شهدت إيطاليا تحولاً مهماً في موقعها الائتماني الدولي بعد أن منحتها وكالة "موديز ريتنغز" أول ترقية منذ أكثر من 23 عاماً، في خطوة حاسمة أنهت فترة طويلة كانت فيها البلاد مهددة بالهبوط إلى فئة التصنيف عالي المخاطرة. القرار شكل مكسباً سياسياً واقتصادياً لرئيسة الوزراء جورجا ميلوني التي تمكنت حكومتها من تحقيق استقرار مالي مرغوب منذ سنوات.
قرار "موديز": رفع التصنيف إلى (Baa2) مع نظرة مستقرة
أعلنت وكالة "موديز" في بيان صدر الجمعة رفع التصنيف الائتماني لإيطاليا درجة واحدة إلى (Baa2)، مع الإبقاء على النظرة المستقبلية مستقرة. ويُعد هذا التصنيف الأدنى بين اقتصادات مجموعة السبع، إلا أن رفعه لأول مرة منذ عقود يعكس تحولاً في رؤية الوكالة لأوضاع الاقتصاد الإيطالي.
ووفق البيان، فإن القرار جاء نتيجة "استمرار الاستقرار السياسي واستقرار السياسات الحكومية، بما يعزز قدرة البلاد على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاستثمارات ضمن الخطة الوطنية للتعافي والمرونة".
ميلوني تدخل عامها الرابع.. وحصيلة استقرار سياسي تعيد الثقة الدولية
كانت "موديز" آخر وكالة تصنيف تحافظ على نظرة حذرة تجاه إيطاليا، وظلت خلال الأعوام الماضية أقل تفاؤلاً مقارنة بالوكالات المنافسة. غير أنها اعترفت في ترقية اليوم بفاعلية الإجراءات المالية التي اتخذتها حكومة ميلوني منذ توليها المنصب، خاصة بعد سنوات شهدت اضطرابات سياسية وحكومات متعاقبة.
وتعود آخر خفض حاد للتصنيف الائتماني لإيطاليا إلى عام 2018 خلال حكومة جوزيبي كونتي، حين هبط التصنيف إلى مستوى (Baa3)، وهو الحد الأدنى للدرجة الاستثمارية. وفي 2022، كانت إيطاليا على وشك الانزلاق إلى فئة الخطر، قبل أن تغير ميلوني الاتجاه تدريجياً منذ نهاية 2023.
تحسن المؤشرات المالية.. تقدم في السيطرة على الدين والعجز
أشارت "موديز" في تقييمها الجديد إلى أن الحكومة الحالية حققت تقدماً ملحوظاً في استقرار الدين العام الذي يعد ثاني أكبر دين في منطقة اليورو. كما تعمل روما على خفض عجز الموازنة إلى مستوى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الحد الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي، ما يمهد لخروج البلاد من آلية الرقابة المالية الأوروبية.
وتتوقع الوكالة أن يبدأ الدين العام في التراجع تدريجياً بدءاً من عام 2027، مع مواصلة اعتماد سياسات مالية أكثر انضباطاً.
وكالات أخرى سبقت "موديز".. وإجماع دولي على تحسن الصورة الائتمانية
تأتي خطوة "موديز" بعدما اتجهت وكالات أخرى خلال العام الجاري لتحسين تقييماتها لإيطاليا. فقد رفعت "إس آند بي غلوبال" التصنيف في أبريل، فيما أتت خطوة مماثلة من "فيتش" في سبتمبر.
أما الوكالات الأصغر مثل "مورنينغستار DBRS" و"سكوب ريتنغز"، فقد منحت بدورها تقييمات إيجابية تعد الأفضل منذ سبعة أعوام، ما يشير إلى تغيير واضح في نظرة المؤسسات الدولية تجاه الاقتصاد الإيطالي.
ردود الفعل الحكومية: خطوة تعزز الثقة في الاقتصاد الإيطالي
وزير المالية جيانكارلو جيورجيتي علّق على قرار "موديز" مؤكداً أنه يمثل "دليلاً واضحاً على نجاح جهود الإصلاح المالي التي تنتهجها الحكومة"، مشدداً على أن الترقية تعكس تجدد الثقة الدولية في إيطاليا.
انعكاسات في الأسواق.. وتراجع مخاطر السندات
تحسن رؤية المستثمرين لإيطاليا انعكس بسرعة على أسواق السندات. فقد انخفض الفارق بين عوائد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات ونظيرتها الألمانية إلى أقل من 80 نقطة أساس، وهو مستوى يقل بأكثر من الثلث مقارنة بالفترة التي وصلت فيها ميلوني إلى السلطة منذ ثلاثة أعوام.
تحديات مقبلة: دين مرتفع ونمو ضعيف وضغوط سياسية
رغم الترقية، ما تزال التحديات قائمة. فالدين العام يتجاوز 130% من الناتج المحلي، فيما تشير تقديرات الحكومة إلى نمو اقتصادي لا يتجاوز 0.5% خلال العام الجاري. هذه العوامل ستفرض ضغوطاً متزايدة على ميلوني ووزير ماليتها لتحقيق توازن بين ضبط المالية العامة وتقديم حوافز ضريبية للناخبين قبل انتخابات 2027.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض