تشهد الولايات المتحدة حالياً مشهداً متناقضاً في سوق السيارات، إذ ظلت أسعار السيارات الجديدة مستقرة نسبياً رغم الرسوم الجمركية على الواردات، بينما سجلت تكاليف إصلاح المركبات مستويات قياسية، ما يزيد الضغوط المالية على المستهلكين.
ارتفاع قياسي في تكاليف الإصلاح
كشف مؤشر أسعار المستهلك لشهر أغسطس 2025 أن تكاليف إصلاح السيارات ارتفعت بنسبة 5% مقارنة بشهر يوليو، وهو أعلى ارتفاع شهري يُسجّل على الإطلاق، فيما سجلت الزيادة السنوية نحو 15% خلال عام واحد فقط. هذه الأرقام تعكس عبئاً إضافياً على أصحاب السيارات في الولايات المتحدة.
الرسوم الجمركية عامل مؤثر
دخلت الرسوم الجمركية على قطع الغيار المستوردة بقيمة 25% حيّز التنفيذ في مايو 2025، وأسهمت جزئياً في ارتفاع تكاليف الإصلاح، نظراً لاعتماد معظم قطع الغيار على الاستيراد.
عوامل إضافية تزيد الضغوط على المستهلكين
وأوضح سكايلر تشادويك، مدير الاستشارات في شركة "كوكس أوتوموتيف"، أن ارتفاع أعمار السيارات، نقص الفنيين المؤهلين، وزيادة تعقيد التكنولوجيا في المركبات الحديثة كلها عوامل ترفع تكلفة الإصلاحات. فقد ارتفع متوسط عمر السيارة في الولايات المتحدة من 12.6 عام في 2024 إلى 12.8 عام في 2025، ما يعكس ميل المستهلكين للاحتفاظ بسياراتهم لفترات أطول نتيجة ارتفاع أسعار السيارات الجديدة.
استقرار أسعار السيارات الجديدة رغم الرسوم
على الرغم من الرسوم الجمركية، فضّلت شركات تصنيع السيارات امتصاص جزء من التكاليف لتجنب رفع أسعار السيارات الجديدة، التي بلغ متوسطها في أغسطس 48,365 دولاراً، أي أقل بنسبة 2% عن ذروة ديسمبر 2024، لكنها أعلى بنحو 30% مقارنة بعام 2019. يأتي هذا أيضاً نتيجة التسهيلات التي منحتها الإدارة الأميركية السابقة للشركات على القواعد البيئية وإلغاء الغرامات المرتبطة بانبعاثات الكربون، ما وفر مليارات الدولارات للشركات.
أثر ارتفاع أسعار الفائدة على المشتريات
زاد ارتفاع أسعار الفائدة على قروض السيارات من عزوف المستهلكين عن شراء سيارات جديدة. ووفق بيانات "إكسبريان"، تجاوزت الأقساط الشهرية لأكثر من 15% من السيارات الجديدة 1,000 دولار، بينما يدفع نحو 30% من مشتري السيارات المستعملة 600 دولار أو أكثر شهرياً.
نقص الفنيين وارتفاع تكلفة العمالة
يمثل نقص الفنيين الماهرين تحدياً إضافياً. فقد ارتفعت أجور قطاع إصلاح السيارات بنسبة 7% بين 2023 و2024 وفق وزارة العمل الأميركية، وتصل تكاليف العمالة إلى 60% من فاتورة الإصلاح. مع تزايد اعتماد السيارات على التكنولوجيا الحديثة، يتوقع الخبراء استمرار ارتفاع تكاليف الصيانة مستقبلاً.
معادلة صعبة أمام المستهلك الأميركي
اليوم يواجه المستهلك الأميركي تحدياً مزدوجاً: أسعار سيارات جديدة مرتفعة رغم ثباتها النسبي، وتكاليف إصلاح متزايدة بفعل الرسوم الجمركية ونقص الفنيين وتعقيد التكنولوجيا. ومع استمرار الضغوط الاقتصادية، يبدو أن أعباء صيانة السيارات ستظل عاملاً رئيسياً يضغط على ميزانيات الأسر الأميركية.