تحدث الخبير الاقتصادي الدكتور بلال شعيب، عن مركز تكنولوجيا دباغة الجلود التابع لوزارة الصناعة في مدينة الروبيكي، والذي يعد أحدث خطوة حكومية لدعم صناعة الجلود وتطويرها وفق المعايير العالمية.
وأكد الدكتور بلال شعيب في مداخلة مع قناة إكسترا نيوز، أن المركز الجديد يمثل نقلة نوعية حقيقية لصناعة الجلود في مصر، موضحًا أن الصناعة قبل إنشاء مدينة الروبيكي كانت متركزة في منطقة مصر القديمة، وهي منطقة تحولت اليوم إلى مزار سياحي بعد نقل النشاط الصناعي منها. وأشار إلى أن الصناعة سابقًا كانت تعتمد بشكل كبير على الأساليب اليدوية، بينما سمح نقلها إلى الروبيكي بإنشاء مجمع صناعي متطور يحتاج بطبيعته إلى دعم تكنولوجي لمواكبة التطورات العالمية.
وأضاف شعيب أن الحكومة تعمل على إزالة المعوقات التي واجهت صناعة الجلود لسنوات، تمامًا كما فعلت في مناطق صناعية أخرى مثل مدينة دمياط للأثاث، حيث توجد مراكز متخصصة لتحديث الصناعة ودعمها فنيًا وتكنولوجيًا. وهذا ما يجري تطبيقه الآن في الروبيكي، بما ينعكس إيجابيًا على زيادة حجم الصادرات المصرية، خاصة أن قطاع الجلود يشمل صناعات متعددة مثل دباغة الجلود وصناعة الأحذية والحقائب، وهي صناعات تعتمد على الألوان والموضة والتطورات العالمية.
وفي رده على سؤال حول حجم سوق صناعة الجلود في مصر، أكد الخبير الاقتصادي أن السوق كبير، لكنه كان يعاني من عشوائية واسعة ووجود جزء كبير يعمل خارج الاقتصاد الرسمي. وأضاف أنه بفضل جهود الدولة ودعمها، أصبح المصنعون داخل الروبيكي يعملون بشكل رسمي ويحملون رخصًا معتمدة، ما يسمح لهم بالتعامل مع القطاع المصرفي. وأشار إلى أن ذلك يدعم توجه الدولة نحو التحول الرقمي والشمول المالي، ويمنح الحكومة بيانات دقيقة عن حجم الإنتاج، مما يساعد في وضع تقديرات دقيقة للتصدير.
وذكر شعيب أن هناك شركات مصرية بالفعل تصدر للسوق الإفريقي الذي يمثل 18% من سكان العالم، معتبرًا أن صناعة الجلود لا تقل أهمية عن صناعة النسيج والملابس الجاهزة، خاصة أنها من الصناعات المتوطنة في مصر والمعتمدة على الحرف اليدوية، مما يتيح فرصًا كبيرة لزيادة الصادرات.
وحول ما يضيفه المركز التكنولوجي الجديد لصغار المصنعين، أكد شعيب أن وجود هذا المركز يخفض التكلفة ويعزز القدرة التنافسية، موضحًا أن صغار المنتجين كانوا يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على تصميمات أو خلطات ألوان جديدة، وكانوا يعتمدون على ما يسمّون بـ"صنّاعي الأزياء" الذين يتقاضون مبالغ ضخمة مقابل جودة متوسطة. أما اليوم، يتيح المركز الدعم الفني والتقني المتقدم بما يخدم المصنعين، ويقلل التكاليف، ويرفع جودة المنتجات. كما أن تجميع الصناعات المتشابهة في الروبيكي يختصر تكاليف النقل ويوفر المادة الخام بالقرب من الصناعات القائمة عليها.
وبشأن إسناد الإدارة الفنية والمالية للمركز لإحدى شركات القطاع الخاص، أكد شعيب أن لذلك دلالة كبيرة، إذ يعكس التزام الدولة بوثيقة سياسة ملكية الدولة، وتحولها إلى تمكين القطاع الخاص بعد استكمال 95% من مشروعات البنية التحتية. وأوضح أن الدولة تستهدف أن يشكل القطاع الخاص 65% من حجم السوق، لافتًا إلى أن التعاون بين القطاع الخاص والمراكز التكنولوجية والمدارس الصناعية المتخصصة – كما يحدث في قطاعات النسيج وربما الجلود قريبًا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي – سينعكس إيجابًا على جودة العمالة المصرية.
وأشار إلى أن الدولة تقدم مبادرات واسعة لدعم القطاع الخاص، من بينها مبادرات البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، مضيفًا أن البنوك العامة تقدم اليوم تسهيلات خاصة لمصنّعي الروبيكي للحصول على تمويل بفائدة ميسرة تبلغ 5%.
وفي ختام اللقاء، أكد الدكتور بلال شعيب أن الصناعات الجلدية من الصناعات كثيفة العمالة، رغم دخول التكنولوجيا إليها، تمامًا كقطاع النسيج والملابس الجاهزة. وقال إن هذه الصناعات تعتمد على الأيدي العاملة والموضة، وإن مصر تمتلك ميزة نسبية بفضل وفرة العمالة الشابة، حيث يمثل الشباب 65% من السكان. ولفت إلى أن الدولة تحتاج سنويًا لتوفير مليون فرصة عمل، وأن الاهتمام بالصناعات الجلدية يساهم في استيعاب جزء كبير من العمالة وتقليل البطالة.
واختتم الخبير الاقتصادي كلامه بتأكيد أهمية تطوير التكنولوجيا في صناعة الجلود وتحسين جودة المنتجات النهائية بما يدعم التصدير ويوفر مزيدًا من فرص العمل في ظل تعداد سكاني يتجاوز 107 ملايين نسمة.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض