فخري الفقي يكشف كواليس سعر الصرف والفائدة ومفاوضات صندوق النقد الدولي


الاقتراب من توقيع قرض الصندوق بـ 5 أو 7 مليارات دولار

الاثنين 10 أكتوبر 2022 | 04:32 مساءً
فخري الفقي
فخري الفقي
صفاء لويس وفاطمةإمام

كشف الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، والمسئول السابق بصندوق النقد الدولي عن توقعاته وقراءته لكواليس سعر الصرف ومعدل الفائدة والمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي في ضوء خطط ومستهدفات الحكومة المتفق عليها والمعلنة أمام أعضاء مجلس النواب.

وبرأيه أن الحكومة تستهدف رفع الدولار 5 قروش أسبوعياً حتى نهاية العام، كما أن الدولار يتجه نحو 23 جنيه مصري بنسبة ارتفاع متوقع 29%، وما يحدث في سوق الصرف هو تحرير تدريجي قد لا يقبله صندوق النقد الدولي، وفى حالة تحرير الدولار ربما يصل إلى 30 جنيهاً ثم يعاود الهبوط إلى 23 جنيهاً.

وأوضح في الحوار التالي، إن تثبيت سعر الفائدة جاء منعاً لمزيد من تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة حيث إن كل زيادة 1% في سعر الفائدة تكبد الموازنة العامة عبئاً إضافية بقيمة 28 مليار جنيه لخدمة الدين، وتستعد الحكومة لبيع 20% من البنك العربي الأفريقي الدولي لتوفير الدولار، متوقعاً أن تصل إيرادات بيع المصرف المتحد إلى نحو1.5 مليار دولار.

بداية.. كيف يتم احتساب القيمة الحقيقية لسعر الدولار أمام الجنيه؟

إذا كانت سلعة فى الولايات المتحدة الأمريكية يصل سعرها إلى 15 دولاراً، وتسجل نحو 120 جنيهًا في السوق المصري، يمكننا القول بأن الـ 15 دولارًا يعادل 120 جنيهًا، مفسرًا أن هناك معادلة فى القوى الشرائية لسعر الصرف الحقيقي للدولار والتي يصل إلى نحو 8 جنيهات، وتنطبق هذه المعادلة على الولايات المتحدة الأمريكية فقط.

ويتم احتساب القيمة الحقيقية لسعر الدولار مقابل الجنيه المصري من خلال قسمة معدلات التضخم فى سنوات الاستقرار على التضخم فى عام الأساس، ليصبح الناتج رقمًا قياسيًا من 100% فإن ارتفع إلى أكثر من 100% يدل على أن مؤشر قيمة الجنيه أعلى من القيمة الحقيقية ولابد من تخفيضة، وإن وصلت نسبة إلى 100% يكون هو السعر العادل، وفي حالة وصول الناتج لنسبة أقل من 100% فهذا يتطلب رفع قيمة الجنيه بنفس النسبة لتصل إلى 100%.

ما هي المعايير التي يعتمد عليها صندوق النقد الدولي فيما يخص مؤشرات سعر الصرف؟

يعتمد صندوق النقد الدولي مؤشر سعر الصرف الحقيقي بناء على مجموعة من المعايير ومن أهمها قياس حجم الطلب على الدولار فى الدولة المصرية من خلال الاعتمادات المستندية، وهناك طلب غير مشبع، مع توقعات بانفراجة قريبة للطلب والعرض فيما يخص الدولار الأمريكى فى السوق المصري.

ونرى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يسير بشكل بطيء نظرًا لمراقبة البنك المركزى له، لاسيما أن قرارات المركزى حجّمت السوق السوداء خاصة بعد إلغاء نظام بوالص التحصيل في الاستيراد، وعدم اعتماد الدولار من خارج الجهاز المصرفى، لذلك جاءت التوجيهات السياسية بتدبير العملات الأجنبية لجميع السلع الاستراتيجية، بالإضافة إلى مدخلات الإنتاج وجزء من قطع الغيار وبعض الأغراض الخاصة بالمنشآت السياحية.

تطبق الدولة سياستها فى السوق المصرية والتي تتضمن زيادة سعر الدولار من 5 إلى 10 قروش اسبوعيًا حتى نهاية العام الجاري ليصل إلى سعر الدولار الحقيقى، فى ظل الرفض التام لتحرير سعر الجنيه بشكل تام.

وقد انخفض الجنيه المصرى مقابل الدولار بنحو 19% من خلال احتساب سعره 15.70 جنيه فى سنة الاستقرار إلى السعر الحالى 19.36 جنيه، وبالإضافة إلى أن المؤشرات التي تم وضعها من قبل الجهات المالية فإن نسبة الانخفاض الخاصة بالجنيه المصرى سوف تصل إلى نحو 29%، ليسجل سعر الدولار نحو 23 جنيه فى السوق الرسمي.

كما أنه فى حال تعويم الجنيه إلى 30 جنيهًا سيعود مرة أخرى للهبوط عند مستوى يتراوح من 23 إلى 24 جنيهًا، وذلك بعد اكتمال دورته مثلما حدث فى المرحلة السابقة من برنامج الاصلاح الاقتصادى فى 2016.

وهل ارتفاع الدولار أمام الجنيه بنسبة 10% سوف يساهم في تغطية العجز؟

في حال زيادة سعر الدولار أمام الجنيه بنسبة 10% فقط، فإنه لا يمكن تلبية احتياجات السوق المصري من الدولار، خاصة وأن الزيادات السعرية للدولار قد تصل إلى 30 جنيهًا، رغم أن القيمة العادلة له سوف تسجل 22 جنيهًا، والسبب في ذلك هو المضاربة على الدولار فى السوق الموازى.

كما أن هناك فرق بين التحرير الكامل والمدار، بينما ما يحدث حالياً هو تحرير تدريجي ولن يقبل به صندوق النقد الدولي لاسيما أن الضغط الدولي على الصندوق من خلال أعضاءه بهدف تفهم وجهات نظر مصر والأحداث المترتبة.

هل سيتم التساهل في العمل بالاعتمادات المستندية والعودة لإيصالات التحصيل؟

من الصعب إلغاء التعامل بالاعتمادات المستندية خلال الفترة الحالية، بينما قد يتم التعامل بإيصالات التحصيل خلال الفترة المقبلة، لاسيما وأن المستوردين المصريين يقومون بالحصول على فترة سماح تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر لسداد قيمة السلع.

ويقوم الموردون بإرسال السلع للمستوردين المصريين، ثم بعد ذلك يقوم المستوردون بتوزيع السلع والتواصل مع البنك الراغب التعامل معه بهدف توفير السيولة الأجنبية مع دفعها بالعملة المحلية من خلال المستند، ليأتي دور البنك كمحصل بالعملة المحلية وإرسالها للمورد بالعملات الأجنبية.

كما أنه سيعود العمل بإيصالات التحصيل مع عودة الاستثمارات الأجنبية للسوق المصرى مرة أخرى بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، حيث تطوف تلك الأموال حول 45 سوقًا ناشئًا، وقد خرجت منها جميعاً بالتوازي مع رفع أسعار الفائدة من خلال الفيدرالى الأمريكي.

هل سيتم رفع سعر الفائدة مرة أخرى على الجنيه في مصر؟

أوصى البنك المركزى بتقليل الكاش داخل السوق المصرية بديلا عن ارتفاع سعر الفائدة، لما يمثله رفع الفائدة من خطورة في التأثير على عجز الموازنة وزيادة فى فوائد الدين بنحو 28 مليار جنيه لكل 1%.

ويعد سعر الفائدة أحد أهم أسباب انكماش السوق المصرى، لاسيما إذا تم كسر موجة التضخم برفع أسعار الفائدة مما قد يؤدي إلى التباطؤ في النمو الاقتصادي وينتج عن ذلك الزيادة فى عجز الموازنة بالإضافة إلى إن المركزى يقوم بالبحث عن بدائل جديدة لسحب السيولة المالية من السوق.

ووصلت السيولة المالية بالقطاع المصرفي إلى 6 تريليونات جنيه مطالبة بفائدة متنوعة، لاسيما أنه يؤكد أن المسار الآمن للبنوك هو شراء أصول خزانة من خلال تمويل عجز الحكومة، أو منح تمويلات لرجال الاعمال ليصبح اجمالى ما يتم توظيفه من تلك المحفظة نحو 48%، لتبقى 3 تريليونات أخرى مطالبة بفوائد متنوعة من الحكومة.

وماهي البدائل الاستثمارية التي قام البنك المركزي بتوفيرها؟

قام البنك المركزى بتوفير بدائل استثمارية من خلال إتاحة ربط الودائع المالية بالبنك المركزي بفائدة مُحددة، وأتاح تجديد تلك الودائع، مشيًرا أنه سيعود بالنفع على البنوك، لاسيما أن المركزى يقوم بحجب تلك المبالغ عن التداول، أو من خلال توفير سيولة للحكومة، كما يتحمل البنك المركزى الفارق دعماً للقطاع المصرفي مما يتسبب في خسائر للبنك المركزي بلغت 30 مليار جنيه.

كما أن البنك المركزى حصل على 400 مليار جنيه من البنوك، فى ظل سياسة البيع والشراء بضمان الوديعة، مضيفا انه من افضل الطرق بديلا لرفع اسعار الفائدة.

حدثنا عن صافى الالتزامات الأجنبية إلى أين وصلت؟

بدأت صافى الالتزامات الأجنبية تتعافى خاصة بعد وقف الاستيراد للسلع الهامشية، لاسيما أن السلع الاساسية تمثل نحو 85% منها أكثر من 55% مستلزمات انتاج.

وفيما تتراوح الواردات الحالية لمصر بين 85 إلى 90 مليار دولار، بينما لن تتراجع الواردات عن 90 مليار دولار سنويًا، رغم أنها كانت 70 مليار دولار في نهاية 2018.

وتتمثل مصادر النقد الأجنبي بالسوق المصرى في خمسة قنوات الأولى سجلت 45 مليار دولار للسلع البترولية، وأما المورد الثانى هو التحويلات الخاصة بالمصريين في الخارج وسجلت نحو 32 مليار دولار.

ثم تأتي إيرادات السياحة والتي سجلت نحو 12 مليار دولار بنهاية العام الحالى، وأتوقع أن تصل إلى 50 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، والرابع هو إيرادات قناة السويس التي وصلت إلى 7 مليارات دولار، لاسيما وسط توقعات تشير بوصول العائد الاستثمارى إلى قيمة 8.5 مليار دولار خلال العام المقبل.

أما المصدر الخامس يتمثل في الاستثمارات الاجنبية المباشرة وغير المباشرة من خلال الاستحواذات أو عبر تأسيس مشروعات جديدة متوقعًا دخول مستثمرين عرب إلى السوق المصرية خلال الفترة المقبلة.

وتتمثل استراتيجية الحكومة المصرية في طرح جزء كبير من حصتها الخاصة بالشركات لاسيما أن الحكومة تستهدف طرح جزء من أسهم بعض البنوك للبيع أبرزها البنك العربى الافريقى والذى تمتلكه مصر بالتعاون مع الحكومة الكويتية، بنسبة %50 لكل دولة، حيث من المقرر طرح 20% من أسهم مصر للبيع، ما يؤدي إلى بيع الشريك الكويتي لنحو 20% لتتساوى النسب وفقًا للعقود المبرمة والاتفاقيات المحررة.

وأضاف أن المصرف المتحد سيتم بيعه خاصة بعد تعليق صندوق النقد الدولي لاسيما أن أحد الصناديق الاستثمارية العربية قدمت عروض للشراء، لافتا ان المالك الأساسي للمصرف هو البنك المركزى ويتعارض ذلك مع مبدأ فصل الرقابة عن المكلية، وفى تصوري يصل سعر البنك نحو 1.5 مليار دولار.

هل سيتم طرح بنوك أخرى للبيع بخلاف المصرف المتحد والعربي الأفريقي؟

لم تذكر الحكومة بنوك أخرى وفقاً لبرنامج الطروحات القديم الذي كان يضم 23 كيانًا منها 20 شركة قطاع أعمال عام و3 بنوك، والحكومة المصرية تقوم حالياً بالتعاون مع صندوق النقد لعمل جدول زمنى للطروحات، ومن المقرر طرح عدد من البنوك والشركات خلال العام المالى الجاري، بما لا يحقق تخمة فى الطروحات.

وأتوقع أن المباحثات مع صندوق النقد الدولي أوشكت على الانتهاء، وفي تصوري المبلغ سيكون في حدود 5 إلى 7 مليارات دولار.