«تأجيل فوائد أقساط الأراضى وربط سعر المنتج العقارى بأسعار المواد البناء».. هكذا وضع الدكتور أحمد شلبى الرئيس التنفيذى لشركة تطوير مصر، يده على أول الخيوط لإيجاد حلول منطقية للأزمات التي يمر بها السوق العقاري المصري، لكنه دعا الجهات الحكومية إلى إنشاء «سلة لأسعار مواد البناء» وفي حال ارتفاع الأسعار لا يتحمل العميل أكثر من 5% من الزيادات الجديدة.
وأضاف «شلبي» أن السوق العقارى المصرى يمر بأزمة فارقة، فى ظل الضربات المتسارعة والمتتالية التى شهدها منذ بدء منظومة الإصلاح الاقتصادى بنهاية 2016، موضحًا أن السوق شهد على مدار الـ 7 سنوات الماضية ضربات سريعة وعنيفة، إلا أن قوة السوق ساهمت بشكل كبير فى امتصاص أجزاء كبيرة من الصدمات، مشيرًا إلى أن الأحداث العالمية الأخيرة أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد العالمى والمصرى، وهذا ما ترتب عليه زيادة فى أسعار المواد الغذائية ومواد البناء المستوردة وكذلك سلاسل الإمداد.
وأشار «شلبى» إلى أن القطاع العقارى تأثر بالعديد من العوامل منذ 2016 أبرزها قرار تحرير سعر الصرف، وما ترتب عليه من زيادة الأسعار الخاصة بمواد البناء، وهذا ما حمل الشركات العقارية أعباء مالية إضافية، بخلاف إقرار الحكومة لمجموعة من القرارات الخاصة بالضرائب وآليات تطبيقها، بجانب الزيادات الجديدة لأسعار الوقود والمحروقات والتى أثرت على تكلفة النقل وجميع العوامل السابقة شكلت ضغطًا ماليًا كبيرًا على تنفيذ المشروعات.
زيادة أسعار الأراضي
وتابع أن زيادة أسعار الأراضي بشكل كبير وزيادة نسب الحكومة فى مشروعات الشراكة، كلها عوامل زادت من الضغوط المالية على الشركات وهذا ما أدى لارتفاع التكلفة الإجمالية للمشروعات، وذكر أن التحديات التى مر بها السوق العقارى المتمثلة في زيادة التكلفة وثبات سعر الوحدات أدت لتأكل أرباح الشركات العقارية نتيجة لقيام الشركات بتحمل فارق الأسعار بين التكلفة والمبيعات، مؤكدًا على أن كثرة المبيعات أصبحت عبء آخر على الشركات نتيجة لتغير تكلفة الإنشاء.
وصرح بأن السوق العقارى شهد مرحلة ثانية من التحديات بدأت منذ انتشار الجائحة التى اجتاحت العالم فى 2020، والتي تبعها حالة هدوء أو سكون عالمي، ليبدأ بعدها العالم للعودة بداية من 2021، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية تعاملت مع الجائحة بشكل احترافى من خلال اتخاذ الإجراءات الاحترازية دون توقف الانتاج والعمل مع إطلاق العديد من المبادرات الداعمة للقطاعات الاقتصادية، وحقق القطاع العقارى نتائج جيدة فى ظل تباطؤ كبير لمعدلات النمو الخاصة بالدول الكبرى.
وقال إن الجائحة مثلت أيضا ضغوطًا على الشركات فى ظل نقص سلال التوريد والإمداد وزيادة أسعار الشحن بالتوازى مع الحرب الاقتصادية بين الدول الكبرى، والتى انتهت بالحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن التحديات التي تواجه القطاع العقارى تتضمن أيضا انخفاض قيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية، وما نجم عنها من ارتفاعات فى الأسعار خاصة مواد البناء، موضحًا أن كثرة الضغوط التى تعرض لها السوق العقارى أجهدت القدرات المالية للشركات.
ونوه إلى أن الوضع الراهن بالقطاع العقارى صعب ولا يمكن لأى طرف من أطراف المنظومة تحمله بمفرده، سواء دولة أو مطور أو عميل، مشيرًا إلى أن المطور يتعرض لظروف استثنائية وهذا ما يتطلب تضافر الجميع لاستكمال عملية نمو السوق العقارى لتلبية احتياجات العملاء.
توقف البيع الوحدات العقارية
وأوضح أن الشركات العقارية لا تتجه إلى توقف البيع بشكل مستمر نظرًا لما تتحمله من التزامات كما أنها لا تستطيع فرض أسعار غير مبررة نظرًا للقدرات الشرائية المتاحة في الفترة الحالية والفئات المستهدفة أيضا، مؤكدًا على أن الدولة هى المنظم للسوق وتتحمل جزء من المسؤولية قد يعادل الجزء الذي يتحمله المطور وهذا للحفاظ على حقوق الأطراف ككل وذلك لاستمرار نمو القطاع العقارى.
وذكر بأن الضغوط التى تعرضت لها الشركات خلال الـ 3 سنوات الأخيرة قاسية وصعبة، الأمر الذى يتطلب حلولًا عاجلة بداية من الدولة وبمشاركة كل أطراف المنظومة، وذلك من خلال تشكيل فرق عمل للوصول إلى قرارات تتناسب مع المرحلة الراهنة، موضحًا أن مبيعات الـ 3 سنوات الماضية قيد التنفيذ فى الوقت الحالى.
وشدد «شلبى» على أن التيسيرات المطلوبة تتضمن تأجيل تحصيل الفائدة المقررة على الأرض لمدة لا تقل عن عامين خاصة مع ارتفاع تكلفة التمويل، وإن كان الوقت الحالى يتطلب تأجيل تحصيل الأقساط لمدة مماثلة أو سداد أقساط الأراضى دون سداد لقيمة الفائدة على أقصى تقدير، مع وضع آلية محددة لسعر الفائدة المفروضة على الأرض بنسبة ثابتة لا تزيد على 10%، موضحًا أن ربط سعر الفائدة المقررة من البنك المركزى بسعر فائدة الأرض غير منطقى، كونه يتسبب فى سحب سيولة كبيرة من الشركات في حين لو تم توجيهها للإنشاءات لزاد معدل دوران رأس المال.
ربط بيع الوحدات بسعر الدولار
وبشأن النقاش الذى يدور داخل أروقة السوق العقارى حول ربط سعر البيع بسعر الدولار، أوضح «شلبي» أن هذا أمر مرفوض لكونه يمثل خطر على الاقتصاد المصرى بشكل عام وهنا يجب ان ننظر لمصلحة القطاع ككل وليس فقط مصلحة قطاع واحدـ، وأري أنه يمكن مناقشة طرق بديلة للنهوض بالقطاع وتمكين المطورين من الوفاء بالتزاماتهم.
وصرح شلبي بأن هناك مناقشات تتضمن أيضا تحميل العميل جزء من التكلفة وقال إن هذا يعتبر موضوع شائك للغاية لأنه قد يحدث حالة من الارتباك فى السوق العقارى، وأن لجوء الشركات لمثل هذه الآلية قد يؤدى إلى تغييرات كبيرة فى القطاع العقارى نتيجة لافتقاد العملاء الثقة فى القطاع كملاذ أمن للاستثمار وهذا ما قد يؤدى لضعف الإقبال على القطاع العقارى.
ولذلك فهذه الأفكار والحلول تحتاج لمزيد من المناقشات ،مشيرًا إلى آلية أخري لتحميل العميل جزء من التكلفة، وفي هذه الحالة يمكن أن تتجه الحكومة إلى إنشاء سلة لأسعار مواد البناء التي لديها سعر عالمي معلن وتستخدم في للإنشاء مثل الحديد و الاسمنت والطوب والألمنيوم، وفي حال ارتفاع أسعار هذه الخامات عن سعر معين يتم الاتفاق عليه يتحمل العميل الفارق في السعر مع العلم أن هذه الزيادة يجب أن يكون لها متوسط سنوي لانه لا يمكن احتساب كل زيادة لأنها متغيرة، ويجب ان تكون فكرة تحميل العميل مذكورة في العقد ومربوطة بحد أقصي، وفى حال الوصول إلى رؤية متكاملة ومتفق عليها من أطراف المنظومة لحسم هذا الأمر وتطبيقه لابد أن يُقبل كلا من الدولة والمطور بواقع أن السوق سيتجه نحو الانكماش.
تصنيف الشركات العقارية
ونوه إلى أن هناك اختلاف فى تصنيف الشركات العقارية فبعض الشركات تمتلك محافظ أراضى قديمة بمساحات كبيرة، حصلت عليها بأسعار منخفضة عن الأسعار الحالية ولابد أن لا ننكر أن هذه الشركات تمتلك فرصة جيدة لتحقيق أرباح، بينما الشركات التى تمتلك محفظة أراضى حديثة بأسعار مرتفعة فهى الشركات الأكثر عرضة لأن تشهد تأكل كبير في أرباحها نتيجة لزيادة تكلفة الإنشاء وأيضا فائدة الأرض وأقساطها، وهذا ما يشير إلى أن هناك شركات قادرة على تحقيق أرباح وأخرى ليست لديها نفس القدرة.