أثارت الأزمة الأخيرة حول شركة نكسبيريا الهولندية، المملوكة لمجموعة وينجتيك الصينية، توترًا واسع النطاق في صناعة السيارات العالمية، بعد أن أوقفت الشركة توريد رقائق السيارات إلى مصنعها في الصين نتيجة خلافات داخلية حول المستحقات المالية، وقد كشفت هذه الأزمة عن هشاشة حوكمة الشركات العابرة للحدود، وأظهرت مدى اعتماد مصانع السيارات الكبرى في أوروبا وأمريكا على سلاسل إمداد معقدة تتقاطع بين مصالح حكومية وتجارية.
ومع بداية استئناف نكسبيريا بعض شحناتها الحيوية، بدأت مؤشرات التهدئة تظهر في الأسواق، حيث أكدت شركات مثل أوموفيو وهوندا استلام دفعات الرقائق من الصين، في حين رحبت السلطات الألمانية بإشارات خفض التصعيد بين هولندا وبكين، وكشفت هذه التطورات عن تداخل شديد بين السياسة والاقتصاد في قطاع الرقائق، ودور الصين كمورد رئيسي للتكنولوجيا الحيوية في صناعة السيارات، ما يجعل العالم الصناعي أمام تحدٍ مستمر للحفاظ على توازن الإنتاج العالمي.
وعلى الصعيد المحلي، يرى خبراء أن قرار نكسبيريا لن يؤثر بشكل مباشر على سوق السيارات الكهربائية في مصر، نظرًا لاعتماد السوق على استيراد الرقائق من مصادر متنوعة وتعدد الموردين الدوليين، ورغم التحديات التي تواجه انتشار السيارات الكهربائية، مثل محدودية محطات الشحن والبنية التحتية، تشير التوقعات إلى استمرار نمو القطاع تدريجيًا مع توسع البنية التحتية ودعم الاستثمارات المحلية، مما يجعل الأزمة العالمية مرتبطة أكثر بالإنتاج العالمي منها بالسوق المصري مباشرة.
سوق السيارات الكهربائية في مصر
قال منتصر زيتون، عضو الشعبة العامة للسيارات، إن قرار شركة نيكسبيريا بوقف تصدير رقائق السيارات الكهربائية لن يؤثر على مصر، مشيرًا إلى أن العالم بأسره يسعى نحو الطاقة النظيفة، مع إعلان بعض الدول أنها ستكون خالية من سيارات الوقود الأحفوري بحلول 2035 و2040، بينما ستشهد بعض الدول استخدامًا محدودًا للسيارات الكهربائية تمهيدًا للتحول الكامل للطاقة النظيفة.
وأضاف زيتون في تصريح لـ "العقارية"، أن السيارات الكهربائية قد تتراجع مستقبلًا أمام سيارات الطاقة النظيفة أو تختفي تدريجيًا، إلا أن هناك حاليًا سباقًا عالميًا لتطوير السيارات الكهربائية، حيث تنشأ بعض الدول معامل لتطوير البطاريات، فيما تعمل دول أخرى على مصادر طاقة بديلة غير الكهرباء، مثل النيتروجين.
نكسبيريا
وحول السوق المصري، أوضح زيتون أن الإقبال على السيارات الكهربائية لا يزال ضعيفًا نتيجة تأخر البنية التحتية، خاصة قلة انتشار محطات الشحن، والتي تتوفر حاليًا بشكل محدود في القاهرة والجيزة والإسكندرية وشرم الشيخ، ما يجعل السيارات الكهربائية في مصر سيارة ثانوية وليست أساسية للعائلات.
ترخيص 13 ألف سيارة كهربائية
أشار إلى أن آخر الإحصاءات سجلت ترخيص 13 ألف سيارة كهربائية حتى يونيو 2025، مع مبيعات منخفضة بسبب اعتماد المستهلكين على الاستيراد الشخصي والتجاري أكثر من الوكلاء، مشيرًا إلى أن دخول الوكلاء للسوق كان محدودًا حتى الآن.
وتوقع زيتون أن يزيد الإقبال على السيارات الكهربائية خلال 2026 مع توسع البنية التحتية، مشيرًا إلى أن الاستثمار في محطات الشحن يواجه تحديات بسبب هامش الربح المنخفض، ما قد يتطلب دعمًا حكوميًا لتحفيز القطاع.
مصادر مكونات السيارات الكهربائية
من جهته، اتفق متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بالشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، مع زيتون على أن قرار نيكسبيريا لن يؤثر على السوق المصري، مستندًا إلى تنوع مصادر مكونات السيارات الكهربائية وكثرة المعروض والموردين الصينيين.
وأضاف بشاي في تصريح لـ "العقارية"، أن التوقعات تشير إلى عدم مواجهة أي مستوردين لمشكلات، وأن نسبة الاستثمارات يمكن أن تتحقق من خلال التسهيلات المقدمة للمستثمرين، وتشجيع التصنيع المحلي في ظل توجه بعض المستوردين إلى إنتاج السيارات الكهربائية محليًا.
وكانت شركة نكسبيريا قد أوقفت توريد رقائق السيارات إلى مصنعها في الصين نتيجة خلافات داخلية بعد رفض الوحدة المحلية سداد مستحقاتها، ما كشف عن مشكلات حوكمة في الشركة المتعثرة، حسب بيان صادر عن الشركة.وجاء ذلك قبل أن يعلن مسؤولون تنفيذيون في قطاع السيارات، اليوم الجمعة، أن نكسبيريا استأنفت بعض شحنات رقائقها الحيوية، في حين رحبت ألمانيا بعلامات خفض التصعيد بين بكين وأمستردام.
وأوضح متحدث باسم وزارة الاقتصاد الألمانية: "من حيث المبدأ، فإن خفض التصعيد واستمرار المفاوضات بين هولندا والصين أمر مرحب به للغاية، ونحن متفائلون بأن التصاريح قصيرة الأجل ستسمح باستئناف شحنات الرقائق سريعًا".
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة أوموفيو الألمانية حصول الشركة على شحنات من رقائق نكسبيريا، لتكون أول شركة موردة تحصل على إعفاء من ضوابط التصدير الصينية التي فُرضت بعد استحواذ هولندا على الشركة، مضيفًا أن المخاوف كانت متعلقة بشركة Wingtech الأم الصينية.
وأعلنت تويوتا عن مؤشرات على تحرك في عمليات تسليمها، فيما قال نائب الرئيس التنفيذي لشركة هوندا، نوريا كايهارا: "تلقينا معلومات تفيد ببدء الشحنات من الصين، لكن من الصعب الجزم بالمستقبل، ونعمل على استئناف الإنتاج في المواقع المتضررة أواخر الأسبوع المقبل".
نكسبيريا
تهديد إنتاج السيارات عالميًا
صرحت نكسبيريا بأنها لا تستطيع تأكيد استئناف الإمدادات، لكنها تتوقع تدفق المنتجات قريبًا بعد إعلان وزارة التجارة الصينية إصدار استثناءات، وسارعت شركات تصنيع السيارات مثل أوموفيو وZF بتقديم طلبات للحصول على إعفاءات، في حين كانت مستعدة لتسريح العمال إذا لم يتم التوصل إلى حل.
وفي أوروبا، تمسكت شركات مثل فولكس فاجن بحذر بتوقعاتها لعام 2025، محذرة من نقص وشيك في الرقائق، فيما أكدت مرسيدس بنز امتلاكها مخزونًا قصير الأمد، بينما استعدت أوموفيو لتقليص ساعات العمل في ألمانيا.
وأشار مسؤولون في الولايات المتحدة إلى أن المصانع الأميركية على بُعد أسابيع من مواجهة تأثيرات كبيرة إذا لم يُحل النزاع.
وكانت نكسبيريا قد أوقفت التوريد في 13 أكتوبر، وأبلغت العملاء في 29 أكتوبر بأن كياناتها في الصين تتجاهل تعليمات الإدارة العالمية، ما حال دون الإشراف على مواعيد وجودة التسليم، مع إيرادات بلغت نحو ملياري دولار في 2024، ما يبرز دورها كلاعب محوري في سلسلة توريد أشباه الموصلات.
نكسبيريا
موقف الشركات الصينية والأمريكية ومساعي التهدئة
دافعت مجموعة وينجتيك عن موقفها، معتبرة أن تدخل الحكومة الهولندية غير المدروس أضر بعمليات الشركة الأوروبية، وطالبت باستعادة السيطرة على إدارتها ووقف التدخل السياسي في حوكمة الشركات.
ووصف الرئيس التنفيذي لشركة فورد النزاع بأنه مسألة سياسية، فيما أكدت الرئيسة التنفيذية لجنرال موتورز أن القيود قد تؤثر على وتيرة الإنتاج.
وقالت تويوتا إن التأثير محدود، بينما أوضح مسؤول في نيسان أن لديها إمدادات تكفي حتى الأسبوع الأول من نوفمبر، مقرًا بأن المشكلة قد تمتد إلى مراحل لاحقة من سلسلة التوريد.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض