بينما كانت شركات النفط العالمية الكبرى مثل "إكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس" تغادر فنزويلا هرباً من التأميم، اختارت "شيفرون كورب" (Chevron) استراتيجية "البقاء الصبور".
اليوم، ومع وصول التوترات بين الرئيسين دونالد ترامب ونيكولاس مادورو إلى ذروتها، تجد الشركة الأمريكية نفسها في موقع "اللاعب الوحيد" الذي يمتلك مفاتيح أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم.
استراتيجية "عناق الخصوم".. كيف صمدت شيفرون 100 عام؟
منذ دخولها فنزويلا عام 1923، لم تتعامل شيفرون مع النفط كسلعة فحسب، بل كعلاقة دبلوماسية طويلة الأمد.
فبينما كان هوغو تشافيز (ومن بعده مادورو) يهاجم "الإمبريالية الأمريكية"، كان يثني في الوقت ذاته على "شيفرون"، واصفاً إياها بالشريك الذي يريده أن يبقى لـ "مئة عام أخرى".
هذا القبول لم يأتِ من فراغ، بل من قدرة الشركة على المناورة بين ضغوط واشنطن واحتياجات كراكاس للسيولة.
مكاسب "الموقع الفريد" في ظل سيناريوهات الصدام
تجد شيفرون نفسها اليوم في وضع "الرابح في كل السيناريوهات" تقريباً:
سيناريو الإطاحة بالنظام: إذا نجح ضغط ترامب في تغيير الحكومة، ستكون شيفرون هي الشركة الجاهزة فوراً لقيادة عملية إعادة بناء قطاع النفط المتهالك.
سيناريو الصفقات: إذا توصل ترامب ومادورو لاتفاق، ستكون شيفرون هي القناة الرئيسية لتصدير النفط وتوفير السيولة التي يحتاجها الطرفان.
بين "روبيو" ومادورو.. السير على حبل العقوبات المشدود
تواجه شيفرون انتقادات حادة في واشنطن؛ حيث يتهمها صقور الإدارة الأمريكية، وعلى رأسهم وزير الخارجية ماركو روبيو، بضخ مليارات الدولارات في خزائن نظام "قاسٍ وفاسد". وفي المقابل، ترد الشركة بأن وجودها يخدم الأمن القومي الأمريكي، لسببين:
لوجستي: مصافي ساحل الخليج الأمريكي مجهزة خصيصاً لمعالجة النفط الفنزويلي الثقيل.
جيوسياسي: منع حدوث فراغ تملؤه شركات روسية أو صينية في "الفناء الخلفي" لأمريكا.
أرقام تعكس قوة الرهان
رغم تصنيف واشنطن لحكومة فنزويلا كـ "منظمة إرهابية أجنبية"، لا تزال "شيفرون" تصدر نحو مليون برميل من الخام الفنزويلي (وفقاً لبيانات بلومبرغ)، وتنتج نحو 200 ألف برميل يومياً من مشاريعها المشتركة، وهو ما يمثل شريان حياة للاقتصاد الفنزويلي ومورداً حيوياً للمصاي الأمريكية.
هل تنجح مقامرة "مايك ويرث"؟
يؤكد الرئيس التنفيذي لشيفرون، مايك ويرث، أن الشركة "لا تختار أين توجد الموارد"، وأن البقاء في بيئات صعبة هو جزء من هوية الشركة الاستثمارية. ورغم المخاطر الأمنية والسيبرانية التي تهدد موظفيها ومنشآتها في كراكاس، إلا أن "الكنز" الذي تحتفظ به شيفرون تحت الأرض الفنزويلية يجعل من "الانسحاب" خياراً غير مطروح على طاولة مجلس الإدارة.
تثبت حالة "شيفرون" أن "واقعية النفط" تتفوق أحياناً على "أيديولوجيا السياسة"؛ فبينما تتبادل واشنطن وكراكاس التهديدات العسكرية، تظل ناقلات شيفرون هي الجسر الوحيد الذي يربط بين مصالح البلدين المتصادمين.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض