«مصر هبة النيل».. مقولة أطلقها المؤرخ الإغريقى الأشهر
«هيرودوت»، تترجم ارتباط «أم الدنيا» بنهر النيل على مر التاريخ، والذى لولاه ما
أقيمت حضارة عمرها آلاف السنين، بل وضربت بجذورها فى التاريخ..
«النيل».. ليس مجرد شريان مائى.. بل هو الترجمة
الحقيقية للحياة.. التنمية.. التقدم الذى شهدته مصر على مدار تاريخها، فحوله تجمع
المصريين .. روت مياهه زراعتهم.. ساهم بشكل غير مباشر فى نهضتها..
أهمية نهر النيل.. والارتباط التاريخى والنفسى للمصريين
به، جعل القيادة السياسية تهتم بتطوير بكل ما هو مطل على الشريان المائى، ومن
القلب منها «كورنيش النيل».
وبدأت الحكومة
المصرية منذ عامين بتوجيهات من القيادة السياسية إعادة إحياء المظهر الجمالى للنيل
بداية من أسوان مرورًا بالمحافظات حتى مطروح، فقد تم تشكيل لجنة مخصصة لإدارة
أعمال التطوير تضم ممثلين عن جميع الهيئات والوزارات، لحل وإزالة جميع المعوقات
الخاصة بأعمال التطوير، وبدأت المحافظات إعادة الشكل الجمالى للنيل منذ ما يقرب
من عام ونصف العام، والتى تتزامن مع إطلاق
الشرارة الأولى لمشروع «ممشى أهل مصر»، بالقاهرة الكبرى، وذلك بالتوازى مع التطوير
الجارى تنفيذه بعدد من المشروعات داخل القاهرة التاريخية ما بين رفع كفاءة بعض
المناطق التراثية والإسلامية، وإعادة بناء بعض المناطق العشوائية، فضلًا على تنفيذ
مجموعة من المحاور الرئيسية التى تربط الطرق شرقًا وغربًا، والتى تهدف إلى تخفيف
حركة المرور داخل تلك المنطقة، جاء أبرز هذه المشروعات تطوير منطقة مثلث ماسبيرو،
ومشروع سور مجرى العيون، وحديقة الفسطاط، وبحيرة عين الصيرة، ومنطقة المواردى،
ومنطقة الحسين، ومشروع ممشى أهل مصر، بجانب تنفيذ حى الأسمرات بمراحله المختلفة،
فضلًا على تنفيذ مجموعة من الكبارى الداخلية وكوبرى تحيا مصر وتطوير جزيرة الوراق.
من جانبها أجرت «العقارية» جولة للوقوف على آخر
مستجدات عمليات التنفيذ الخاصة بمشروع «ممشى أهل مصر»، وذلك بالتزامن مع استعداد
وزارة الإسكان للانتهاء من أولى مراحله، حيث زارت الموقع، بصحبة المهندس طارق
الرفاعى معاون وزير الإسكان للمرافق، وأحد القيادات التنفيذية المسئولة عن
المشروع، والذى أكد أن خطة التطوير التى تشرف على تنفيذها وزارة الإسكان تتعلق
بالقاهرة الكبرى، والتى تبدأ من منطقة حلوان جنوبًا حتى شبرًا الخيمة شمالًا، حيث
تم البدء فى تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بطول 1.9 كيلو متر باستثمارات تقديرية
تصل لنحو 600 مليون جنيه.
وأضاف معاون وزير الإسكان، أن المرحلة الأولى من
مشروع ممشى أهل مصر تبدأ من كوبرى 15 مايو جنوبًا حتى كوبرى إمبابة شمالًا، وبلغت
نسب التنفيذ بها أكثر من 95 %، ومن المقرر أن يتم تسليمها خلال أيام، موضحًا أن
المشروع ضمن خطة الدولة 2030 للتنمية المستدامة، والتى تهدف إلى الارتقاء بمستوى
البيئة المعيشية للفرد، فضلًا عن زيادة حصة الفرد من المسطحات الخضراء، وإعادة
الوجه الجمالى للنيل بما يتماشى مع أعمال التطوير الجارى تنفيذها.
وتابع:
بدأت وزارة الإسكان ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أعمال تطوير
المرحلة الأولى من المشروع منذ ما يقرب من 18 شهرًا، واستطاعت التغلب على المشكلات
التى واجهت عمليات التنفيذ، خاصة أن طبيعة المكان تصعب فيها الحركة كونها منطقة
حيوية، كما ساهمت الجهات المتعاونة مع هيئة المجتمعات فى إزالة الإشغالات غير القانونية
الموجودة على النيل، والتى تعيق عمليات التنفيذ، كما تم نقل جميع المرافق
المتعارضة مع تنفيذ المشروع والتى تنتمى لجهات ووزارات أخرى.
وصرح معاون وزير الإسكان بأن إجمالى فرص العمل
التى وفرتها المرحلة الأولى حتى الآن أكثر من 4000 فرصة ما بين مهندسين وعمال
وإداريين بالموقع، بخلاف الفرص غير المباشرة، كما يهدف المشروع لجذب السياحة
الداخلية والخارجية، حيث تم تصميم عدد من المناطق الترفيهية والخدمية به، تضمنت
مسارح مفتوحة ومطاعم وكافتريات وجراجات، وذلك بعد استغلال فرق المناسيب بين الرصيف
ومياه نهر النيل، ووفقًا للمخطط فيصل عرض المسار المنفذ الموازى لكورنيش النيل
بالمرحلة الأولى نحو 6.5 متر.
وأكد «الرفاعى» أن العمل الذى تم تنفيذه لتحقيق
عرض الممشى الذى تم تخطيطه والذى يصل إلى 6.5 متر، فقد تم تنفيذ أعمال خرسانية
«بلاطات» بإجمالى 11150 مترًا مربعًا، وهو ما يعادل مساحة ستاد القاهرة الدولى
لمرة ونصف، وتم تنفيذها دون أية إعاقة لمياه نهر النيل ومن خلال تثبيتها على خوازيق،
تتراوح أعماقها ما بين 18 إلى 30 مترًا بإجمالى 1813 خازوقًا على طول 2 كيلو متر،
فضلًا عن تنفيذ 3 مدرجات بسعة 1240 فردًا لإقامة المناسبات والاحتفالات المختلفة،
بالإضافة إلى مسرح مفتوح سعة 772 فردًا وأماكن مخصصة كجراجات للسيارات بسعة 180
سيارة، بالإضافة إلى توفير مداخل للصعود والهبوط لذوى الهمم، بجانب توفير أماكن
مخصصة للسيارات الخاصة بهم.
وقال إنه
يجرى حاليًا الانتهاء من أعمال التشطيبات الخاصة بالمرحلة الأولى، والتى سيتم
تسليمها عقب الانتهاء منها لشركة سيتى إيدج الذراع التسويقية لهيئة المجتمعات
العمرانية لإدارتها، ووضع آلية محددة لطرح الوحدات التجارية التى تم تنفيذها،
لتبدأ أعمال تسليم الوحدات للشركة بداية من الأسبوع المقبل، موضحًا أن المرحلة
الأولى تضم 19 مبنى مختلفًا تضم 62 محلًا بمساحات مختلفة و5 كافتريات و5 مطاعم و3
جراجات للسيارات، كما سيتم نقل ولاية الأرض لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وذكر أن الشركة تقوم حاليًا بإعداد خطة لطرح
الوحدات التجارية بنظام الإيجار، وفور الانتهاء من طرح الوحدات وتسكينها سيتم
تشغيل المرحلة الأولى، كما تقوم بتحديد شروط واختصاصات أعمال الطرح الخاصة
بالوحدات، وذلك لإعادة الاستثمارات التى تم تنفيذها بالمشروع وفق خطة محددة،
مشيرًا إلى أن المشروع يتم تنفيذه على مراحل بشكل متوازٍ.
ويجمع مشروع «ممشى أهل مصر»، بين التنمية
السياحية والاستثمار، من خلال إقامة مراس، ومسارح عائمة، ومطاعم وكافتيريات،
وخدمات ومنافذ بيع، حيث يعمل على تشجيع ممارسة الأنشطة الرياضية المائية مثل
التجديف والمراكب الشراعية، والربط بين الرصيف والممشى وسهولة الوصول إلى المسطح
المائى مع مراعاة ذوى الاحتياجات الخاصة، وتوفير مناطق انتظار للسيارات، على مستوى
منخفض، واستغلال سطحها وواجهتها النيلية فى أنشطة ترفيهية.
وتم استغلال فرق المنسوب بين المسار الموازى للطريق
والمسار الموازى للنيل بتكوين مجموعة مبان ترفيهية وتجارية، بإجمالى 19 مبنى،
تنقسم إلى 62 محلًا، و5 كافتيريات، و 5 مطاعم، مع تنفيذ 3 مدرجات سعة 1240 فردًا ومسرحًا
سعة 772 فردًا، لإتاحة مساحات لإقامة أنشطة ترفيهية وثقافية مثل المهرجانات
والاحتفالات، و3 جراجات سعتها 180 سيارة.
كما تم
تنفيذ مساحات خضراء تصل إلى 3100م2، تحتوى على أكثر من 235 شجرة، و62 نخلة، وتم تنفيذ
أعمال الهيكل الخرسانى لكافة العناصر الإنشائية، بنسبة 100 %، من المبانى والمشايات
والمدرجات والسلالم والجراجات وغيرها.
كما يتم استكمال إتمام التشطيبات والأعمال
الإلكتروميكانيكية والفنية بالمشروع، ويجرى حاليًا كذلك الانتهاء من أعمال تنسيق
الموقع من تراسات ونوافير مائية، والبدء فى تركيب كافة وحدات الإضاءة والفرش
والمظلات والبرجولات.
ونوه إلى أنه يجرى حاليًا تنفيذ المرحلة الثانية
من المشروع بطول 3.2 كيلو متر، بداية من كوبرى 15 مايو حتى كوبرى قصر النيل
جنوبًا، وكوبرى إمبابة حتى كوبرى الساحل شمالًا، بتكلفة استثمارية تصل لنحو 800
مليون جنيه، وتم بدء الأعمال منذ ما يقرب من شهرين، وبلغت نسب التنفيذ بها أكثر
من20 %، وتضم مطعمًا بعمق 30 مترًا داخل النيل، موضحًا أنه سيتم تعميم جميع
الأعمال التى تم تنفيذها بالمرحلة الأولى بجميع مراحل المشروع، وتوفير جميع
الأنشطة بكل مرحلة.
وأوضح أن التكلفة تختلف من مرحلة لأخرى حسب
الاتساع الموجود بالمنطقة التى يجرى تطويرها، والتى لا تستعدى وجود أعمال
باستثمارات كبيرة، كما يجرى حاليًا عمل دراسة لتطوير جزيرة الزمالك بشكل كامل، ويقوم
المكتب الاستشارى المسند له عمليات التخطيط بوضع التصور العام لتلك الأعمال،
متابعًا أنه يجرى حاليًا أعمال التصميمات الخاصة بالمرحلة الثالثة للمشروع، والتى
تبدأ من كوبرى قصر النيل حتى كوبرى الجامعة جنوبًا، وكوبرى الساحل حتى كوبرى روض
الفرج «تحيا مصر» شمالًا.
وتشمل المرحلة الثانية تنفيذ ممشى أفراد متدرج
المناسيب بطول 4 كم، متوسط عرض الممشى العلوى 4.5م، ومتوسط عرض الممشى السفلى 6.5م،
وكذلك تنفيذ 19 مبنى ما بين مطعم عائم و3 كافتيريات بمساحات مفتوحة، و63 محلًا
تجاريًا و 7 مبانى خدمات، و 9 مدرجات سعة 2552 فردًا، ومسرحين سعة 1700 فرد، إلى
جانب أعمال تنسيق الموقع وتشمل التراسات ونوافير مائية.
وفيما يتعلق بالمرحلة الثالثة ستكون من قطاعين،
الأول من كوبرى تحيا مصر، إلى كوبرى الساحل، والثانى من كوبرى قصر النيل إلى كوبرى
قصر العينى.