كشف الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية وخبير البلديات الدولية، عن أرقام وصفها بـ«الخطيرة»، مؤكدًا أن مصر تواجه أزمة حقيقية في ملف إدارة العمران، في ظل وجود عشرات الآلاف من العقارات المهددة بالانهيار في أي لحظة داخل المحافظات الـ27.
وأوضح عرفة في تصريحات خاصة لـ العقارية، أن إحصائيات رسمية صادرة عن المركز القومي لبحوث البناء تشير إلى وجود 121 ألف عقار في خطر داهم، بينما أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد العقارات الآيلة للسقوط يبلغ نحو 98 ألف عقار على مستوى الجمهورية، في ظل تزايد ملحوظ في معدلات الوفيات الناتجة عن انهيار المباني، مقابل ما وصفه بـ«صمت البلديات وضعف الرقابة المحلية».
وأضاف أستاذ الإدارة الحكومية، أن ملف البناء المخالف شهد انفجارًا غير مسبوق خلال السنوات التسع الماضية، حيث تم رصد 3 ملايين و240 ألف عقار مخالف، إلى جانب مليون و900 ألف حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية، وفق بيانات مشتركة لوزارتي الزراعة والتنمية المحلية، معتبرًا أن هذه الأرقام تعكس فشلًا إداريًا وتشريعيًا في التعامل مع منظومة العمران.
وانتقد عرفة ما وصفه بـ«سوء إدارة ملف تراخيص البناء»، مؤكدًا أن البيروقراطية وتعقيد الإجراءات ساهما بشكل مباشر في زيادة المخالفات وارتفاع الأدوار غير المرخصة، وخلق علاقة مباشرة بين البناء العشوائي وتوسع المناطق غير المخططة، محمّلًا غالبية قيادات الإدارات المحلية مسؤولية تفاقم الأزمة نتيجة ضعف المتابعة وغياب الرؤية القانونية والإدارية.
وطالب أستاذ الإدارة المحلية جميع المحافظين الـ27 بفتح ملفات الفساد داخل الإدارات الهندسية المسؤولة عن تراخيص البناء، مؤكدًا أن التواجد الإعلامي للمحافظين في مواقع الانهيارات بعد وقوع الكوارث «لن يحل أزمة 98 ألف عقار آيل للسقوط»، ما لم يتم التعامل مع جذور المشكلة.
كما دعا عرفة إلى إيقاف نقل وندب حملة الدبلومات (تجارة وصنايع) للعمل داخل الإدارات الهندسية بالوحدات المحلية، معتبرًا ذلك أحد أوجه الخلل المؤسسي، خاصة في ظل أن نسبة المهندسين بتلك الإدارات لا تتجاوز 8%، بينما يشغل الباقون وظائف فنية لا تتناسب مع طبيعة الملف العمراني المعقد.
وأشار إلى أن المحكمة الدستورية العليا حسمت الجدل القانوني بشأن إزالة المباني المقامة خارج الأحوزة العمرانية، مؤكدة أن قرارات الإزالة ذات طبيعة إدارية وليست جنائية، وأن إزالة المخالفات يجب أن تتم على نفقة المخالف، مع التأكيد على التزام الدولة بالتخطيط العمراني السريع للقرى والمدن وإصدار الأحوزة العمرانية المعتمدة لمنع ظهور عشوائيات جديدة.
وفي ختام تصريحاته، طرح الدكتور حمدي عرفة خطة استراتيجية تنفيذية شاملة للقضاء على ظاهرة انهيار العقارات والبناء المخالف، تضمنت:
تعديل قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 لما يحتويه من ثغرات وبيروقراطية تساهم في زيادة المخالفات.
تعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 لتوضيح الاختصاصات المشتركة مع وزارة الإسكان.
الإسراع بتعديل قانون المجتمعات العمرانية رقم 58 لسنة 1979 الذي مر عليه أكثر من 44 عامًا.
نقل جميع الإدارات الهندسية التابعة للمراكز والأحياء والوحدات القروية إلى مديريات الإسكان باعتبارها الجهة المختصة فنيًا.
تشريع قانون جديد يقر الحبس على المقاول أو المهندس وصاحب العقار في حال تنفيذ أو السماح بإنشاءات مخالفة.
وأكد عرفة أن تطبيق هذه التوصيات بشكل فوري وجاد يمثل خط الدفاع الأخير لحماية أرواح المصريين، محذرًا من أن تجاهل الأزمة سيؤدي إلى مزيد من الضحايا وكوارث عمرانية متكررة.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض