بحث مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سوريا، توماس باراك، سبل التعاون المشترك مع الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال لقاء نادر جمعهما في مدينة إسطنبول التركية، وسط تحركات سياسية واقتصادية تشير إلى بوادر انفتاح نسبي بين الطرفين بعد سنوات من التوتر والانقطاع الدبلوماسي.
وجاء اللقاء في إطار زيارة رسمية يجريها الرئيس السوري إلى تركيا، تخللتها اجتماعات ثنائية مع القيادة التركية، حيث ناقش الجانبان آخر التطورات الإقليمية والدولية، إلى جانب جهود مكافحة الإرهاب وملف المقاتلين الأجانب في الأراضي السورية.
إشادة أمريكية بـ"الخطوات الجادة"
وفي بيان صادر عن السفارة الأمريكية في أنقرة، أعرب باراك، الذي يشغل أيضًا منصب سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، عن ترحيبه بما وصفه بـ"الخطوات الجادة والملموسة" التي اتخذها الشرع في ما يتعلق بـمكافحة تنظيم داعش، ومعالجة أوضاع المقاتلين الأجانب، والمخيمات ومراكز الاحتجاز في شمال شرق سوريا.
وقال باراك: "أكدت للرئيس الشرع دعم واشنطن للشعب السوري، بعد سنوات من الصراع والعنف"، مشيرًا إلى التزام إدارة ترمب بالسعي نحو مستقبل أكثر استقرارًا لسوريا، بالتوازي مع دعم الجهود الإنسانية والتنموية.
ملف الاستثمارات الاقتصادية على الطاولة
وفي تحول لافت في خطاب واشنطن، أعلن المبعوث الأمريكي أن اللقاء أسفر عن تفاهم مشترك لتعزيز الاستثمارات في القطاع الخاص السوري، بمشاركة شركاء إقليميين ودوليين، على رأسهم الولايات المتحدة، تركيا، ودول الخليج، إلى جانب أوروبا.
وأوضح باراك أن "الاستثمارات تهدف إلى دعم عملية إعادة الإعمار الاقتصادي، من خلال شراكات استراتيجية تسهم في تنشيط البنية الاقتصادية السورية، وخلق فرص عمل جديدة"، ما يُعد مؤشرًا على رغبة واشنطن في فتح نوافذ اقتصادية بعيدًا عن التجاذبات السياسية التقليدية.
لقاء أردوغان والشرع.. موقف واضح من "الاحتلال الإسرائيلي"
وفي سياق متصل، شهد اليوم ذاته اجتماعًا مهمًا بين الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ناقشا خلاله تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في مجالات الطاقة، والدفاع، والنقل.
وأعرب أردوغان عن رفض بلاده القاطع لما وصفه بـ"الاحتلال الإسرائيلي" وعدوانه المستمر على الأراضي السورية، مؤكدًا أن السيادة السورية غير قابلة للمساومة، وأن تركيا تتطلع إلى تطوير علاقة مستقرة مع دمشق في إطار احترام وحدة الأراضي السورية.
إعفاءات من العقوبات.. بداية تحول في الموقف الأمريكي؟
وفي خطوة أثارت اهتمام الأوساط الدولية، أعلنت إدارة ترمب منح إعفاءات شاملة من العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وهو ما اعتبرته دمشق "خطوة أولى على طريق التخفيف من الأعباء الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها الشعب السوري".
وترتبط هذه الإعفاءات بجهود أميركية لتقديم تسهيلات في بعض القطاعات الحيوية، خصوصًا تلك المرتبطة بالمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، رغم استمرار العقوبات الصارمة المفروضة بموجب "قانون قيصر"، الذي فرضه الكونغرس سابقًا لعزل النظام السوري بعد الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد.
نحو مرحلة جديدة؟
وتفتح هذه التطورات الباب أمام مرحلة جديدة في العلاقات الأمريكية-السورية، خاصة إذا ما تواصلت الإجراءات العملية على الأرض بشأن مكافحة الإرهاب، وإعادة ضبط أوضاع المخيمات ومراكز الاحتجاز، إلى جانب التحرك باتجاه بيئة استثمارية أكثر انفتاحًا.
ويبقى السؤال المطروح: هل تمهّد هذه الخطوات لتفاهمات أوسع بين واشنطن ودمشق، أم أنها مجرد تحرك تكتيكي محدود الأثر في سياق التحولات الجيوسياسية في المنطقة؟.