سجلت أسعار النفط خسائر أسبوعية حادة تجاوزت 8%، رغم استقرارها النسبي على ارتفاع طفيف في إغلاق تداولات الأسبوع الفائت يوم الجمعة.
وجاء هذا التراجع القوي مدفوعاً أساساً بـتزايد المخاوف من فائض المعروض في السوق العالمية، لا سيما بعد تداول أنباء عن زيادات محتملة وكبيرة في الإنتاج من تحالف "أوبك بلس".
تراجع الأسعار والأسباب الكامنة وراءه
انخفض سعر خام برنت بنسبة 8.1% خلال الأسبوع، مسجلاً أكبر خسارة أسبوعية له في أكثر من ثلاثة أشهر، فيما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 7.4%.
أرجع دينيس كيسلر، نائب الرئيس الأول للتداول في مؤسسة "بي أو كيه المالية"، هذا الضغط الهبوطي إلى عدة عوامل متزامنة:
زيادة إنتاج "أوبك بلس": التوقعات بأن ترفع ثماني دول أعضاء في "أوبك بلس" إنتاجها النفطي، مع سعي المملكة العربية السعودية لزيادة كبيرة لاستعادة حصتها السوقية.
عودة إمدادات كردستان العراق: بدء تدفق النفط عبر خط الأنابيب العراقي الكردي إلى تركيا لأول مرة منذ عامين ونصف، مما يعزز حضور البائعين.
بيانات المخزونات الأمريكية السلبية: ارتفاع مخزونات النفط الخام والبنزين ونواتج التقطير الأمريكية الأسبوع الماضي، بالتزامن مع تراجع نشاط التكرير والطلب.
توقعات بفائض كبير في العرض
يشير المحللون إلى أن ارتفاع إمدادات "أوبك بلس" المحتمل، وتباطؤ تشغيل مصافي النفط العالمية بسبب أعمال الصيانة، وانخفاض الطلب الموسمي في الأشهر القادمة، من المتوقع أن يؤثر سلباً على معنويات السوق.
وقال جانيف شاه، المحلل في شركة "ريستاد إنرجي"، إن "انخفاض مؤشرات الطلب بشكل طفيف في حوض الأطلسي مع انتهاء الطلب الصيفي... ويكتسب التوازن الضمني، الذي يُفترض أنه فائض في العرض من منظور أساسيات السوق بدءاً من أكتوبر، زخماً".
وفي السياق ذاته، أعرب محللو "جي بي مورغان" عن اعتقادهم بأن شهر سبتمبر شكّل نقطة تحول، مع توقع توجّه سوق النفط نحو فائض كبير في الربع الأخير من العام وحتى العام المقبل.
تأثير الحريق في مصفاة شيفرون على أسواق الوقود المحلية
بالتوازي مع المخاوف المتعلقة بالمعروض العالمي، شهدت السوق الأمريكية اضطراباً محلياً بعد اندلاع حريق هائل في مصفاة شيفرون في إل سيغوندو بولاية كاليفورنيا.
تُعد هذه المصفاة، التي تُغذي المنطقة الجنوبية من الولاية، ثاني أكبر مصفاة لشركة شيفرون في الولايات المتحدة.
توقف الإنتاج: تم إيقاف العمل في عدة وحدات بالمصفاة، بما في ذلك وحدة إنتاج وقود الطائرات ووحدة الإصلاح الحفزي، مما أثر على إمدادات الطاقة في سوق كاليفورنيا المعزول.
ارتفاع أسعار الوقود: يُتوقع أن ترتفع أسعار البنزين في كاليفورنيا، وهي الأعلى في البلاد بالفعل، بمقدار 5 إلى 15 سنتاً للغالون.
تداعيات على وقود الطائرات: ستشهد شركات الطيران التي تخدم جنوب كاليفورنيا تداعيات أكبر، حيث ارتفع سعر وقود الطائرات بمقدار 33 سنتاً للغالون.
ومن المرجح أن تضطر كاليفورنيا إلى سحب المزيد من واردات وقود الطائرات من مصافي التكرير في كوريا الجنوبية وتايوان واليابان لتعويض النقص.
الضبابية السياسية تزيد من تعقيد المشهد
تُواجه أسواق النفط أيضاً حالة من عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة، حيث دخل الإغلاق الحكومي الفيدرالي يومه الثالث.
يُعقّد غياب البيانات الاقتصادية المُحدّثة حول الوظائف والتضخم تقييمات اتجاهات الاستهلاك الأمريكي وسياسة الاحتياطي الفيدرالي، وقد يُؤثّر على إنفاق الأسر ويُقوّض الثقة، مما يُكبح نمو الطلب على الوقود.
ويبقى المتداولون حذرين قبل الاجتماع الوزاري القادم لـ "أوبك بلس" غداً الأحد، حيث من المتوقع وضع اللمسات الأخيرة على خطة نوفمبر، وأي إشارة إلى زيادة أكبر أو أسرع في الإمدادات قد تُؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار.