لم يكن خبر إفلاس
دولة لبنان وبنكها المركزي خبرًا صادمًا؛ فتعيش لبنان حالة اقتصادية صعبة منذ
سنوات، وانهيار غير مسبوق لعملتها.
أزمة اقتصادية
خانقة تعرضت لها لبنان، أدت إلى عدم قدرتها على توفير الغذاء للمواطنين خلال شهر
رمضان، وغابت اللحوم عن موائد الصائمين، فضلًا عن اختفاء الوقود من المحطات،
والانقطاع المتكرر للكهرباء صيفًا وشتاءً.
الأزمة اللبنانية
ضمن أسوأ 3 أزمات في العالم
ووفقًا
لـ"بلومبرج"، قال ساروج كومار جاه مدير دائرة الشرق
الأوسط في البنك الدولي، إن الأزمة اللبنانية الحالية من أسوأ 3 أزمات في
العالم، مؤكدًا أن الوضع الاقتصادي "مُريع"؛ فقد بلغ حجم الانكماش
الاقتصادي نحو 60% حتى عام 2021.
ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهيارًا اقتصاديًا غير
مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
ويترافق ذلك مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات
إصلاحية تحدّ من التدهور، وتُحسّن من نوعية حياة السُكان الذين يعيش أكثر من 80%
منهم تحت خط الفقر.
ماذا يعني إفلاس
الدولة؟
تستدين الدول
لسد عجز موازناتها، وشراء احتياجاتها وتمويل مشروعاتها أو بنيتها التحتية، ويتعرض
البعض منها لمشكلات اقتصادية تُقيد قدرتها على سداد الديون.
وبشكل عام،
الدول لا تُفلس بالشكل الذي يحدث في الشركات الاستثمارية، ولا يمكن أن تقوم
المحكمة الدولية بوضع يدها على أصول وممتلكات الدولة لبيعها وتسديد مستحقات
الدائنين، كما تفعل مع الشركات، فالدولة لها سيادتها الخاصة، ولا يسمح القانون
الدولي بتجاوزها.
ولكن يحدث
الإفلاس في الدولة عندما تكون عاجزة عن سداد ديونها، وغير قادرة على الوفاء
بالتزاماتها المالية الأخرى، مثل دفع الرواتب والأجور، ودفع ثمن ما تستورده من
البضائع والسلع، وفي مثل هذا الوضع تكون الدولة ضعيفة ماليًا، لا تستطيع تسيير
الأمور الاقتصادية والاجتماعية.
أسباب إفلاس
الدولة
ومن أهم أسباب
إفلاس الدولة، هو انخفاض حاد بالإيرادات العامة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع المديونية
أو لسبب أزمة اقتصادية خانقة نتيجة لسياسات وقرارات خاطئة، أو لسبب خسارة الدولة
للحرب مع دولة أخرى.
وتلجأ الدولة
قبل إعلان إفلاسها إلى اتخاذ إجراءات صعبة للغاية، مثل زيادة الضرائب، وخفض
النفقات العامة، ووقف التوظيف في القطاع العام، وقد تلجأ إلى البلدان الصديقة أو
المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، لإقراضها، وإنقاذها من الوضع المالي
الصعب.
ماذا بعد الإفلاس؟
عندما تعلن دولة
ما إفلاسها تحدث هزة اقتصادية قوية محليًا، ويندفع المستثمرون وأصحاب المدخرات،
الذين يتوقعون هبوطًا قويًا في قيمة العملة المحلية، لسحب أموالهم من الحسابات
المصرفية ونقلها خارج البلاد.
ومن أجل وقف
هبوط قيمة العملة وسحوبات الأموال، تلجأ الحكومة المُتعثرة في سداد الديون إلى
إغلاق البنوك وفرض قيود على حركة رؤوس الأموال.
أما على الصعيد
الخارجي وكعقاب على التعثر في السداد، تفرض أسواق رأس المال إما معدلات اقتراض
عقابية أو رفض الإقراض مجددا، ثم تصدر وكالات التصنيف الائتماني تحذيرات بشأن
الاستثمار في الدولة المتعثرة.
ويجري تسوية
الديون أو إعادة هيكلتها بين الحكومات المتعثرة والدائنين، دون وجود قوانين دولية
تنظم هذا الأمر، ولكن التفاوض بشأنها يكون مُكلفًا ومُرهقًا لجميع الأطراف، حتى
يتم التوصل إلى اتفاق مرض.