طريق الحرير فرصة ذهبية لتحويل مصر لمركز لوجيستى عالمى


الاحد 09 أكتوبر 2016 | 02:00 صباحاً

وافقت مصر على الانضمام إلى المبادرة التى تقودها جمهورية الصين الشعبية لإحياء طريق الحرير القديم، وهى المبادرة التى عرفت باسم «الطريق والحزام» لتسهيل انتقال الاستثمارات الصينية إلى إفريقيا لتكون مصر بوابة العبور لتلك الاستثمارات والصناعات من خلال اشتراكها فى طريق الحرير الذى تموله الصين بنحو 4٠ مليار دولار، ويمر هذا الطريق بنحو 65 دولة حيث وافقت 50 دولة حتى الآن للمساهمة فى هذا المشروع الذى يربط آسيا وأوروبا وإفريقيا، كما يربطا دائرة شرق آسيا الاقتصادية بدائرة أوروبا الاقتصادية من طريق آخر.

وتناولت دراسة مهمة أعدتها جمعية رجال الأعمال المصريين حول طريق الحريرتحدثت فيها عن طريق الحرير الجديد وحزامه الاقتصادى والفوائد التى ستعود على مصر بانضمامها لهذه المبادرة وتتمثل فى تنشيط التجارة الداخلية والخارجية والاستفادة من محور قناة السويس وعمل مشروعات لوجيستية خاصة بالنقل البحرى.

وخلال زيارة الرئيس السيسى إلى الصين تبلورت فكرة أن تكون مصر مركزا وركيزة لطريق الحرير الجديد، فقد قدمت الصين مبادرة لإحياء طريق الحرير من خلال مصر وأكثر من 50 دولة يمر فيها الطريق ومن جانبه رحب الرئيس السيسى بالمبادرة، خاصة أن مصر فى حاجة إلى الاستثمارات الخارجية الكبيرة فى هذه المرحلة، وأكد أن القاهرة تدعم مثل هذه المبادرات الإيجابية التى تستهدف تحقيق التعاون ومصالح الشعوب وأن دور مصر وموقعها الاستراتيجى كنقطة ارتكاز رئيسية لتنفيذ هذه المبادرة الطموحة وتحقيق أهدافها خاصة أن مصر أصبحت على الطريق البحرى ضمن حزام الحرير الصينى وفى ظل المشروعات العملاقة التى يتم إقامتها الآن مثل مشروع قناة السويس الجديدة ومحور قناة السويس أصبح من الضرورة مشاركة الدول الكبرى اقتصاديا مثل الصين.

وتتمثل الفوائد الاقتصادية لطريق الحرير فى تنشيط التجارة الداخلية والخارجية ومع محور قناة السويس وعمل مشروعات لوجيستية خاصة بالنقل البحرى وخدمات السفن وصناعات التغليف والتعليب والصناعات المتعلقة بالنقل البحرى وأيضا مشروعات التخزين ونقل الحبوب، حيث سيؤمن مشروع صوامع دمياط مخزون مصر الاستراتيجى من الحبوب للسنوات القادمة وغيرها من المشروعات العملاقة سوف تحدث نقلة نوعية فى منطقة قناة السويس خلال السنوات القادمة وأنشطة منطقة التعاون الاقتصادى والتجارى المقامة بمشاركة واستثمارات صينية وما لكل تلك المشروعات من أهمية فى خلق ركائز أقوى لطريق الحرير البحرى فى صورته المعاصرة وبما يعود به هذا كله من منافع لمصر والصين.

وانضمت مصر رسميا للاتحاد التجارى للحزام الاقتصادى لطريق الحرير الصينى والذى يضم 92 منظمة أعمال صينية واجنبية وتم الاتفاق على اختيار جمعية رجال الأعمال المصريين ممثلا لمصر فى اتحاد طريق الحرير من خلال التعاون بين غرفة شنغهاى والجمعية.

ويرى مصطفى إبراهيم.. نائب رئيس مجلس الأعمال المصرى الصينى أن انضمام مصر لمبادرة طريق الحرير فرصة كبيرة لكى تصبح أكبر مركز لوجيستى فى منطقة الشرق الأوسط، حيث إن الصين لديها تجارة خارجية فى السوق الإفريقى تصل إلى 195 مليار دولار تسعى لزيادتها إلى 400 مليار دولار بحلول 2020 إلى جانب أن لديها تجارة بينية مع الدول العربية فى حدود 60 مليار دولار تتطلع لزيادتها إلى 600 مليار دولار بحلول 2020، موضحا أن الصين ستتخذ من طريق الحرير عاملا أساسيا لتدفق هذه المنتجات إلى هذه الاسواق وبالتالى ستكون مصر هى محور هذه المنطقة ولابد أن تستفيد بشكل سريع.

وقال إن طريق الحرير عبارة عن فكرة ولكن التخطيط النهائى للطريق لم يتم التوصل إليه حتى الآن، موضحا أن الطريق ينتهى فى ايطاليا عبر خط قطار، لذا قامت الصين بوضع مبالغ ضخمة للاستثمار فى اللوجيستيات فى منطقة مرور هذا الطريق.

وأضاف أن مصر تعتبر شريكاً فى جزء من طريق الحرير ومن المقرر أن ينتهى الجزء المخصص لمصر فى منطقة العين السخنة لأن مصر هى حجز الزاوية بين إفريقيا والمنطقة العربية، موضحا أنه من المرجح أن يكون الطريق فى مصر طريقاً بحرياً للتكامل مع مشروع محور قناة السويس والموانئ الجديدة التى يتم تطويرها هناك وفى منطقة شمال التفريعة، وبالتالى لابد للدولة أن تتحرك بكل الوزارات المعنية وتقديم عروض استثمارية للمستثمرين فى مجال التخزين وتموين السفن وإقامة مناطق لوجستية لتحقيق قيمة مضافة لمصر.

ويقول اللواء عادل ترك.. رئيس الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى إن طريق الحرير هو عبارة عن طريق معنوى يخدم حركة التجارة العالمية ومن الصين إلى دول العالم بشكل خاص، مضيفا أنه على المستوى الرسمى لا يوجد تخطيط لهذا الطريق ولم يتم تحديد المسارات التى سيمر خلالها.

وأضاف أن هناك تكاملاً بين أجهزة الدولة فى الوقت الحالى للانتهاء من إنشاء وتطوير طريق الإسكندرية كيب تاون، والذى بدأت أعمال التنفيذ له من فترة زمنية ليست بالقليلة والذى يهدف لربط الإسكندرية من خلال الطريق الصحراوى ثم إلى الطريق الصحراوى الغربى الذى أنشأته القوات المسلحة وصولاً إلى ميناء أرقين على الحدود مع السودان ثم تتسلم دولة السودان الطريق وتتولى تنفيذه ليصل إلى جنوب إفريقيا.

وأكد أن الجزء الخاص بمصر فى طريق الإسكندرية كيب تاون تم الانتهاء من تنفيذه بالكامل ولكن يبقى إعادة تطوير بعض المحاور الطولية التى تدخل ضمن المشروع القومى للطرق وهى بصدد الانتهاء تمهيدا لافتتاحها فى أكتوبر المقبل.

الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين.

وذكرت الدراسة التى أعدتها جمعية رجال الأعمال، أنه فى مارس من عام 2015 أصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح ووزارة الخارجية الصينية بشكل مشترك تحت عنوان «الرؤية والتحرك للدفع بالتشارك فى بناء الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الـ21» وهى الرؤية التى طرحها الرئيس الصينى خلال زيارته لآسيا الوسطى ودول جنوب شرق آسيا فى سبتمبر وأكتوبر من عام 2013، للتشارك فى بناء الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الـ21 والتى يشار إليها اختصارا «بالحزام والطريق».

ويمر هذا الطريق بـ65 دولة، حيث وافقت 50 دولة حتى الآن للمساهمة فى هذا المشروع، لربط آسيا وأوروبا وإفريقيا، كما يربطان دائرة شرقى آسيا الاقتصادية النشطة من طرف بدائرة أوروبا الاقتصادية المتقدمة من طرف آخر والتى يقع بينهما عدد غفير من الدول التى تكمن فيها إمكانيات هائلة للبنية التحتية والاقتصادية.

ويتركز الحزام الاقتصادى لطريق الحرير على تفضيل الممرات الآتية:

* ممر الصين -أوروبا عبر بحر البلطيق وعبر آسيا الوسطى وروسيا.

* ممر الصين منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط.. عبر آسيا الوسطى وغرب آسيا.

* ممر الصين جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا والمحيط الهندى.

ويتمثل الاتجاه الرئيسى لطريق الحرير البحرى للقرن الـ21 فى الانطلاق من الموانئ الساحلية بالصين إلى المحيط الهندى مرورا ببحر الصين الجنوبى امتدادا إلىأوروبا، وكذلك من الموانئ الساحلية بالصين إلى جنوبى المحيط الهادى عبر البحر الجنوبى.

وتأتى عودة طريق الحرير التاريخى ليربط بين شعوب العالم القديم كمبادرة لإحياء طريق الأقمشة والملابس لأوروبا وآسيا وإفريقيا وهو المشروع الذى يمر بـ65 دولة و50 عاصمة وافقت على المشاركة فى إحيائه.

ويعتبر طريق الحرير من أشهر الطرق التى ربطت بين شعوب العالم القديم وهى شبكة مكونة من مجموعة من الدروب والمسالك والمسارات البرية والبحرية الممتدة من الصين إلىأوروبا.

وكان لطريق الحرير تأثير كبير على ازدهار كثير من الحضارات القديمة مثل الصين والحضارة المصرية والهندية والرومانية حتى أنها أرست القواعد للعصر الحديث، حيث إنه يمر بين عشرات الدول فإذا كانت البداية من الصين فبعدها تأتى منغوليا وتركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وافغانستان وتركيا وإيران والهند وباكستان وسوريا ومصر وإيطاليا.

ويمتد طريق الحرير من المراكز التجارية فى شمال الصين، حيث ينقسم الطريق إلى فرعين شمالى وجنوبى، ويمر الفرع الشمالى من منطقة بلغار كيبتشاك وعبر شرقأوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الاسود وبحر مرمرة والبلقان ووصولا بالبندقية، بينما يمر الفرع الجنوبى من تركستان وخراسان عبر بلاد ما بين النهرين وكردستان والأناضول وسوريا وعبر تدمر وأنطاكيا إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام ومصر وشمال إفريقيا.

الفوائد السياسية والاقتصادية للصين فى طريق الحرير الجديد

ذكرت الدراسة التى أعدتها جمعية رجال الأعمال المصريين أن مجلس الدولة الصينى خصص للحزام الاقتصادى لطريق الحرير ومشروع طريق الحرير البحرى حوالى 40 مليار دولار أمريكى من أجل التمويل، وذلك من خلال صندوق «طريق الحرير» ضمن 4 مبادرات أُطلقت ببكين فى الفترة الاخيرة لدعم التنمية فى إفريقيا وجنوب شرق آسيا.

وكانت الصين فى شهر يوليو الماضى قد وافقت مع شركائها فى مجموعة دول البريكس على تأسيس بنك جديد للتنمية فى شنغهاى برأسمال يصل لنحو 100 مليار دولار لمساعدة الدول الأعضاء فى التغلب على تقلبات السوق المالية الدولية وتمويل مشروعات البنية التحتية فى الدول الناشئة.

وفى أكتوبر من عام 2015 خصصت الصين 50 مليار دولار أمريكى من أجل المساهمة فى تأسيس بنك الاستثمار الآسيوى للبنية التحتية AIIB وسيقوم البنك بتمويل مشروعات البنية التحتية فى جميع أنحاء آسيا مع منح اهتمام خاص بدول رابطة جنوب شرق آسيا ويستهدف البنك رفع تمويل مشروعاته لنحو 100 مليار دولار.

وفى نوفمبر الماضى وافقت الحكومتان الصينية والمكسيكية على إنشاء صندوق للتعاون الثنائى فى مجالات البنية التحتية والصناعة والسياحة والطاقة واتفقت كلتا الدولتين على المساهمة فى الصندوق بحصة إجمالية تصل لنحو 1.2 مليار دولار، على أن يتم مضاعفة هذه الحصة فى المستقبل.

وفى اطار مبادرة الطريق والحزام متوقع شق طرق برية وجوية ومرافق نقل واتصالات وتوليد كهرباء وطاقة وسكك حديدية جديدة بحيث تزيد حركة التدفقات للسلع والمعلومات والسياحة والطلاب ورجال الأعمال والتكنولوجيا الحديثة والمعارف العلمية بين الصين وشتى بقاع العالم وخلال سنوات قليلة سيكون النقل والسفر بين الصين وأوروبا على سبيل المثال أيسر وأسرع بكثير بنحو 10 مرات من الوقت الراهن مما سيكون له بالغ الأثر فى توسيع الاستثمارات الخارجية، من خلال وضع آليات لزيادة الاستثمارات الصينية فى مشروعات البنية التحتية والمشروعات التجارية فى الدول الأخرى التى تكون بحاجة ماسة إلى تطوير الطرق والبنية التحتية والتى تقع على طريق الحرير.

ووفقا لبنك التنمية الآسيوى فهناك عدد قليل من هذه البلدان سيكون لديها رأسمال يكفى لتمويل المشروعات اللازمة وحسب البنك نفسه يصل الناتج المحلى الإجمالى السنوى للبلدان فى هذه المناطق المستهدفة إلى نحو 21 تريليون دولار ولكنها مجتمعة تحتاج لأكثر من 730 مليار دولار من الاستثمارات فى البنية التحتية سنويا بحلول 2020 وهذا لا يمكن توفيره قطعا من خلال بنك التنمية الآسيوى والبنك الدولى اللذين يقومان لسنوات بتمويل مثل هذه المشروعات حيث سيقوم كلا البنكين بضخ نحو 20 مليار دولار فى الدول الآسيوية بشكل سنوى على أن يوجه نصف هذا المبلغ فقط لمشروعات البنية التحتية وهو ما حدا بالحكومة الصينية إلى إنشاء صندوق طريق الحرير الذى يعد أكبر صندوق للتعاون الثنائى بين الدول من أجل سد هذه الفجوة التمويلية وبالتالى تكتسب مبادرة طريق الحرير الجديدة بحسب عدد من الخبراء الماليين أهمية خاصة نظرا لكون بكين المصدر الوحيد للتمويل.

وستتم إدارة صندوق طريق الحرير على غرار هيئة استثمار بكين ولكنه سيكون صندوقاً متعدد الأطراف وليس للصين فقط حيث يجب أن يستند أى مشروع إلى إجماع أكثر من طرف وعلى الرغم من أن الصين ستكون صاحبة اليد العليا فإنها يجب أن تتفاوض مع الاعضاء الآخرين، فالدعم الحكومى المحلى عامل أساسى لإنجاز المشروع بنجاح وهو ما يستدعى، كما يشير عدد من الخبراء، ضرورة وضع نظام لإدارة الصندوق بحيث يعبر عن مصالح الجميع ويرعى فى نفس الوقت خلق الطلب الخارجى للشركات الصينية وتعزيز السوق المحلية، وبالتالى يوصى معظم الخبراء بضرورة الاستفادة من الخبرات الصينية والدولية من أجل توفير إدارة فعَّالة لصندوق طريق الحرير واقترح البعض صياغة استراتيجية عامة ومرنة فى نفس الوقت بحيث يمكن الاستفادة من الفرص الخاصة بكل بلد يعمل به الصندوق وبحسب مصدر فى صندوق التنمية الصينى الإفريقى فهناك مخاطر متنوعة تتمثل فى البيئات القانونية والسياسات الضريبية فى مختلف الدول وبالتالى يجب أن يتبنى صندوق طريق الحرير ترتيبات خاصة تتيح الدخول إلى السوق وتراعى السياسات المتبعة بكل دولة.

لقراءة التحقيق كاملا تصفح العدد

الالكترونى للجريدة العقارية