تشهد الساحة السياسية في إثيوبيا حالة من الترقب والقلق، خاصة في إقليم تيغراي شمالي البلاد، إثر صراع داخلي تفجر داخل جبهة تحرير تيغراي. هذا الصراع أعاد المخاوف من شبح اندلاع نزاع أوسع في البلاد.
خلافات داخلية تعصف بجبهة تحرير تيغراي
تُعد جبهة تحرير تيغراي، التي كانت القوة المهيمنة في السياسة الإثيوبية قبل تولي آبي أحمد رئاسة الحكومة في 2018، الآن على مفترق طرق. النزاع الحالي بين زعيم الجبهة "دبراصيون غبراميكائي" ورئيس إدارة إقليم تيغراي "غيتاتشو ردا" (الذي يشغل أيضًا نائب رئيس الجبهة) يمثل أزمة وجودية، حيث تتصارع رؤى متنافسة حول مستقبل الجبهة والإقليم.
تاريخ الجبهة
تأسست جبهة تحرير تيغراي عام 1975، ولعبت دورًا محوريًا في الإطاحة بنظام مينغستو هيلي ماريام العسكري في 1991. بعد ذلك، هيمنت على الساحة السياسية الإثيوبية من خلال تشكيل نظام فيدرالي إثني استمر لأكثر من ثلاثة عقود، حتى تولي آبي أحمد السلطة. إلا أن نزاعًا مع الحكومة الفيدرالية اندلع بعد أن أحكمت الجبهة سيطرتها على إقليم تيغراي، واستمر النزاع لأكثر من عامين قبل توقيع اتفاق بريتوريا للسلام في نوفمبر 2022.
أسباب الخلاف الحالي
تدور الخلافات بين فصيلين رئيسيين داخل الجبهة. الأول يقوده زعيم الجبهة "دبراصيون غبراميكائيل"، الذي يمثل الحرس القديم المتشدد ويسعى لإعادة سيطرة الجبهة على الإقليم. الفصيل الآخر يقوده "غيتاتشو ردا"، الذي يتبنى نهجًا أكثر براغماتية وتصالحية مع الحكومة الفيدرالية، مع التركيز على تنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام.
سيناريو عودة النزاع
أصبحت المواجهة العلنية بين الفصيلين واضحة بعد عقد المؤتمر العام الـ14 لحزب جبهة تحرير تيغراي من قِبل فصيل "دبراصيون غبراميكائيل"، بالرغم من اعتراض مجلس الانتخابات الوطني الإثيوبي. قاطع المؤتمر 14 عضوًا من اللجنة المركزية، معتبرين أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تجدد النزاع مع الحكومة الفيدرالية.
مخاوف محلية ودولية
أعربت بعض الأحزاب السياسية في إقليم تيغراي عن مخاوفها من أن هذا الصراع سيقود الإقليم إلى نزاع جديد، ويهدد الاستقرار الذي تحقق بعد اتفاق بريتوريا.
وحذر مجلس الانتخابات الوطني الإثيوبي من أنه لن يعترف بعقد المؤتمر أو بالقرارات التي تصدر عنه، معتبرًا أنه يتعارض مع القوانين الفيدرالية.
وشدد المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، "ليجسي تولو"، على ضرورة احترام القانون والنظام، محذرًا من أن تحدي الجبهة المستمر قد يعرض السلام في الإقليم للخطر.
تداعيات الصراع
يرى مراقبون أن الصراع الحالي داخل جبهة تحرير تيغراي يهدد بإطالة أمد عدم الاستقرار السياسي في الإقليم، وقد يعقد الجهود الدولية لمراقبة عملية السلام. كما أن هذه التوترات قد تؤدي إلى اندلاع صراع جديد بين الجبهة والحكومة الفيدرالية، مما يعيد الإقليم إلى دائرة العنف التي عانى منها في السنوات الماضية.
ختامًا، تظل الأزمة في تيغراي بمثابة اختبار حقيقي لقدرة الأطراف المعنية على تجاوز الخلافات الداخلية والعمل من أجل مستقبل أكثر استقرارًا للإقليم ولإثيوبيا ككل.