الاحتياطي الفيدرالي يواجه تحديات التضخم وسط ضغوط ترامب لخفض الفائدة


السبت 19 يوليو 2025 | 09:30 مساءً
الاحتياطي الفيدرالي
الاحتياطي الفيدرالي
محمد عاطف

لا تزال مسألة خفض أسعار الفائدة غير محسومة، مع اقتراب اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمناقشة السياسات النقدية في وقت لاحق من الشهر الجاري، في ظل ظهور بيانات جديدة تشير إلى ارتفاع التضخم، وتصعيد الرئيس دونالد ترامب لمطالبه بخفض تكاليف الاقتراض.

كان ترامب على وشك إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا الأسبوع، لكنه تراجع خشية حدوث اضطرابات في الأسواق. ورغم هذه الأحداث والتباينات بين أعضاء المجلس، لم تُغير توقعات البنك المركزي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة بشكل ملحوظ.

لم يشير الاحتياطي الفيدرالي إلى احتمال رفع أسعار الفائدة، لكن الأنباء المتعلقة بإقالة باول أدت إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة، مما يخالف رغبة ترامب الذي يسعى إلى خفض تكاليف الاقتراض لسد العجز الفيدرالي الكبير.

ومع ذلك، يركز الاحتياطي الفيدرالي على استقرار التضخم وليس على تخفيض تكاليف التمويل الحكومي. ومن المتوقع أن يبقي سعر الفائدة المرجعي ثابتًا في نطاق 4.25% إلى 4.50% خلال اجتماعه المقرر في 29 و30 يوليو. وتجدر الإشارة إلى أن آخر تخفيض لسعر الفائدة كان في ديسمبر الماضي، تلاه مراقبة تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب منذ يناير.

يتوقع المستثمرون استئناف خفض أسعار الفائدة لاحقًا هذا العام، مع توقع تخفيض قدره ربع نقطة مئوية في سبتمبر، لكن هذه التوقعات تراجعت إلى حوالي 50% بعد ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك إلى 2.7% في يونيو مقابل 2.4% في الشهر السابق.

شهد اتجاه انخفاض أسعار السلع تباطؤًا، مما أدى إلى زيادة التضخم الإجمالي، في إشارة إلى تحميل الشركات للمستهلكين بعض تكاليف الرسوم الجمركية.

أكد باول ومسؤولون آخرون في الاحتياطي الفيدرالي توقعاتهم بتسارع التضخم خلال الصيف، مؤكدين تريثهم في خفض أسعار الفائدة حتى يتضح مدى استمرار التضخم وتأثيره على الاقتصاد.

سيستمر صانعو السياسات في متابعة بيانات الوظائف والتضخم لشهري يوليو وأغسطس قبل اجتماع سبتمبر، وسيولي المستثمرون ومسؤولو إدارة ترامب اهتمامًا خاصًا للمؤتمر الصحفي الذي سيعقده باول في 30 يوليو لمعرفة توجهات السياسة النقدية.

قبل فترة الصمت الإعلامي التي تسبق الاجتماع المقبل، ظل التركيز على التضخم المرتفع في يونيو، لا سيما ارتفاع أسعار مجموعة من السلع المستوردة.

في هذا السياق، صرحت أدريانا كوجلر، عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بأن القضايا التجارية والرسوم الجمركية أصبحت المحرك الرئيسي للتوقعات الاقتصادية الأميركية، مشيرة إلى ضرورة إبقاء أسعار الفائدة ثابتة لفترة للسيطرة على التضخم.

وقالت كوغلر: "أرى ضغطًا تصاعديًا على التضخم بسبب السياسات التجارية، وأتوقع زيادات إضافية في الأسعار خلال العام". وأضافت أن الحفاظ على سياسة نقدية متشددة ضروري لضمان استقرار توقعات التضخم على المدى الطويل.

على النقيض، دعا كريستوفر والر، الذي يُعتبر من المرشحين المحتملين لخلافة باول، إلى خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، مبررًا ذلك بتباطؤ اقتصادي محتمل وضعف تأثير الرسوم الجمركية على التضخم.

وقال والر: "مع اقتراب التضخم من الهدف وقلة مخاطر ارتفاعه، لا ينبغي الانتظار حتى يتدهور سوق العمل قبل خفض سعر الفائدة".

في عام 2022، استخدم الاحتياطي الفيدرالي رفعًا سريعًا وغير مسبوق لأسعار الفائدة لمكافحة التضخم الناتج عن جائحة كوفيد-19.

بحلول خريف العام الماضي، كان المسؤولون متفائلين بتراجع التضخم إلى مستهدف 2%، فبدأوا في خفض أسعار الفائدة تدريجيًا، حيث أجريت ثلاثة تخفيضات خلال الأربعة أشهر الأخيرة من العام.

حول انتقادات ترامب للتضخم، فقد جعلها محور حملته الرئاسية لعام 2024، متعهدًا بخفض الأسعار ورفع الرسوم الجمركية.

عند عودته إلى البيت الأبيض، كان الاقتصاد لا يزال ينمو بمعدلات أعلى من المعتاد، وسوق العمل يعاني بعض الركود، ما دفع الاحتياطي الفيدرالي إلى القلق من أن الرسوم الجمركية، رغم كونها ضريبة ذات تأثير لمرة واحدة، قد تؤدي إلى زيادة مستمرة في التضخم.

كانت الرسوم الجمركية سببًا رئيسيًا لغضب ترامب من باول، لكن محافظي البنك أكدوا هذا الأسبوع أن بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو تبرر قلقهم، إذ لا يزال التضخم مرتفعًا وربما في طريقه للارتفاع.

توقع كوغلر ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي إلى 2.5% في يونيو، بينما ارتفع المقياس الأساسي الذي يستثني الغذاء والطاقة إلى 2.8%، متجاوزًا مستواه في مايو.

بعد صدور المؤشر، وصف رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، الوضع بأنه قد يكون نقطة تحوّل للتضخم، مشيرًا إلى أن نصف السلع شهدت زيادات سنوية تصل إلى 5% أو أكثر، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بشهر يناير.

وأضاف بوستيك: "الرقم الرئيسي بعيد عن هدفنا... ونعاني أعلى زيادة في الأسعار خلال العام"، مؤكداً وجود ضغوط تضخمية حقيقية في الاقتصاد.

في التوقعات الاقتصادية الأخيرة، توقع الاحتياطي الفيدرالي أن يصل تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي إلى 3% بنهاية العام، مع احتمال تخفيض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية، وهو أقل بكثير من التخفيض الكبير الذي يطالب به ترامب.

لم يؤيد أي من المسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي مقترحات ترامب، مع استمرار التوجه نحو الحذر.

وقال جون ويليامز، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك: "لا يزال من المبكر الحكم على تأثير الرسوم الجمركية بالكامل، ومن المتوقع أن تزداد آثارها في الأشهر القادمة".