تآكل الحدود بين الحياة والوظيفة.. هل يجب الرد على مديرك بعد ساعات العمل؟


الجريدة العقارية الاثنين 27 أكتوبر 2025 | 04:40 مساءً
موعد إلغاء التوقيت الصيفي والعمل بالتوقيت الشتوي رسميًا
موعد إلغاء التوقيت الصيفي والعمل بالتوقيت الشتوي رسميًا
حسين أنسي

في ظل التطور التكنولوجي وتسارع وتيرة الحياة المهنية، أصبحت الحدود بين أوقات العمل والحياة الشخصية أكثر ضبابية من أي وقت مضى، حيث بات التواصل بين المديرين وموظفيهم يمتد إلى ما بعد ساعات العمل الرسمية. 

هذا السلوك، الذي يبدو في ظاهره حرصًا على إنجاز المهام، قد يتحول إلى عبء نفسي يهدد التوازن بين الحياة والعمل ويزيد من فرص الإرهاق الوظيفي.

تحذيرات من خبراء العمل

يحذر خبراء التنمية المهنية من تزايد ظاهرة تواصل المديرين مع موظفيهم خارج أوقات العمل، مؤكدين أن هذا السلوك يضعف الفصل الضروري بين الجانبين المهني والشخصي، ويؤدي على المدى الطويل إلى ضغوط نفسية واحتراق وظيفي.

وترى الخبيرة المهنية إكوا كانت أن الدوافع وراء هذا السلوك تختلف من مدير لآخر، فقد تكون ناتجة عن ثقافة عمل تعتمد على السهر والإنجاز المتواصل، أو بسبب ضغوط من الإدارة العليا، أو حتى رغبة في السيطرة والتدقيق المفرط في التفاصيل. 

وأضافت أن بعض المديرين لا يدركون أن تواصلهم بعد الدوام يُعد اقتحامًا للحياة الخاصة، لأنهم اعتادوا العمل في كل الأوقات ويظنون أن ذلك طبيعي.

الموظف شريك في المشكلة

من جانبها، أوضحت بيث ستالوود، مدربة التطوير المهني، أن الموظفين أنفسهم يسهمون أحيانًا في استمرار هذه الظاهرة من خلال استجابتهم الفورية للرسائل خارج أوقات العمل. 

وقالت إن الرد السريع يمنح المدير انطباعًا بأن التواصل بعد الدوام أمر مقبول، مما يشجعه على تكراره دون وعي بتأثيره النفسي على الموظف.

أما شارلوت ديفيز، خبيرة الوظائف في منصة LinkedIn، فأكدت أن استمرار التواصل خارج ساعات العمل يخلق ثقافة غير صحية من التوافر الدائم، ويؤثر سلبًا على الرضا الوظيفي والصحة النفسية. 

ودعت الموظفين إلى التحدث بوضوح مع مديريهم حول آثار هذا السلوك، وتقديم أمثلة عملية عن المواقف التي تسببت في إزعاجهم.

حلول عملية وواضحة

ينصح الخبراء باستخدام أدوات رقمية تساعد على وضع حدود مهنية واضحة، مثل تفعيل خاصية «خارج المكتب» أو تحديد أوقات التواجد في البريد الإلكتروني وبرامج التواصل الداخلية. 

وتقترح ستالوود إرسال رسالة بسيطة تتضمن: «ساعات عملي من التاسعة صباحًا حتى السادسة والنصف مساءً، وسأرد على رسالتك في يوم عملي التالي»، مشيرة إلى أن مثل هذه العبارة تنقل الرسالة بلباقة دون صدام.

كما توصي كانت الموظفين الذين يشعرون باضطرار للرد، بتوضيح أنهم خارج أوقات العمل وأن الرد سيكون في اليوم التالي، مع ضرورة التوقف تدريجيًا عن الرد على الرسائل المتكررة بعد الدوام.

مسؤولية المديرين وثقافة المؤسسات

ويرى الخبراء أن على المديرين مراجعة سلوكهم المهني والتفكير في الأسباب التي تدفعهم للتواصل خارج ساعات العمل، مؤكدين أن احترام خصوصية الموظف واجب إداري لا يقل أهمية عن تحقيق الأهداف. 

وتقول كانت: «على المدير أن يدرك مسؤوليته تجاه راحة فريقه النفسية، وأن يسعى إلى تحقيق التوازن في حياته قبل أن يطالب به موظفيه».

فيما تضيف ستالوود أن أفضل أسلوب لاحترام حياة الموظفين الخاصة هو الامتناع عن إرسال الرسائل بعد الدوام إلا في الحالات الطارئة، مع إمكانية جدولة الرسائل لتُرسل تلقائيًا خلال ساعات العمل الرسمية.

ويجمع الخبراء على أن بناء ثقافة مؤسسية تقوم على وضوح الحدود المهنية يعزز الإنتاجية، ويحدّ من ظاهرة الاحتراق الوظيفي المنتشرة في بيئات العمل الحديثة، ويسهم في خلق بيئة أكثر توازنًا واستدامة.