قرارات جديدة أصدرها البنك المركزي المصري خاصة بقواعد الترخيص والرقابة على شركات الصرافة، بعد أن شهد سوق النقد الأجنبي عدم استقرار خلال الفترة الماضية، وهو ما تطلب تدخل «المركزي» لضبط قواعد العمل بالصرافة والتأسيس لمرحلة جديدة أكثر التزاما وانضباطا.
أسواق الصرف الأجنبي مرت بالعديد من المراحل الهامة طوال تاريخها التي بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي وبالتحديد في 1990، حين تعددت أسواق الصرف الأجنبي ومن ثم صدور قرار إنشاء شركات الصرافة في مصر عام 1991 مع السماح لها بتداول العملة الأجنبية، وقد حملت أول شركة للصرافة اسم «المجموعة المصرية للصرافة والأعمال المالية» .
ومع مرور السنوات إزدادت شركات الصرافة على أن تلتزم بالحد الأدني لسعر الصرف الذي يحدده الجهاز المصرفي في حين تحدد فيما بينها الحد الأقصى وفقا للعرض والطلب، وفي عام 1993 جرى تحديد رأسمال شركات الصرافة بمليون جنيه، ووقتها كان سعر صرف الدولار 3 جنيه للدولار الواحد، وبعد ارتفاع سعر الصرف لـ6 جنيهات للدولار الواحد، ارتفع معه رأسمال شركات الصرافة لـ5 ملايين جنيه، إعمالا بالقانون رقم 88 لسنة 2003.
وفي عام 2016 ومع عدم استقرار سوق الصرف الأجنبي وممارسة بعض الشركات لمخالفات جرى توقيع العقوبات المنصوص عليها في القانون، دون احداث أي خلل بهذا السوق الهام، حتى جاء العام 2020 وبالتحديد في سبتمبر من نفس العام وأصدر مجلس النواب قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي، مع إدخال تعديلات جديدة لضبط أداء شركات الصرافة.
ونص قانون الصادر في 2020 على منح شركات الصرافة مهلة لتوفيق أوضاعها لمدة عام، حسبما ورد في المادة الرابعة ومع انتهاء المدة الأولى في سبتمبر 2021، وافق مجلس النواب في يوليو 2021 على زيادة المهلة لعام آخر تنتهي في سبتمبر 2022.
المهلة التي حددها القرار لم تكون كافية مما حمل بعض الشركات للتخارج من السوق، غير أن بعض الشركات لم تكن تعلم بنهاية المدة القانونية لتوفيق الأوضاع إلا بعد وصولها إنذار من البنك المركزي، وذلك لأن التعديلات التي أُجريت على قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادرة برقم 194 لعام 2020، لم يتم التباحث بشأنها مع أصحاب شركات الصرافة، مما أثر سلباً على أكثر من 70 شركة وهو عدد إجمالي الشركات العاملة في السوق حينها.
وفي العاشر من شهر مايو الجاري أصدر البنك المركزي بعض التعليمات المنظمة لعمل شركات الصرافة، حيث تم رفع رأسمال الشركات إلى 25 مليون جنيه بدلاً من 5 مليون جنيه كما كان الحال في القانون السابق رقم 88 لسنة 2003، فضلاً عن إلزامها أو الجهات المُرخص لها التعامل بالنقد الأجنبي، بسداد 100 ألف جنيه عن المركز الرئيسي لها، أما فيما يتعلق بفروع تلك الشركات، فألزم القانون بسداد مبلغ 50 ألف جنيه عن كل فرع عند التسجيل القانوني، إضافة لسداد رسم سنوي يُطلق عليه «رسم رقابة» على شركات الصرافة بما لايتجاوز 20 ألف جنيه عن مركزها الرئيسي و10 آلاف جنيه عن كل فرع يُسدد خلال شهر يناير من كل عام.
ومنح «المركزي» شركات الصرافة مهلة لمدة عام لتوفيق الأوضاع، تبدأ من تاريخ صدور التعليمات للالتزام بالمتطلبات الواردة بها باستثناء الحد الأدني لرأس المال الذي يتعين استفاءه بحد أقصي 15 سبتمبر من العام الحالي، كما حدد «المركزي» عدة إجراءات للحصول على الموافقة المبدئية لشركات الصرافة أبرزها تقديم طلب إلى البنك المركزي للحصول على موافقة مبدئية للسير في إجراءات ترخيص شركة الصرافة بشرط الأ يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن 25 مليون جنيه.
وتعرض الطلبات على مجلس إدارة البنك المركزي لإصدار قرار الترخيص، على أن يبت في الطلب خلال 90 يوما من تاريخ التقديم ويجوز لمجلس الإدارة ويجوز مضاعفة المدة عند الحاجة، وفي حال الموافقة يتم إخطار الشركة بالموافقة المبدئية على التأسيس خلال 6 أشهر من تاريخ الموافقة، ويجوز لمجلس الإدارة منح مهلة لمدة أخري مماثلة، وفي حالة رفض الطلب يخطر مقدم الطلب بذلك خلال 30 يوماً من تاريخ صدوره.
كما ألزم المركزي شركات الصرافة بسداد رسوم معاينة تبلغ 100 ألف جنيه للمركز الرئيسي و50 ألف جنيه لكل فرع، في حالة الترخيص أو طلب نقل المركز الرئيسي أو الفروع، في حين تدفع رسوم الرقابة المقدرة بـ20 ألف جنيه عن المركز الرئيسي و10 آلاف عن كل فرع خلال شهر يناير من كل عام.
من جانبه قال علي الحريري السكرتير العام لشعبة شركات الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الشعبة تسعى لعقد اجتماع مع حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، لمناقشة البنود التي أصدرها المركزي لتنظيم عمل شركات الصرافة.
وأضاف أن شركات الصرافة تواجه تحديات كبيرة في السوق المصري، منها تراجع أرباحها بسبب نقص عمليات بيع وشراء النقد الأجنبي، وكذلك إلزام البنك المركزي شركات الصرافة بتخصيص 5 ملايين جنيه من رأس المال المدفوع للشركة لكل فرع وفق تعديلات قواعد الترخيص والرقابة الأخيرة.
وقال «الحريري» إن شركات الصرافة غير التابعة للبنوك ستواجه تحديات صعبة في التوافق مع تعليمات البنك المركزي بسبب ما تعانيه من خسائر متلاحقة نظرا لتراجع حجم الأعمال ونقص تداول النقد الأجنبي مقابل زيادة مصروفاتها من دفع أجور العاملين وفواتير الخدمات.
وأشار إلى أن شركات الصرافة تكبدت الكثير من الخسائر خلال الثلاث سنوات الماضية نظرا لظهور السوق الموازية، موضحاً أن القطاع سيشهد تخارج لبعض الشركات نتيجة لهذه الاشتراطات وكذلك اندماج كيانات في بعضها البعض لتخطي هذه الأزمة.
واقترح «الحريري» إدخال بند جديد في القانون يسمح بتقسيم شركات الصرافة إلى فئتين: «فئة أولى ورأسمالها 25 مليون جنيه – فئة ثانية ورأسمالها 10 ملايين جنيه» بحيث يكون هناك تدرج في رأسمال الشركات وهو نظام معمول به في الكثير من الدول العربية لتسهيل عمل الشركات في القطاع، مضيفا أن شركات الصرافة تلعب دورا كبيرا في دعم السياحة،
وحول عمل شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، قال «الحريري» إنها معطلة حاليًا لأسباب كثيرة ولا تملك أي بيانات عن حجم السوق، إلا أنها تستعد لعقد اجتماع خلال الفترة القريبة القادمة لمناقشة بنود التعديلات الأخيرة التي أصدرها البنك المركزي.