غزة.
التزامات إسرائيل تجاه الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة في فلسطين
طُلب هذا الرأي من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2023، ومن المتوقع أن يحظى بمتابعة دولية مكثفة، نظرًا لأنه قد يمتد في تأثيره إلى ما هو أبعد من ساحة الصراع في غزة، ليشمل مستقبل حماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين الإنسانيين حول العالم، والتزامات الدول تجاه القانون الدولي الإنساني.
على الرغم من أن الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ذات وزن قانوني وسياسي كبير، فإنها غير ملزمة قانونيًا ولا تمتلك المحكمة سلطة تنفيذها على الدول، ومع ذلك، غالبًا ما تؤثر هذه الآراء في مواقف المجتمع الدولي، وتشكل أساسًا قانونيًا للقرارات الأممية والضغوط الدبلوماسية.
اتهامات لإسرائيل بعرقلة المساعدات وخرق القانون الدولي
اتهم ممثلو الأمم المتحدة والوفد الفلسطيني، خلال جلسات المحكمة في أبريل 2024، إسرائيل بانتهاك القانون الدولي عبر منع أو تقييد دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، لا سيما خلال الفترة بين مارس ومايو من العام ذاته، وعلى الرغم من التحسن النسبي ودخول بعض المساعدات لاحقًا، يقول مسؤولون أمميون إن الكميات لا تزال بعيدة عن الحد الأدنى المطلوب للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع.
وبموجب خطة وقف إطلاق النار المؤلفة من 20 بندًا، والتي جرى التوصل إليها بوساطة الولايات المتحدة مطلع الشهر الحالي، تم الاتفاق على السماح بدخول 600 شاحنة مساعدات يوميًا إلى غزة.
وكانت إسرائيل قد اتهمت حركة حماس سابقًا بمصادرة المواد الغذائية والمساعدات، الأمر الذي نفته الحركة، مؤكدة أن القيود الإسرائيلية تهدف إلى الضغط السياسي عليها.
إسرائيل تُقاطع جلسات المحكمة
لم تُشارك إسرائيل في جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية، لكنها قدمت مرافعتها القانونية بشكل مكتوب، وسبق لوزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر، في أبريل الماضي، أن وصف جلسات المحكمة بأنها مسرحية هزلية، متهمًا المحكمة بأنها غير محايدة.
وجاء طلب الرأي الاستشاري من الأمم المتحدة بعد إقرار إسرائيل لقانون عام 2023 يحظر على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) العمل داخل إسرائيل، متهمةً الوكالة بتوظيف أعضاء من حركة حماس شاركوا في هجمات 7 أكتوبر 2023.
وفي أغسطس 2024، أعلنت الأمم المتحدة أن تسعة من موظفي الأونروا يشتبه بمشاركتهم في الهجوم، وقد فُصلوا بالفعل، بينما أكدت إسرائيل مقتل موظف آخر تابع للأونروا في غزة كان ينتمي لحماس في أكتوبر 2024.
رأي المحكمة حول الاحتلال الإسرائيلي
تأتي هذه الخطوة بينما أصدرت محكمة العدل الدولية، في رأي استشاري سابق عام 2024، قرارًا يعتبر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني ويجب إنهاؤه فورًا، مؤكدة أن إسرائيل تتحمل التزامات واضحة فيما يتعلق بحقوق الإنسان بصفتها قوة احتلال.
رسالة يهود بارزين تدعو محاسبة إسرائيل
بالتزامن مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس أسبوعه الثاني، وجهت مجموعة من الشخصيات اليهودية البارزة عالميًا رسالة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وقادة العالم، دعت فيها إلى ضمان أن تكون الهدنة بداية لحقبة جديدة من السلام والعدالة للجميع.
وطالبت الرسالة بمحاسبة إسرائيل على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، مؤكدة أن الضغط الدولي لعب دورًا أساسيًا في تحقيق وقف إطلاق النار، ويجب أن يستمر لضمان استدامته.
وجاء في الرسالة: "يجب أن يكون وقف إطلاق النار بدايةً لا نهاية، إن العودة إلى واقع سياسي قائم على اللامبالاة تجاه الاحتلال والصراع الدائم أمر بالغ الخطورة".
ودعت الرسالة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى جانب الشركات والنقابات العمالية والمجتمع المدني، إلى اتخاذ أربع خطوات رئيسية هي: الالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات وحظر أسلحة على إسرائيل، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومواجهة الاتهامات الكاذبة بمعاداة السامية بحق المنتقدين.

