قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الخميس، بزيارة نادرة إلى مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن، في ظل تصاعد التوتر بين البيت الأبيض ورئيس البنك جيروم باول، بشأن سياسة أسعار الفائدة وتجديدات مباني البنك المثيرة للجدل.
زيارة ترامب لمقر بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن
تأتي الزيارة التي أعلن عنها البيت الأبيض مساء الأربعاء، قبل أيام قليلة من اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك الفيدرالي لاتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة، والتي من المتوقع أن تبقى ضمن نطاق 4.25%-4.50%.
ورغم عدم تأكيد البيت الأبيض أو الفيدرالي ما إذا كان ترامب سيلتقي بباول بشكل مباشر، فإن الزيارة تُعد رمزية وسياسية بامتياز، وتأتي بعد تصريحات شديدة اللهجة من ترامب، وصف خلالها باول بـ"الأحمق"، مطالبًا بخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد.
وكثف البيت الأبيض خلال الأسابيع الأخيرة من ضغوطه على بنك الاحتياطي الفيدرالي، متهمًا إياه بسوء إدارة مشروع تجديد مقريه التاريخيين في واشنطن، وبلغت تكلفة المشروع، وفق تقديرات مدير الميزانية في البيت الأبيض، نحو 700 مليون دولار، وهو رقم قال البيت الأبيض إنه ما زال في ارتفاع.
ودعا وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إلى مراجعة شاملة لعمليات الإنفاق غير المرتبطة بالسياسة النقدية داخل البنك، في ضوء الخسائر التشغيلية التي أعلن عنها البنك مؤخرًا، والتي بلغت 114.6 مليار دولار في 2023 و77.5 مليار دولار حتى الآن في 2024.
وتعزو هذه الخسائر إلى سياسات الفائدة المرتفعة التي يعتمدها البنك لمحاربة التضخم، والتي تتضمن دفع فوائد للبنوك مقابل إيداع أموالها في الاحتياطي الفيدرالي.
مشروع التجديد مثار الجدل
أثار مشروع تجديد مباني البنك جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية، واعتبره منتقدو الإدارة بأنه فاخر ومبالغ فيه.
حاول موظفو الفيدرالي خلال جولة للصحفيين في موقع المشروع، الدفاع عن التكلفة المرتفعة، مشيرين إلى التحديات الهندسية والأمنية، مثل تركيب نوافذ مضادة للانفجارات ومعالجة مواد سامة، وارتفاع تكاليف المواد والعمالة.
أعادت زيارة ترامب المفاجئة إلى الواجهة الجدل حول استقلالية البنك المركزي الأمريكي، وهو ما حذر منه العديد من المسؤولين والخبراء.
ونشر رئيسا الاحتياطي الفيدرالي السابقان، جانيت يلين وبن برنانكي، مقالاً في نيويورك تايمز هذا الأسبوع، أكدا فيه أن استقلالية الفيدرالي هي أحد الأصول الوطنية الحيوية، التي يسهل خسارتها وصعب استعادتها.
كما علّقت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، على الزيارة، قائلة: «مصداقية البنوك المركزية كانت أساسية في السيطرة على التضخم حول العالم، ويجب أن تقترن هذه الاستقلالية بمساءلة شفافة أمام الرأي العام».
ردود فعل حذرة من الكونجرس والأسواق
قال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، جون ثون، متسائلًا بسخرية: "هل يذهب فقط في جولة؟.. ترامب لديه آراء قوية بشأن سياسات الفيدرالي، ولكنه قال أكثر من مرة إنه لا ينوي إقالة باول".
واعتبر السيناتور الجمهوري مايك راوندز، الزيارة ليست مشكلة بحد ذاتها، مشددًا على أهمية بقاء البنك المركزي بعيداً عن التأثيرات السياسية.
من جانبها، لم تُبد الأسواق المالية ردّ فعل كبير تجاه الزيارة، حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة قليلاً بدعم من بيانات إيجابية حول سوق العمل، بينما سجلت مؤشرات وول ستريت ارتفاعات طفيفة.
وتأتي هذه الزيارة بينما يواجه ترامب ضغوطاً سياسية متزايدة بشأن ملفات داخلية، من بينها رفضه الإفراج عن وثائق مرتبطة بجيفري إبستين، في ظل حملة انتخابية يسعى من خلالها لاستعادة البيت الأبيض في نوفمبر المقبل.