290 بنكًا مهددًا بالإفلاس.. وتوقف الإنشاءات بـ مليون و400 ألف وحدة سكنية.. و200 ألف عامل على حافة التسريح
القطاع المصرفي يدير اقتصاديات الدولة المصرية باحترافية شديدة
مشروعات الرئيس السيسي العمود الفقري للاقتصاد
اقتصادنا الأخضر والأزرق قادر على مواجهة الأزمات العالمية
أنصح المطورين والمستثمرين العقاريين بالتوجه الأفقي من صعيد مصر
أؤيد قانون الضريبة الرأسمالية على أرباح البورصة ورفضها مجرد صراخ
تأتي العقارات بما لا تشتهي الصين، لم يكن بمخيلة أحد أن تهوى أكبر الشركات العقارية في العالم «إيفر جراند»، خاصة وأنها تعمل في بنية اقتصادية لواحدة من أكثر الدول اتزانًا واستقرارًا ماليًا، وهي الصين، إمبراطور الصناعة والتصدير في ربوع الأرض، الأمر الذي عزز ثقتها لدي المستمثرين، وخيب آمالهم التي وصلت لحد الاصطدام.
لم تقتصر أزمة «إيفر جراند» فقط على القطاع العقاري، وإنما تمدت إلى ما هو أبعد من حدود الصين، بمثابة فوهة بركان ينذر بانفجار أزمة اقتصادية عالمية مشابهة لما حدث في عام 2008، والتي تسبب فيها بنك ليمان براذرز، الذي لحق بسببه كارثة اقتصادية بالولايات المتحدة الأمريكية، طالت عدة بلدان حول العالم لا تزال بعضها يسدد في فاتورتها حتى الآن، وعلى رأسها اليونان تحاول الخروج من مرحلة التعافي إلى مرحلة الاستقرار.
غرقت الشركة في بحر ديون سجل 310 مليارات دولار، باعتبارها ثاني مطور في الصين، الأمر الذي رآه بعض المحللين أنه لا يمثل ضررًا لكون حجم الاقتصاد الصيني يتخطى 16 تريليونا مع ناتج محلي إجمالي يتخطى 14 تريليونا، ما يجعل الحكومة قادرة على احتواء الأزمة بسهولة الأمر الذي قابلته بكين بردًا رسميًا حكوميًا: «لا توجد شركة أكبر من أن تفشل»، ما يشير إلى أن الحكومة ستتوقف عن منح مساعدات للأزمات العقارية التي تعيشها الصين منذ 8 سنوات تقريبًا، واضعة الشركات أمام مسئوليها لحل مشكلاتها.
ووصف محللون سقوط مجموعة «تشاينا إيفرجراند»، بالأمر الكارثي حيث تؤكد الإحصائيات إن قرابة 170 بنكا صينيا و120 بنكا أجنبيا سوف يلحقها ضررا قد يصل إلى حد إفلاس بعضها، مما فضلًا عن 160 مليار دولار ديونا لصالح الشركات التي تورد مواد البناء للشركة.
وحال سقوط الشركة، وعدم تعافيها، فهناك أكثر 1300 مشروع سكني بـ 280 مدينة صينية، وأكثر من 1.4 مليون وحدة سكنية بها لم تكتمل وستتوقف، بالإضافة إلى 200 ألف موظف وملايين العمال، وكل ذلك يأتي وسط انخفاض سعر السهم المتداول ببورصة ناسداك إلى 29 سنتا بدلًا من 3.4 دولار مطلع هذا العام، ما جعل حملة الأسهم يخسرون مدخرات بقرابة 90%.
ويتمد أثر سقوط «تشاينا إيفرجراند»، لقطاعات اقتصادية أخرى، نظرًا لاتجاه غالبية الصينين للاستثمار في العقار لكونه الملاذ الآمن حيث يمثل القطاع العقاري من 20 : 30% من الاقتصاد الصيني.
وأعلنت الشركة، انخفاض وتراجع مبيعاتها العقارية بشكل كبير في سبتمبر، وسط توقعات باستمراره ، بعد أن انخفضت لأشهر، مما يجعل وضع التدفق النقدي لديها أكثر صعوبة.
وانخفض سعر سهم الشركة بنحو 80% حتى الآن هذا العام، كما توقف التداول في سندات الشركة أكثر من مرة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ووصف مارك ويليامز، كبير الاقتصاديين في شركة «كابيتال أيكونوميكس» انهيار «إيفرجراند» بأنه سيكون أكبر اختبار يواجهه النظام المالي الصيني منذ سنوات.
وأضاف ويليامز أن القطاع المصرفي سيكون أول المتضررين، في حال انهيار الشركة.
ووصلت تداعيات هذه الأنباء إلى البورصات العالمية، حيث انخفض مؤشر «نيكي 225»، بأكثر من 2 في المئة، وهبط مؤشر "نيكي 225 القياسي" 2.07 في المئة أو 630.51 نقطة في التعاملات المبكرة، بينما تراجع مؤشر "توبكس" 2.21 في المئة أو 46.36 نقطة.
وطالت هذه التداعيات سوق العملات الرقمية ليتراجع البيتكوين بنسبة 7.5 في المئة إلى 43872 دولارا، وتراجعت الإيثريوم 8.6 في المئة إلى 3062 دولارا، ودوج كوين 10 في المئة.
واعتبر خبراء «مركز سينو إنسايدر» الاستشاري أن بكين وعلى الرغم من الضغوط «لن تسمح بإفلاس إيفرجراند»، مشيرين إلى أن "هذا الأمر ستكون تداعياته كبيرة على النظام" وعلى الاستقرار.
و«إيفرجراند» هي أكبر شركة تطوير عقاري في الصين من حيث الإيرادات، وهي موجودة في أكثر من 280 مدينة. وتوظف 200 ألف شخص وتوفر بشكل غير مباشر 3.8 ملايين وظيفة.
وتعد الشركة تاريخيا إحدى دعائم الاقتصاد الصيني، وقد أدى القطاع العقاري دورا أساسيا في انتعاش اقتصاد البلاد بعد الجائحة، واستقطب العام الماضي أكثر من ربع الاستثمارات.
قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية والمصرفية، إن الاستثمار في العقار هو أهم ما يمكن، ويمكن أن نعتبره موتور الاقتصاد، فالمباني ليست قوالب طوب وأسمنت، ولكنه منظومة متكاملة تبدأ بحبة رمل، وتمر بمئات المراحل، التي تحرك السوق بأكمله، من بنية تحتيه وصولًا بالمفروشات.
وعن أزمة «إيفر جراند»، أكدت بسنت فهمي، في تصريحات خاصة لـ«العقارية»، أن حظ الصين في هذه الفترة سيئ، لافتة أنه ليس هناك ذنبًا للحكومة، وأمامها فرصة لحل الأزمة بطريقة أكثر ذكاءً، بتوريق ديون الشركة وطرحها بالبورصة بأسعار فائدة جاذبة، حتى تتمكن من بيعها على أساس عائد ربحي اكبر من البنك.
ولفتت الخبيرة الاقتصادية، أنه حال حدوث الأزمات الاقتصادية يقفد الناس أعمالهم، وبالتالي لم يتمكنوا من المواظبة على سداد أقساط الوحدات السكنية، وهو الأمر الذي يحدث مشكلة كبرى بالبنوك، مؤكدة أن الأزمات الاقتصادية ليست لها علاقة مباشرة بتفشي فيروس كورونا، مستدلة بالأزمة الاقتصادية العالمية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2008.
واشارت الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة الاقتصادية أن التوريق هو رمانة الميزان التي تضمن مناخ آمن للبنوك والمستثمر العقاري في آن واحد، قائلة: «ليس هناك فائدة تعود على البنوك حال حجزها على وحدات الحاجزين المتعثرين»، متابعة أن التوريق يحل الأزمة بالنسبة للبنوك، ولكن دون عجالة في عملية تدوير الأوراق، ما يعني إدارة الأزمة بأسلوب احترافي.
ولفتت «فهمي» في تصريحاتها للعقارية، أن التعجل في التوريق، أدى إلى تفاقهم أزمة الاستثمار العقاري بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2008، ولم يمكنها من إدارة الأزمة بشكل صحيح.
ووضعت فمي روشتة علاجية اقتصادية للخروج من الأزمة، قائلا: «البنوك بيدها الحل ، ويجب إعادة جدولة وهيكلة الديون دون اللجوء للحجز على الوحدات، بطرق مختلفة منها مد فترة سداد ثمن الوحدات السكنية لحين مرور الأزمة».
وعن تعرض مصر للأزمة الاقتصادية الصينية، قالت: «نحن مثل باقي دول العالم، ولكن ربنا أكرمنا أكثر بالتوسع في اقتصاديات معينة بلدان كثيرة لا يمكنها التوسع فيها، مثل الاقتصاد الأخضر المتمثل في الزراعة وما يصنع عليها، والاقتصاد الأزرق، حيث تحاوط مصر المياه من كل اتجاه ويحدها بحرين الأحمر والمتوسط، ويقطعها طولا نهر النيل، وتوجد بها العديد من البحيرات»، مؤكدة أن عمل مصر على هذان الاقتصادان يجعلها قادرة على موازنة أي أزمات اقتصادية.
وأكدت بسنت فهمي أنه على الرغم من تفشي وباء كورونا تسير مصر بخطي ثابتة، وتتوسع في تطوير البنية التحتية للدولة من تشييد طرق ومدن جديدة شبكات كهرباء واتصالات ومحطات مياه وصرف وغيرها، بالتوازي مع الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق، لافتة إلى استمرار مصر في النهوض الاقتصادي، حتى وإن حدث انهيار اقتصادي عالمي، لكون مشروعات الدولة كلها تُبنى بأيدي مصرية وبخامات مصرية، بالجنيه المصري، ما يحدث حركة مالية داخلية بعملة الدولة من إيد لـ إيد.
وأشادت الخبيرة الاقتصادية، بارتفاع صادرات مصر، وكفاياتها من الغذاءـ، مع تراجع نسبة الاستيراد، الأمر الذي يعد مؤشرًا على قوة الاقتصاد الوطني، مؤكدة أن الصين دولة كبرى وقادرة على إدراة الأزمة، ولكن على كل الشركات ان تبادر بطرح أنظمة بديلة لإدارة مخاطرها وأزماتها، بالتعاون مع الحكومة، بما يتوافق مع ظروفها، ومع ظروف البنوك المالية المختلفة.
وأوضحت الخبيرة الاقتصادية أن المناخ المصري، يلعب دورًا محوريًا، في نشاط الاقتصاد المصري، لكون الدولة قادرة على العمل 365 يوما سنويا، دون مشكلات تعيق ذلك.
وطمأنت بسنت فهمي القطاع العقاري والمصرفي بمصر، قائلة: «نحن لدينا أقوى قطاع مصرفي، يدير اقتصاديات الدولة باحترافية»، موجهة نصيحة للمطورين العقاريين بالتوجه نحو تقديم منتجات عقارية للفئات صاحبة الطلب العالي، مطالبة بتوفير مساكن تناسب فئاتها، مطالبة بتقديم وحدات سكنية تناسب كل الأطياف.
وطالبت الخبيرة الاقتصادية المطورين والمستثمرين العقاريين بالخروج من القاهرة الكبري، والبدء في التوسع بمشروعات جديدة من صعيد مصر، والعمل في 27 محافظة، بما يتلائم مع طبيعتها وتراثها وثقافتها، لإحداث حالة من التناغم تساهم في زيادة الطلب على المنتجات العقارية.
ولفتت إلى أن أنواع العقارات على سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية، نجد في نيويورك ناطحات السحاب، ونجد في المدن الأخرى، منازل عبارة عن طابقين تسمى «كوكي كت»، أي قطعة «البيتي فور» التي تمثل نفس الشكل من حيث التصميم الهندسي والمساحات والألوان.
وعن تقييم آداء القطاع المصرفي المصري، قالت بسنت فهمي، إننا لدينا قطاع مصرفي محترف من أفضل القطاعات على مستوى العالم، واقدمها، وأن القطاع العقاري هو العمود الفقري للاقتصاد المصري، وليست هناك دولة قادرة على التحرك بدون استثمار عقاري.
وقالت: «القطاع العقاري ليس بحاجة إلى مزيد من التمويلات بل بحاجة إلى تغييرالفكر، يبدأ بتطوير الـ5 آلاف قرية المتواجدة بمصر، بشكل واحد ولون واحد ومساحات واحدة، بنفس الارتفاع، بما يناسب فكر أهل القرية الذي ينبذ الحياة في أبراج شاهقة، كما يحدث في أمريكا وأوروبا بنظام الباك يارد».
وعن توسعات الرئيس عبدالفتاح السيسي في مشروعات الإسكان المتمثلة في مبادرة «سكن لكل المصريين»، و«سكن مصر» وغيرها من المشروعات التابعة لوزارة الإسكان والمقدمة لمحدودي ومتوسطي الدخل، أكدت أن الرئيس السيسي، قوم العمود الفقري لدوران الاقتصاد المصري، وتوسع أفقيا في التوسع البنائي على مساحة مصر، للتحول من المعيشة على 10% من مساحة مصر، وصولا لـ 30% في عام 2030 وفق خطة زمنية وإنشائية مدروسة، وقابلة للتطوير المستمر.
وناشدت بسنت فهمي المستثمرين بالبدء في التوسع الأفقي بسيناء، وإقامة مدن سكنية إلى جوار المدن صناعية متخصصة هناك تتماشي مع كل منطقة على حدى، وذلك للمساهمة في استغلال الثروات المعدنية المتواجدة هناك وتشجيع حركة الصناعة، لخلق أسواق جديدة ومراكز لتدريب العمال، وتوفير تكاليف النقل والمواصلات للعمال والمهندسين.
واشادت الخبيرة الاقتصادية، بالعاصمة الإدارية لكونها مدينة ذكية متكاملة هي الأولى من نوعها التي تستعد لاستقبال 100 شركة متخصصة عالمية، تتخذ من العاصمة الإدارية مركزًا رئيسيًا لها، وتباشر من خلاله العمل في أفريقيا، مشيرة إلى أنها تعكس فكر ورؤية الرئيس السيسي في التوجه نحو خلق عاصمة رقمية جاذبة للاستمثارات من كل ربوع الأرض.
وعن المبادرة الرئاسية التي أطلقها البنك المركزي للتمويل العقاري، أكدت أنه لم يكن هناك دولة حول العالم تبيع منتجاتها العقارية بنظام الكاش، لأن ذلك يعني أنها تخاطب 1 من المليون من نسبة عدد السكان، مؤكدة أن المبادرة جائت لتلبي احتياجات الشعب المصري، وأن البنك المركزي اتخذ خطوات ناجحة وطرح برامج متنوعة ناسبت كل الفئات وفق اتجاه عالمي، لافتة إلى ان المبادرة أنعشت الاقتصاد والسوق العقاري في نفس الوقت.
وتحدث بسنت فهمي، عن رؤيتها وتوقعاتها للاقتصاد المصري، قائلة: «لأول مرة منذ 60 عامًا نسير بخطى صحيحة استثمرنا الفرص وسابقنا الزمن، واستطعنا أن نستغل موارد الدولة الاستغلال الأمثل للوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة»، مرجعة السبب في النمو الصناعي لتأكيد الرئيس المستمر على تعاظم دور التكنولوجيا بالصناعة، الأمر الذي دفع كبرى شركات السيارات مثل مرسيدس لنقل مقرها من تركيا لمصر، واتجاه شركة تويوتا للتواجد داخل مصر، لموقعنا الاستراتيجي الذي مكن مصر من لعب دورا محوريا لكونها المنسق الرئيسي بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وثرواتنا الهائلة وأمننا التي بذلت فيه الأجهزة الأمنية جهود مضنية لتشرق شمس مصر على الجمهورية الجديدة في مواجهة الإرهاب الأسود الذي كان يتسهدف اقتصادنا واستثمارتنا.
وعن فرض ضريبة رأسمالية على أرباح البورصة، قالت أنها تؤيد فرض الضريبة، قائلة: «رجال الصناعة والاستثمار يبذلون جهود جبارة وينفقون أموالا طائلة وتضم مشروعاتهم آلاف العاملين ويقومون بدفع الضرائب، وهناك على النقيض من يجلسون تحت التكييف يتعاملون بالبورصة ويربحون الأموال ولا يريدون دفع ضرائب»، حيث وصفت ما يحدث بـ«الصراخ»، مؤكدة أنه ليس هناك مجالا للحديث عن المخاوف جراء تطبيق هذا القانون العادل الذي أشجع البرلمان على الموافقة بتشريعه في أسرع وقت، لافتة إلى أن 70% من إيرادات الدولة في الموازنة العامة للضرائب، وأؤيد تطبيق الضريبة والمساواة بين الجميع فالضرائب ليست «بعبع».