مرت نحو أربع سنوات على برنامج الإصلاح الاقتصادى، والذى شهد خطة طموحة من الدولة المصرية وصلابة من المواطن المصرى الذى حرص على دعم القيادة السياسية فى خوض هذا البرنامج، لتبدأ مصر بالفعل جنى ثمار هذا البرنامج، فجاءت الإشادات الدولية لتثبت نجاح البرنامج وفق النتائج والمؤشرات الإيجابية، حيث حقق الناتج المحلى الإجمالى أعلى معدل نمو منذ 2011 ويسجل 5.6%، بينما هبط معدل البطالة لأدنى مستوى منذ 10 سنوات وسجل 7.5%، وانخفض العجز الكلى إلى 8.1% من الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى، وهبط التضخم من أعلى مستوياته ليصل إلى 13.5%، كذلك تراجع الدولار من مستوى 19 جنيهًا ليتحرك حول مستويات 16.10 جنيه، فى حين سجلت الاحتياطيات النقدية أعلى مستوى لها بمقدار 45 مليار دولار فى نوفمبر 2019.
وبدأ برنامج الإصلاح الاقتصادى بإجراء مفاوضات بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولى، للمساهمة فى تجاوز الوضع الاقتصادى المؤلم الذى كان يعانى منه الاقتصاد المصرى، ويقضى الاتفاق بتمويل مصر بـ12 مليار دولار خلال 3 سنوات مُقسمة على ثلاث شرائح متساوية، تدعم أرصدة الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى، وتتيح تمويلًا لسد عجز الموازنة العامة للدولة، وتمويل المشرعات بما يسهم فى خفض معدلات العجز فى الموازنة العامة والتضخم، كما يستهدف تحسين مستوى معيشة المواطن المصرى ودفع معدلات النمو الاقتصادى إلى مستويات تتراوح بين 5 و7% سنويًا خلال 5 سنوات، إلى جانب خفض عجز الموازنة العامة للدولة إلى أقل من 10%، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 9 مليارات دولار، تسهم فى سد الفجوة التمويلية التى تعانى منها مصر، فيما يتم استخدام أدوات السياسة المالية والسياسة النقدية فى تناغم واتساق تام لتحقيق المستهدفات المحددة، مع الاهتمام الكامل ببرامج الحماية الاجتماعية.
وارتكزت السياسة النقدية التى انتهجها البنك المركزى على رفع كفاءة أداء سوق النقد الأجنبى، وزيادة الاحتياطيات الأجنبية، وخفض التضخم إلى خانة الآحاد أثناء فترة البرنامج، والعمل على الانتقال إلى نظام مرن لسعر الصرف لتعزيز القدرة التنافسية، ودعم الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر، والذى من شأنه دعم النمو وفرص العمل وخفض احتياجات التمويل.
بينما تهدف الحماية الاجتماعية التى تمثل حجر الزاوية فى برنامج الإصلاح، توجيه جانب من وفورات الموازنة المتحققة من الإجراءات الإصلاحية نحو الإنفاق على التحويلات النقدية الاجتماعية، وبالتحديد فى مجالات دعم الغذاء والتحويلات الاجتماعية الموجهة إلى المستحقين، كما يتم الحفاظ على مخصصات التأمين والغذاء لمحدودى الدخل، ودعم ألبان وأدوية الأطفال، ووضع خطة لتحسين برامج الوجبات المدرسية، والتأمين الصحى للأطفال والمرأة المعيلة، والتدريب المهنى للشباب، علاوة على الاهتمام بالاستثمار فى البنية التحتية، كذلك الاهتمام بالإصلاحات الهيكلية لتحسين مناخ الأعمال، وتعميق أسواق العمل، وتبسيط اللوائح، وتشجيع المنافسة.
الناتج المحلى الإجمالى يحقق أعلى معدل نمو منذ 2011
نجحت سياسات الإصلاح المالى والاقتصادى فى تحقيق تحسن ملحوظ فى معدلات النمو الاقتصادى من بعد التحديات الصعبة، ليتسارع نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى من 4.3% فى 2015/2016 ليصل إلى 5.3% فى 2017/2018، فيما أظھرت أحدث المؤشرات عن وزارة التخطيط أن الناتج المحلى الإجمالى ارتفع خلال العام المالى 2019/2020 بنحو 5.6%، فى ضوء استمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وعودة الثقة فى الاقتصاد المصرى، حيث ساهم القطاع السلعى بنسبة 1.8% من معدل النمو المحقق، والذى يشمل قطاع الصناعات التحويلية التى ساهمت بـ0.5% من معدل النمو المحقق، بينما ساهمت الخدمات الإنتاجية بنحو 1.7%، وهو ما يؤكد التحول الجذرى فى مصادر النمو وتنوع مصادره ليصبح الاستثمار والتشييد والبناء والسياحة والغاز الطبيعى والصناعات التحويلية، المحركات الرئيسية للنمو مدفوعًا بمخطط الحكومة لجعل الاقتصاد المصرى أكثر إنتاجية وتوفير فرص عمل منتجة لتحسين مستوى معيشة المواطن.
وفى السياق نفسه، هناك بعض المؤشرات الأولية التى تؤكد استمرار تحقيق الاقتصاد المصرى لمعدلات نمو وتشغيل جيدة، ومنها مؤشر مديرى المشتريات الذى سجل 47.9نقطة فى نوفمبر 2019، مقارنة بأدنى مستوى له فى خمس سنوات عند 41.8 نقطة فى نوفمبر 2016.
كما ارتفع مؤشر الإنتاج الصناعى للصناعات التحويلية والاستخراجية على أساس سنوى ليحقق زيادة ملحوظة بلغت 13.6%، مسجلًا 131.2 نقطة فى الربع الأول من 2019/2020، مقارنة بـ115.5نقطة فى الربع الأول من 2015/2016.
معدل البطالة ينخفض لأدنى مستوى فى 10 سنوات
تزامنًا مع تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى ومع تحقيق معدلات النمو وتحرك عجلة الإنتاج، ساهمت المشروعات القومية التى تبنيها الدولة بجانب مشروعات القطاع الخاص فى توفير ملايين من فرص العمل، فأخذت معدلات البطالة اتجاها هبوطيًا، فبعد أن وصلت إلى 12.8% فى 2015، تقلصت إلى 12.5% عام 2016، ثم 11.8% عام 2017، وأيضًا انخفضت إلى 9.9% فى 2018، حتى وصلت إلى 7.5% فى الربع الثالث من 2019، وهو أدنى مستوى لها منذ 2011.
العجز الكلى انخفض إلى 8.1% من الناتج المحلى
جاءت انخفاضات العجز الكلى فى الموازنة العامة للدولة مرضية وفى إطارها المرسوم، حيث انخفض العجز الكلى للموازنة بمقدار 8.1% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى 2018/2019، مقابل 9.8% من الناتج المحلى فى 2017/2018، مقابل عجز كلى اقترب من 12% من الناتج المحلى فى 2015/2016.
وكانت الحكومة قبل تداعيات أزمة كورونا تستهدف خفض العجز الكلى فى الموازنة إلى 7.2% من الناتج.
التضخم يهبط من أعلى مستوياته
صعد معدل التضخم إلى 36%، بعد تحرير سعر الصرف بخلاف قرارات رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والغاز، وزيادة أسعار تذاكر قطارات السكك الحديدية ومترو الأنفاق على مدار السنوات الثلاث التى تلت قرار «التعويم»، بعد ذلك أخذت معدلات التضخم مسارها الهبوطى، وشهدت انخفاضات متتالية سجلت 30% عام 2017، وكان متوسط انخفاضه 13.5% خلال العام المالى 2019/2020، فيما تباطأ ليحقق معدل نمو سنوى أحادى بلغ 7.1% خلال شهر ديسمبر2019، مقارنة بـ12% خلال شهر ديسمبر 2018، كما تراجع معدل التضخم السنوى إلى نحو 5.8% خلال الفترة يوليو- ديسمبر2019/ 2020 مقارنة بـ14.9% خلال نفس الفترة من العام المالى السابق، متأثرًا بتراجع معدلات التضخم للطعام والشراب خلال نفس الفترة من العام.
تراجع أسعار الفائدة
ارتفعت أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة تزامنًا مع تنفيذ برنامج الإصلاح، وهذا فى ظل اتساق السياسات الاقتصادية للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة «مستهدفات التضخم»، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والحصول على التمويل الأجنبى اللازم.
وصعدت معدلات الفائدة من 12.12% فى 2015/2016 إلى 15.75% فى 2016/2017، كما صعدت إلى أعلى مستوياتها عند 19.2%، ونتيجة لتحسن الأوضاع بدأ البنك المركزى سياسة الخفض فى 2018/2019 لتسجل الفائدة 17.6%، وبعدها قام المركزى أيضًا بتخفيضات متتالية إلى أن وصلت إلى مستوى 13% بنهاية 2019، أى تراجعت أسعار الفائدة الأساسية إلى أدنى مستوى لها منذ تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 إلى سبتمبر 2019 بانخفاض 450 نقطة أساس، بما ساهم فى تزايد اقتراض القطاع الخاص من الجهاز المصرفى لترتفع حصته إلى 64% من إجمالى قروض البنوك المحلية بنهاية شهر أكتوبر 2019 كأعلى مستوى منذ مايو 2017 ومقارنة بنحو 58% فى ديسمبر 2018، حيث أدى ذلك إلى تزايد الاستثمار المباشر وريادة القطاع الخاص فى دفع عجلة الإنتاج ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر والنهوض بمعدل النمو الاقتصادى، بالإضافة إلى الأثر الإيجابى المتوقع على خفض تكلفة الدين الحكومى، بينما خفض المركزى الفائدة بواقع 3% مرة واحدة فى مارس الماضى، إثر تداعيات كورونا حتى وصلت إلى 9.75%.
الاحتياطى النقدى يسجل أعلى مستوياتها فى نوفمبر 2019
حقق صافى الاحتياطيات الدولية بالدولار قفزات متتالية، بعدما شهدت انخفاضًا حادًا يهدد السياسات الاقتصادية، وجاءت هذه القفزات بفضل زيادة موارد مصر من العملة الأجنبية «شرائح قرض صندوق النقد والمحافظ الأجنبية»، علاوة على زيادة الموارد من الصادرات وتحويلات المصريين فى الخارج والسياحة والاستثمار الأجنبى المباشر وقناة السويس، حيث ارتفعت إيرادات هذه القطاعات من 71 مليار دولار فى بداية البرنامج، لما يزيد على 90 مليار دولار.
وكان الاحتياطى مع بداية الإصلاح يُقدر بحوالى 17.5 مليار دولار فقط، لكنه مع استمرار برنامج الإصلاح وبدء صندوق النقد الدولى صرف شرائح القرض، بدأ سلسلة ارتفاعات ليسجل 31.3 مليار دولار فى 2016/2017، وقفز إلى 44.2 مليار دولار فى 2017/2018، كما سجل 44.3 مليار فى 2018/2019. وبنهاية نوفمبر 2019 ارتفع لأعلى مستوياته على الإطلاق ليسجل 45.35 مليار دولار، وهو ما يدعم الأوضاع الاقتصادية ويجعلها أكثر صلابة وثقة أمام المستثمرين الأجانب والمؤسسات التمويلية الدولية.
صافى الاستثمار الأجنبى المباشر يسير عكس التيار
لم يحقق صافى الاستثمار الأجنبى الأهداف المرجوة، ولم يكن أداؤه جيدًا كأداء العديد من المؤشرات فى ظل فترة الإصلاح لعدة أسباب داخلية وخارجية، حيث تراجع صافى الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر بنحو 1.8 مليار دولار، وبنسبة 23% خلال العام المالى 2018/2019، مسجلًا 5.902 مليار دولار، مقارنة بـ7.719 مليار دولار فى العام المالى السابق له 2017/2018.
هذا التراجع فى الاستثمارات أرجعه محللون وخبراء اقتصاد فى بنوك استثمار خلال مجموعة من التقارير الصحفية إلى أسباب محلية وعالمية، مؤكدين أن انخفاض صافى الاستثمار الأجنبى المباشر جاء نتيجة انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر عالميًا تحت وطأة تنامى مخاطر الاقتصاد العالمى، على الرغم من تطبيق الإصلاحات الاقتصادية بنجاح، فضلًا عن وجود اختلالات هيكلية طويلة الأمد فى السوق تعد عقبة أمام الاستثمار الأجنبى، ومنها أسعار الفائدة المرتفعة، والترتيب العالمى المتأخر لبيئة الأعمال.
فيما أرجع آخرون أن من بين أسباب تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر التوترات التجارية العالمية، والتى عادة ما تحد من تحركات رأس المال.
لكن على جانب آخر أشار مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «انكتاد» أن مصر الأكثر جذبًا للاستثمار الأجنبى المباشر فى إفريقيا، حيث اجتذبت استثمارات أجنبية مباشرة خلال النصف الأول من 2019 بقيمة 3.6 مليار دولار.
كما احتفظت مصر بمركزها كأكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبى المباشر فى أفريقيا بتدفقات وصلت لـ9 مليارات دولار فى 2019، بزيادة 11%، رغم انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى شمال أفريقيا لتصل إلى 14 مليار دولار، وفق تقرير «الأونكتاد».
الفائض الكلى فى ميزان المدفوعات
حقق ميزان المدفوعات فائضًا كليًا بلغ نحو 0.2 مليار دولار خلال الربع الأول من 2019/2010، فى ضوء تحسن وتراجع عجز الميزان التجارى بنحو مليار دولار ليحقق 8.8 مليار دولار خلال النصف الأول من 2019/2020، وانخفاض عجز ميزان المعاملات الجارية بشكل ملحوظ بنسبة 31% محققًا 1.4 مليار دولار، بالإضافة إلى تحقيق فائض فى ميزان الحساب الرأسمالى والمالى بلغ 0.7 مليار دولار خلال النصف الأول من 2019/2020.
السياحة المصرية تحقق أعلى إيرادات فى تاريخها
حققت مصر أعلى إيرادات للسياحة فى تاريخها عام 2019، بعدما تجاوزت 12.5 مليار دولار، مقارنة بـ9.8 مليار فى 2017-2018 بمعدل نمو 28.2٪، بما يعكس انتعاش أنشطة السياحة، ويترجم الجهود التى تبذلها الدولة للنهوض بالسياحة بمفهومها الشامل، باعتبارها إحدى دعائم الاقتصاد القومى.
وكان البنك المركزى المصرى قد أشار فى تقرير له إلى أن إجمالى إيرادات السياحة المصرية خلال 2018 سجلت زيادة 67%، عن إيرادات عام 2017 البالغة 7.8 مليار دولار وبنسبة 420% عن 2016 الذى سجل 2.5 مليار دولار إيرادات ومقابل 6.1 مليار دولار فى 2015 بزيادة 113%، وبذلك يرتفع اجمالى إيرادات السياحة بنسبة 233.6% خلال الفترة من 2015-2019.
وبلغ عدد السائحين الذين زاروا مصر خلال العام الماضى 13.1 مليون سائح بزيادة 1.8 مليون سائح عن عام 2018 البالغ 11.3 مليون سائح، لكنها تبقى أقل من العدد المسجل فى عام 2010 التى زار مصر فيها 14.7 مليون سائح.
قناة السويس تحقق أعلى إيرادات على الإطلاق
جاء العام المالى 2018/2019 لتحقق قناة السويس أعلى إيرادات على الإطلاق، بـ5.9 مليار دولار، وبواقع 104 مليارات جنيه، دخل منها الموازنة العامة نحو 72.2 مليار جنيه منها 34 مليار ضرائب، وأكثر من 32 مليار فائض إيرادات، إضافة إلى 5 مليارات من الإتاوة، فيما جرى صرف بقية الإيرادات على التشغيل والصيانة وعدد من المشروعات، حسب بيان سابق لوزارة المالية.
الحماية الاجتماعية
ورغم المشاق التى تكبدتها الدولة لإنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، إلا أنها تبنت فى الوقت ذاته حزمة إجراءات تسهم فى توفير الحماية الاجتماعية للطبقات والشرائح الأكثر احتياجًا، وكذلك توجيه وزيادة المخصصات إلى قطاعات التعليم والصحة ورفع كفاءة الإنفاق العام وترشيد الاستهلاك وتوصيل الدعم إلى مستحقيه من خلال برامج فعالة.
وبحسب بيانات الموازنة العامة للدولة، ارتفعت مخصصات الصحة والتعليم من 115 مليار جنيه فى 2014 إلى 210 مليارات فى عام 2019، بالإضافة إلى زيادة دعم الغذاء من 39.4 مليار جنيه فى 2014 إلى 87 مليار جنيه عام 2019.
كذلك توسعت الدولة أيضًا بحسب موازنتها العامة، فى برامج الإسكان الاجتماعى، ونفذت أكبر برنامج إسكان اجتماعى لمحدودى ومتوسطى الدخل، وجرى تسليم نحو 750 ألف وحدة سكنية كاملة التشطيب لأصحابها، حيث كان الجهاز المصرفى شريكًا أصيلًا فى تنفيذ مشروعات دعم وتحسين مستوى معيشة المواطنين، حيث وفر البنك المركزى والبنوك التجارية التمويل اللازم بعائد مخفض وصل إلى 50٪ أحيانًا، كما ضمت الحكومة نحو 100 ألف أسرة جديدة إلى برنامج «تكافل وكرامة».
وخصصت الحكومة 3.9 مليار جنيه لبرنامج الإسكان الاجتماعى، ودعمت برنامج تنمية الصادرات بنحو 6 مليارات جنيه و5.5 مليار جنيه كمخصصات الترفيق الصناعى، إضافة إلى 3.5 مليار جنيه لبرامج توصيل الغاز الطبيعى للمنازل.
وشهد الإنفاق على برامج التعليم زيادة ملحوظة، حيث خصصت الحكومة 4.2 مليار جنيه لمرحلة رياض الأطفال، و62.8 مليار جنيه لمرحلتى التعليم الابتدائى والإعدادى، و26.5 مليار جنيه للمرحلة الثانوية العام والفنى، ومليار جنيه لبرامج تعليم ذوى الاحتياجات الخاصة.
كما تحملت الموازنة العامة تمويلًا أكبر حركة ترقيات فى الجهاز الإدارى فى إبريل 2019، كذلك إقرار حزمة استثنائية من البرامج الاجتماعية لتخفيف العبء عن المواطنين برفع الحد الأدنى للأجور من 1200 إلى 2000 جنيه شهريًا، بالإضافة إلى 7% علاوة دورية للمخاطبين بالخدمة المدنية، و10% لغير المخاطبين، وبحد أدنى 75 جنيهًا، وزيادة المعاشات بنسبة 15% بحد أدنى 150 جنيهًا (نحو 9.2 دولار)، مع رفع الحد الأدنى للمعاش إلى 900 جنيه.
وقامت الحكومة بزيادة مخصصات الدعم لتشمل 89 مليار جنيه لدعم السلع التموينية، و18.5 مليار جنيه لصرف الدعم النقدى المتمثل فى معاش الضمان الاجتماعى، و3.5 مليار جنيه لدعم نقل الركاب، كما تبنت الحكومة عددًا من المبادرات الموجهة لخدمة المواطن فى محافظات مصر المختلفة، مثل برنامج «100 مليون صحة» و«أطفال بلا مأوى» و«فرصة».
الاقتصاد بين أزمة كورونا والسياسات التحفيزية
جاءت أزمة كورونا بمثابة صدمة للاقتصاد العالمى، فتسببت فى توقف حركة التجارة العالمية، وانخفض حجم الإنتاج والاستثمارات العالمى ما تسبب فى دخول اقتصادات العالم فى حالة أزمة اقتصادية تجاوزت الأزمة المالية العالمية، وهو ما انعكس على انهيار البورصات حول العالم وأسعار النفط، كذلك كانت صدمة للاقتصاد المصرى وعقبة أمام استكمال النتائج الإيجابية للإصلاح الاقتصادى، ولذلك كان لابد من تدخل الحكومة لإنقاذ الوضع الاقتصادى.
إجراءات تحفيزية من وزارة المالية
حرصت الحكومة على دعم ومساندة جميع القطاعات التى تأثرت أعمالها بالأزمة، وصرفت وزارة المالية 5.2 مليار جنيه من مستحقات المصدرين المتأخرة؛ للمساهمة فى توفير السيولة النقدية للشركات، حتى تتمكن من ضخها فى الإنتاج والاحتفاظ بالعمالة، مع الالتزام الكامل بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية؛ لضمان استمرار نتائج الإصلاحات الاقتصادية.
«المالية» تعهدت بإتاحة مبالغ كل شهر لصندوق تنمية الصادرات، حتى يتم سداد المتأخرات المستحقة للمصدرين من خلال تطبيق المبادرات الخمسة التى وافق عليها رئيس الوزراء، وفى مقدمتها مبادرة سداد 30% من المستحقات المتأخرة للمصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات بحد أدنى 5 ملايين جنيه لكل منهم، ومبادرة الاستثمار والمقاصة مع الضرائب، بما يُسهم فى مساندتهم ودفع عجلة الاقتصاد.
المركزى المصرى يتوسع فى السياسات التحفيزية
يعد التناغم الكبير بين الحكومة والبنك المركزى، أحد أهم أسباب نجاح البرنامج الاقتصادى، خاصة أن الأخير أخذ على عاتقه قرار تحرير سعر الصرف الذى كان من الركائز الأساسية لنجاح البرنامج فيما بعد، كما ساهمت قراراته الاستباقية ومبادراته، فى تحفيز معدلات النمو وامتصاص ما تعرض له الاقتصاد من صدمات.
مبادرة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة كانت على رأس هذه المبادرات التى حرص «المركزى» على تبنيها مطلع 2016، تنفيذًا لتكليفات الرئيس السيسي، حيث ألزم البنوك بتخصيص 20% من محافظها الائتمانية لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، مستهدفًا ضخ 200 مليار جنيه لهذه المشروعات خلال 4 سنوات، بفائدة ميسرة 5%.
هذه المبادرة ساهمت فى تعزيز اهتمام البنوك بالصناعات الصغيرة والمتوسطة التى تعتبر قاطرة التنمية فى العديد من الاقتصادات المتقدمة، لتتجاوز قيمة التمويلات التى ضختها البنوك المصرية فى هذه المبادرة، نحو 146 مليار جنيه حتى نهاية سبتمبر الماضى.
كما أطلق البنك المركزى فى فبراير 2019، مبادرة «رواد النيل»، التى تهدف لدعم نمو الشركات الصغيرة وتشجيع تأسيس الشركات الناشئة فى القطاعات الاقتصادية المستهدفة باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتقديم الدعم الفنى والإدارى، بالتنسيق المستمر مع جميع الشركاء المعنيين فى المنظومة الاقتصادية، حيث تولت جامعة النيل الأهلية تنفيذ المبادرة طبقًا لاتفاقية مع البنك المركزى مدتها خمس سنوات، بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ووزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، وأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، والبنوك والمعهد المصرفى المصرى، وشركاء آخرين من الجهات الحكومية والخاصة والجهات الدولية المانحة، وهو ما يأتى تحفيزًا لنمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تمثل عنصرًا رئيسيًا للاقتصاد القومى وتساهم بشكل كبير فى توفير فرص عمل.
قطاع السياحة
كان له نصيب الأسد فى مبادرات البنك المركزى كونه من أهم ركائز الاقتصاد القومى، وموردًا هامًا للنقد الأجنبى، حيث شهدت السنوات الماضية إطلاق العديد من المبادرات التى تخدم هذا القطاع والعاملين به، وكان منها مبادرة لتمويل عمليات الإحلال والتجديد للمنشآت السياحية والفندقية بقيمة 5 مليارات جنيه، على أن توفر البنوك التمويل بنسبة 75% بسعر فائدة 10%، وبحد أقصى 10 سنوات، وفقًا للدراسة الائتمانية للعميل.
كذلك قرر البنك المركزى فى ديسمبر 2018، مد فترة سريان مبادرة قروض التجزئة للعاملين بقطاع السياحة لتنتهى بنهاية ديسمبر 2019، يتم خلالها السماح للبنوك بترحيل استحقاقات عملاء القروض لأغراض استهلاكية والقروض العقارية للإسكان الشخصى لمدة 6 أشهر إضافية من تاريخ استحقاقها، للعملاء المنتظمين العاملين فى قطاع السياحة، مع عدم احتساب فوائد تأخير عن تلك الفترة مع استمرار سريان باقى بنود المبادرة.