تحقيقات سرية.. من يقف وراء اغتيال خنساء المجاهد في ليبيا؟


الجريدة العقارية الاحد 23 نوفمبر 2025 | 02:36 مساءً
خنساء المجاهد
خنساء المجاهد
حسين أنسي

لا تزال ملابسات اغتيال الناشطة والمؤثرة الليبية البارزة خنساء المجاهد غامضة، رغم مرور أكثر من 24 ساعة على وقوع الجريمة التي هزت الأوساط الليبية والعربية، خصوصًا بعد الإدانة المباشرة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وحتى الآن، لا يزال الفاعل مجهولًا للرأي العام، وسط تساؤلات حول دوافع الحادث والجهات المستفيدة منه.

وقُتلت خنساء المجاهد، مساء أمس الجمعة، في منطقة السراج غربي طرابلس، حيث أظهرت المقاطع المصورة المتداولة إصابتها برصاصة مباشرة في الرأس يُرجح أنها كانت سبب الوفاة، إلى جانب أثر رصاصة أخرى في الزجاج الجانبي الأيسر لسيارتها، التي ظل محركها يعمل لفترة تجاوزت الساعة ونصف، وفق شهادات شهود عيان.

تصاعد ملف "جرائم النوع"

أثارت الجريمة غضبًا واسعًا داخل قبيلة القمامدة التي تنتمي إليها الضحية، حيث ظهر عدد من أبنائها في مقطع مصور مطالبين النائب العام ووزارة الداخلية بفتح تحقيق عاجل وكشف المتورطين للرأي العام.

وفي السياق ذاته، أكد الحقوقي الليبي عبد المنعم الحر، أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن ما حدث يُصنف ضمن جرائم النوع الاجتماعي التي يجب التعامل معها في إطار أشد صرامة، باعتبارها جرائم قائمة على تمييز ممنهج وعنف موجه ضد النساء، داعيًا إلى تحقيق شفاف ومستقل وإعلان نتائجه دون تأخير.

خنساء المجاهدخنساء المجاهد

تحذيرات أممية من التصعيد

بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أدانت الجريمة، محذرة من تزايد العنف ضد النساء واستهداف الناشطات، ودعت السلطات إلى تحقيق سريع وشفاف، وإلى تجنب أي خطوات قد تدفع نحو التصعيد، خاصة في ظل التوتر الأمني الذي تشهده المنطقة الغربية.

مراجعة المقاطع المصورة وتصريحات نشطاء ليبيين تشير إلى أن خنساء حاولت الهرب من المسلحين قبل إطلاق النار عليها. غير أن خبراء أمنيين يؤكدون وجود تناقضات لافتة، أبرزها دقة التصويب على الرأس مقابل إصابة سطحية لزجاج السيارة، إلى جانب أن سلوك الهرب داخل سيارة عادة يكون بالانطلاق بها بسرعة وليس بتركها في وضع التشغيل والخروج منها.

تحقيقات مستمرة وعلامات استفهام

النيابة العامة الليبية لم تُصدر بيانًا رسميًا حتى لحظة نشر الخبر، في حين تؤكد مصادر مطلعة أن تحقيقًا شاملاً جارٍ، يشمل تفريغ كاميرات المراقبة في محيط الحادث، وسط تشديد على سرية الإجراءات.

اتهامات أولية للحكومة وأجهزتها

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا كشفت أن معلوماتها الأولية تشير إلى أن الهدف من الجريمة قد يكون استهداف زوج الضحية، معاذ المنفوخ، عضو لجنة الحوار السياسي، نظرًا لأنه غالبًا ما كان يقود السيارة التي قُتلت داخلها خنساء.

وأضافت المؤسسة أن منطقة وقوع الحادث خاضعة لسيطرة جهاز الأمن العام التابع لحكومة الوحدة الوطنية، وأن المعلومات الأولية توحي بتورط عناصر خارجة عن القانون تتبع هذا الجهاز. 

كما حمّلت حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها ووزير الداخلية المكلف المسؤولية الكاملة عن الجريمة، في ظل غياب أي تعليق رسمي حتى الآن.

خنساء المجاهدخنساء المجاهد

صراع الميليشيات يعيد رسم المشهد

التحليلات الأمنية، وعلى رأسها رأي المحلل العسكري محمد الترهوني، تتجه إلى اتهام ميليشيا الأمن العام بقيادة عبد الله الطرابلسي، كونها القوة الأكثر نفوذًا وانتشارًا في المنطقة الممتدة من السراج إلى جنزور.

إلا أن الترهوني يشير إلى احتمال وجود أطراف أخرى مستفيدة من الحادث، خاصة في ظل التأثير السياسي والاجتماعي لزوج الضحية في مدينة الزاوية. مؤكدًا أن مقتل خنساء ليس حادثًا معزولاً، إذ شهد عام 2025 تسجيل أكثر من 30 حالة قتل لنساء في الغرب الليبي، بما يعكس حالة انفلات أمني حاد.

ويحذر الترهوني من أن الحادث قد يكون شرارة لتفجير مواجهة جديدة، في ظل الخلاف المتصاعد بين ميليشيا الفار التابعة لمحمد بحرون المقرب من أسرة الضحية، وميليشيا الأمن العام التابعة للطرابلسي، مع تبادل الاتهامات ومحاولات توظيف الجريمة لتصفية حسابات سياسية وأمنية بين القوى المتنافسة في المنطقة.

خنساء المجاهد
خنساء المجاهد
خنساء المجاهد