الاندماج أو الخروج من السوق.. البديل الوحيد أمام شركات الصرافة


الثلاثاء 08 اغسطس 2017 | 02:00 صباحاً

حالة من الترقب تسود القطاع المصرفى حالياً، بعد موافقة مجلس الوزراء على إصدار مشروع قانون البنوك الجديد، والمقرر إحالته لمجلس النواب خلال أسابيع تمهيداً لمناقشته وإقراره، ففى الوقت الذى يرى فيه بعض الخبراء أن مشروع القانون ضرورى لتطوير القطاع المصرفى تزامناً مع الإجراءات الاقتصادية التى تنتهجها الحكومة فى الوقت الراهن، يرى البعض الآخر أن التعديلات الجديدة تضر ببعض القطاعات مثل 64 شركة صرافة تعمل فى السوق، وذلك بعد أن شملت التعديلات إضافة مادة تنص على رفع رأسمال هذه الشركة.

ويرى الخبراء أن القانون الجديد يستهدف وضع كل من شركات الصرافة وتحويل الأموال وشركات ضمان مخاطر الائتمان وجهات منح الائتمان، وشركات الاستعلام الائتمانى والتصنيف الائتمانى، والشركات التى تقوم بخدمات التعهيد، بالإضافة للشركات والجهات العاملة فى مجال نظم وخدمات الدفع، تحت المظلة الرقابية للبنك المركزى المصرى.

وقد شملت مواد القانون، إلزام البنوك والجهات المخاطبة بتوفيق أوضاعها خلال فترة لا تجاوز سنة من تاريخ العمل به، مع إمكانية مدها بقرار من مجلس إدارة البنك المركزى إلى فترات أخرى لا تجاوز ثلاث سنوات، ومضاعفة رسوم الترخيص وعمليات الرقابة على المصارف بنسبة ٪1000 أى 10 مرات الرسوم المطبقة حاليا، لتصل إلى 100 ألف جنيه عن المركز الرئيسى لأى بنك أو شركة تخضع لأحكام القانون، و50 ألفا عن كل فرع أو وكالة، وتودع حصيلة الرسوم فى حساب خاص باسم الرقابة والإشراف بالبنك المركزى، وينظم قواعد هذا الحساب والصرف منه قرار من المحافظ.

هذا فضلا عن وضع شروط وضوابط جديدة لاختيار وتعيين رؤساء وأعضاء مجالس إدارات البنوك العاملة فى مصر، ومنها أن يكون رئيس مجلس الإدارة مستقلا، وقد حدد القانون معنى الاستقلال، بألا يكون موظفاً فى البنك أو مساهماً رئيسياً فيه أو يمثله خلال السنوات الثلاث السابقة على بدء سريان القانون، مما يعنى استبعاد جميع رؤساء البنوك الحاليين.

وحدد القانون عملية التجديد لمجالس إدارات البنوك العامة المملوكة للدولة بـمرة واحدة فقط، بدلا من إبقائها مفتوحة فى القانون الحالى، وأشارت المادة 126 من المسودة الأولية للقانون إلى أنه لكل من بنوك القطاع العام مجلس إدارة يشكل من رئيس مستقل ونائب أو أكثر لرئيس المجلس من التنفيذيين، بالإضافة إلى 6 أعضاء من غير التنفيذيين، على أن يكون اثنان منهم على الأقل من المستقلين، ويكون تعيين رئيس وأعضاء مجلس الإدارة بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على ترشيح محافظ البنك المركزى، وذلك لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، بجانب رفع رأس مال شركات الصرافة لـ 20 مليون جنيهًا بدلا من 5 مليون جنيه.

فى البداية، يرى د. وليد جاب الله.. خبير التشريعات الاقتصادية، أن إعلان البنك المركزى عن مشروع قانون جديد لتنظيم الجهاز المصرفى، جاء نتيجة لسرعة التطور ومعدلات النمو فى هذا القطاع الحيوى، فقد تم تعديل قانون البنوك فى عامى 2004 و2005، وجاء التعديل الأخير ليتواكب مع التوجه الاقتصادى للدولة نحو الحرية الاقتصادية وزيادة نشاط القطاع الخاص وتطبيق المعايير العالمية للنشاط المصرفى، بما يسهل من الاندماج الاقتصادى والمالى مع الاقتصاد العالمى، مضيفاً أنه من الطبيعى أن يلاقى مقترح التعديلات اعتراضات من أصحاب المراكز المستقرة التى تخشى المساس بحقوقهم المكتسبة خلال السنوات الماضية.

وأوضح «جاب الله» أن مشروع القانون المقترح قدم حزمة من التعديلات التى يمكن تقسيمها لثلاثة أجزاء، أولاً: تعديلات تعزز من سلطات واستقلالية البنك المركزى فى مواجهة الحكومة، والتى من أهمها منح محافظ البنك المركزى العديد من الاختصاصات منها، تحديد نوابه الذين يتم تعيينهم فى مجلس الإدارة، والاختصاص بمباشرة الحق فى الاستثناء من الحظر المفروض على موظفى الجهات الرقابية من العمل فى البنوك أو المشاركة فى الجهات والشركات التى يساهم فيها البنك المركزى أو المال العام بعد موافقة مجلس الإدارة، كما منحة المشروع الحق فى ترشيح رؤساء وأعضاء مجالس إدارات البنوك العامة واقتراح تحديد المعاملة المالية والبدلات والمكافآت لهم على أن يصدر التعيين بقرار من مجلس الوزراء، مؤكداً أن زيادة سلطات محافظ البنك المركزى تعزز من استقلالية البنك المركزى وتدخل فى نطاق تقسيم العمل الحكومى، الذى من المفترض أنه لا يضير أحداً فى المجال المصرفى.

وأضاف أن القانون شمل عدداً من التعديلات التى تنظم إدارة البنوك وتعزز صلاحيات «المركزى» فى مواجهتها، ومنها وضع شروط وضوابط جديدة لاختيار وتعيين رؤساء وأعضاء مجالس إدارات البنوك العاملة فى مصر، من بينها أن يكون رئيس مجلس الإدارة مستقلا، بألا يكون موظفا فى البنك أو مساهما رئيسيا فيه أو يمثله خلال الثلاث سنوات السابقة على بدء سريان القانون، وألا يكون لرئيس مجلس إدارة البنك أى صلات قرابة حتى الدرجة الرابعة بأى من أعضاء المجلس أو الإدارة العليا، وألا تكون له أية مصالح تتعارض مع واجباته، وألا يتقاضى من البنك أى راتب أو مبلغ مالى باستثناء ما يتقاضاه مقابل عضويته فى المجلس، كما قصر المشروع المقترح التجديد لمجالس إدارات البنوك العامة المملوكة للدولة بمرة واحدة فقط بدلا من إبقائها مفتوحة فى القانون الحالى.

كما نص القانون على حق «المركزي» فى حضور اجتماعات مجالس إدارة البنوك، وسوف يترتب على هذه التعديلات تغيير شبه كامل لمعظم إدارات البنوك بما يعطى الفرصة لجيل جديد من القيادات المصرفية ويعزز من حوكمة الإدارة ويساعد على القضاء على سيطرة العائلات وأصحاب المصالح على القطاع المالى ويسهل من مباشرة البنك المركزى لمهامه المتعلقة بالرقابة المصرفية.

ولفت «جاب الله» أن الحزمة الثالثة تتضمن التعديلات التى ترفع مستوى الالتزامات المالية المقررة على البنوك، موضحاً أن المشروع المقترح رفع مقدار العديد من المقررات المالية، والتى من أهمها رفع رأسمال البنوك إلى مليار ونصف المليار بما يتفق مع القواعد المصرفية الحديثة، ويضمن كبر حجم قاعدة البنك ومن ثم زيادة فرص إقراض المشروعات خاصة فى ظل مقررات بازل 3 التى اشترطت ألا تزيد نسبة القروض على حد معين من القاعدة الرأسمالية للبنك، كما رفع رسوم الترخيص وعمليات الرقابة على المصارف 10 مرات مثيلتها المطبقة حاليا، لتصل إلى 100 ألف جنيه عن المركز الرئيسى لأى بنك أو شركة تخضع لأحكام القانون، و50 ألفا عن كل فرع أو وكالة، فضلاً عن رفعه لرأس مال شركات الصرافة إلى 20 مليون جنيه، بدلا من 5 ملايين جنيه، بما اعتبره البعض بمثابة تضييق الخناق على تلك الشركات من شأنه تصفيتها بشكل غير مباشر فى ظل احتدام المنافسة مع شركات الصرافة التابعة للبنوك الحكومية لها، وبصفة عامة ورغم مهاجمة البعض لهذه الزيادات، إلا أنها تبدو مناسبة لما هو مقرر من تنظيم جديد للعمل المصرفى وفقاً للمعايير الدولية الأخيرة التى قررتها لجنة بازل للرقابة المصرفية، وكذا تناسب التغيرات فى سعر الصرف الذى أدى لتراجع قيمة العملة المحلية أمام نظيرتها الأجنبية.

وطالب خبير التشريعات الاقتصادية بضرورة النظر إلى هذه التعديلات فى سياق متغيرات الاقتصاد المصرى والعالمى، حيث يتجه الاقتصاد المصرى خلال المرحلة الحالية لمزيد من الاندماج فى الاقتصاد العالمى، بما يستوجب معه سرعة تطبيق المعايير المصرفية الدولية (بازل3)، فضلاً عن أن وجود اتجاه لطرح نسبة من أسهم بعض البنوك بالبورصة، وفتح باب العمل المصرفى فى مصر، يستوجب منح البنك المركزى سلطات الرقابة اللازمة لإنجاح إدارته للسياسة المالية للدولة، لافتاً إلى أن البنك المركزى لم يتقدم بهذا المشروع إلا بعد استطلاع رأى خبراء صندوق النقد والبنك الدوليين بخصوصه والتأكد من الاحتياج لتلك التعديلات الجديد لإدارة مستجدات العمل المصرفى وفقاً للمعايير العالمية.

وعن مصير شركات الصرافة بعد اقتراح رأسمالها من 5 ملايين جنيه إلى 20 مليون جنيه، أكد جاب الله، إن زيادة رأسمال هذه الشركات شيئاً طبيعياً لانخفاض قيمة العملة، فقيمة 5 ملايين جنيه كانت محددة فى وقت كان فيه سعر الدولار أقل من 6 جنيهات، ومن الطبيعى زيادة رأس المال بعد أن ارتفعت قيمة الدولار لنحو18 جنيهاً، فضلا عن أن الأفضل لهذا النشاط هى الكيانات الكبيرة ويمكن أن تندمج الشركات الصغيرة فى شركة واحدة، حتى تتم تنقية السوق من الهواة وقليلى الخبرة والمضاربين، إضافة إلى احتدام المنافسة مع شركات الصرافة التابعة للبنوك الحكومية.

ويرى وائل النحاس.. الخبير الاقتصادى، وأستاذ الاستثمار والتمويل، أن توقيت تلك التعديلات غير مناسب وسيؤدى إلى حالة من التوتر والترقب فى السوق المصرفى، فى وقت تقوم فيه الحكومة باتخاذ إجراءات اقتصادية لإزالة أى عوائق أو مشكلات، موضحاً أن رفع رأسمال شركات الصرافة لن يضر الشركات القوية، وهذا ما تهدف اليه الحكومة، حتى يسهل رقابتها، ويحد من وجود السوق السوداء، لافتاً إلى أن مراقبة الحكومة، من خلال البنوك، لمكاتب الصرافة أدى إلى ضبط السوق واختفاء السوق السوداء خلال الفترة الماضية، مؤكداً أن تعديلات قانون البنوك ستؤدى إلى تطوير السياسية المصرفية، بما يتناسب مع القرارات الاقتصادية التى تتخذها البلاد خلال الفترة الحالية.

ومن جانبه، تساءل على الحريرى.. سكرتير شعبة الصرافة بغرفة القاهرة التجارية، عن الفائدة من رفع رأسمال الشركات إلى 20 مليوناً، خصوصاً وأن هناك 64 شركة تعمل فى مجال الصرافة ولها أكثر من فرع فى أنحاء الجمهورية، مؤكداً أن هناك عددا كبيرا من الشركات غير مؤهل لمثل هذه الزيادة، خاصة أنه تم زيادة رأس مال الشركات فى 2003 إلى 10 ملايين جنيه، ثم تقررعودته مرة أخرى إلى 5 ملايين جنيه، لافتاً إلى أنه لم يتم إخطار الشعبة بوجود أى مناقشات لمسودة القانون، قبل إخراجها للنور أو حتى بعد أن خرجت.

وقال الحريرى: «من الممكن إذا أقرت الحكومة القانون بمواده، فإن بعض الشركات الصغيرة قد تتجه إلى الاندماج لتحافظ على تواجدها فى السوق».

وأكد أحمد عبد التواب.. الموظف بإحدى شركات الصرافة بمنطقة وسط البلد أن الموظفين يضعون أيديهم على قلوبهم، بسبب قرار رفع رأسمال الشركات إلى 20 مليوناً، مشدداً على أن أصحاب الشركات سيضرون إلى تقليص عدد العمالة أو غلق شركاتهم، لافتاً إلى أن عددا كبيرا من الشركات أغلق فروعه واكتفى بالفرع الرئيسى أو أحد الأفرع الأخرى خلال العام الماضى.