قال الدكتور جلال قناص، أستاذ مساعد في كلية الاقتصاد بجامعة قطر، إن السياسة الحمائية التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي بدأت مع الصين، قد امتدت إلى الاتحاد الأوروبي، حيث تهدف بشكل رئيسي إلى إعادة توطين الصناعات في الولايات المتحدة.
وأضاف أن هذه السياسات تخلق تأثيرات سلبية كبيرة على التجارة العالمية، حيث تضر بحرية التجارة وتضع ضغوطًا إضافية على الاقتصادات العالمية، بما في ذلك الاقتصاد الأوروبي.
وأوضح قناص، في مداخلة عبر زووم، مع قناة العربية Business، أن ترامب يستخدم سياسة "الضغط الأقصى" مع الصين، وهو يحاول تطبيق نفس النهج مع الاتحاد الأوروبي، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد الأوروبي، خاصة في القطاع الصناعي.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى للوصول إلى اتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة لتجنب التصعيد، لأن الحرب التجارية ستؤدي إلى زيادات في التكاليف، مما يزيد من الضغوط التضخمية على الجانبين.
أبرز نقاط الخلاف بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة:
أكد قناص أن ترامب يركز بشكل خاص على عدة قطاعات صناعية رئيسية مثل صناعة الصلب، الألمنيوم، السيارات، وقطع غيار السيارات.
وقال إن ألمانيا تعد من أكبر المتضررين من هذه السياسات، حيث تعتبر صناعة السيارات أحد أكبر صادراتها إلى الولايات المتحدة، في المقابل، يرى الاتحاد الأوروبي أن توطين هذه الصناعات في أمريكا سيؤدي إلى ارتفاع التكاليف، وهو ما لا يتناسب مع نموذج الإنتاج في الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن هناك محاولة من قبل الشركات الأوروبية لتقليص التأثيرات السلبية، مثل ما فعلت شركة "تويوتا" التي قامت بتوطين بعض صناعات السيارات في الولايات المتحدة، وهو ما يمكن أن يكون نموذجًا يحتذى به. ولكن في حالة الاتحاد الأوروبي، يظل تحدي تكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة عقبة رئيسية.
هل يصبح اليورو بديلاً للدولار؟
وعن تصريحات رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستينا لاغارد حول إمكانية أن يصبح اليورو بديلاً جيدًا للدولار في ظل التراجعات الأخيرة في قوة الدولار، قال قناص إن هذه الفكرة تحتاج إلى وقت طويل لتصبح حقيقة.
وأضاف أن هناك تحولًا تدريجيًا في الثقة في الدولار، حيث بدأ بعض المستثمرين في شراء سندات أوروبية أو حتى سندات يابانية، مما يعكس قلة الثقة في الاقتصاد الأمريكي.
ورغم أن ارتفاع اليورو قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصادرات الأوروبية، إلا أن قناص يرى أن هذه الفترة قد تكون فرصة كبيرة لأوروبا إذا استطاعت الاستفادة منها بشكل إيجابي، خاصة في جذب الاستثمارات الضخمة وتحفيز الصناعات المحلية، من خلال سياسات مالية ونقدية ملائمة.
الاتحاد الأوروبي: فرص استثمارية جديدة في ظل الحرب التجارية
أوضح قناص أن الحرب التجارية قد توفر فرصًا للاتحاد الأوروبي للاستفادة من الأزمة، خاصة إذا تمكنت الدول الأوروبية من إعادة تحفيز الصناعات داخلها.
وقال إنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يركز على تحفيز الاستثمارات في البنية التحتية، وتقديم دعم أكبر للقطاع الصناعي، كما هو الحال في ألمانيا.
وأضاف أن السياسات النقدية التوسعية مثل تخفيض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي يمكن أن تساعد في دفع هذه السياسات بشكل أكبر.
التوجه نحو التنوع في أسواق التجارة العالمية
وأكد قناص أن الحرب التجارية قد تدفع الاتحاد الأوروبي للبحث عن أسواق جديدة، مثل الصين ودول أخرى في آسيا وأفريقيا، لتقليل الاعتماد على الأسواق الأمريكية. وأضاف أن توجيه السياسة التجارية الأوروبية نحو هذه الأسواق قد يساعد في تقليل الآثار السلبية للصراع التجاري مع الولايات المتحدة.
في الختام، شدد قناص على أن الحرب التجارية قد لا تنتهي قريبًا، وأنها ستظل تؤثر على الاقتصاد العالمي لفترة طويلة، لكن الاتحاد الأوروبي قد يجد في هذه الأزمة فرصة تاريخية لتطوير اقتصاده وتحقيق قدر أكبر من الاستقلالية الاقتصادية على المدى البعيد.