وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي اتفاقًا ضخمًا في البيت الأبيض بقيمة 8.5 مليار دولار، يهدف إلى التعاون بين البلدين في مجال المعادن النادرة والمعادن الاستراتيجية، وهي عناصر أساسية في الصناعات التقنية والدفاعية الحديثة.
تسعى هذه الخطوة إلى تعزيز سلاسل التوريد الأميركية بالمعادن الضرورية لتصنيع أشباه الموصلات، والبطاريات، والتقنيات المتقدمة، في ظل محاولة الولايات المتحدة تقليل اعتمادها على الصين، التي تُسيطر حاليًا على الجزء الأكبر من الإنتاج العالمي.
المعادن النادرة: أساس الصناعات الحديثة
تشمل العناصر الأرضية النادرة 17 عنصرًا في الجدول الدوري، من بينها السكانديوم، الإتريوم، واللانثانيدات.
ورغم تسميتها بـ"النادرة"، إلا أنها متوفرة نسبيًا في قشرة الأرض، لكنها صعبة الاستخراج والمعالجة، وتُشكّل تحديًا بيئيًا كبيرًا.
تدخل هذه المعادن في تصنيع مجموعة واسعة من المنتجات مثل:
الهواتف الذكية
أجهزة التلفزيون والشاشات
مصابيح LED
توربينات الرياح
بطاريات السيارات الكهربائية
أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي
أنظمة الدفاع والأسلحة المتطورة
وتعتمد وزارة الدفاع الأميركية على هذه العناصر في إنتاج مقاتلات F-35، والغواصات، والصواريخ، والأقمار الصناعية.
لماذا أستراليا شريك محوري للولايات المتحدة؟
تُعدّ أستراليا واحدة من أغنى الدول بالموارد المعدنية، وتوفر ثلاث مزايا رئيسية:
احتياطيات جيولوجية ضخمة من المعادن الأرضية النادرة
سوق استثماري نشط في مجال التعدين
قوى عاملة متخصصة وماهرة
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تُنتج الصين 61% من المعادن النادرة عالميًا، وتُهيمن على 92% من عمليات المعالجة، مما يجعل الاعتماد عليها مخاطرة استراتيجية، تسعى واشنطن إلى تجاوزها من خلال هذه الشراكة.
بدء تمويل مشروعات جديدة بقيمة مليار دولار
الاتفاق يتضمن ضخ مليار دولار من كل طرف خلال الأشهر الستة المقبلة لتمويل مشاريع جديدة في مجال التنقيب والمعالجة.
وقد أعرب ترامب عن سعادته بهذه الخطوة قائلاً: "نعمل معًا بشكل وثيق في مجالات المعادن الأرضية النادرة، وبعد عام تقريبًا سنحصل على كمية كبيرة منها".
ويأتي هذا التحرك الأمريكي بالتزامن مع قيام الصين بفرض قيود جديدة على صادراتها من هذه المعادن، وهو ما أثار توترًا في العلاقات، ودفع ترامب إلى التهديد بإلغاء لقاء قمة مرتقب مع الرئيس الصيني شي جين بينج.
تحديات الاستثمار والمعالجة
رغم ضخامة التمويل، إلا أن بعض الخبراء يُحذرون من التحديات التي تُواجه هذه الصناعة الناشئة.
يقول الدكتور ليان سنكلير من جامعة سيدني، إن الاستثمارات الضخمة قد لا تُجدي نفعًا بدون بناء مصافي تكرير محلية وشركات إنتاج مغناطيس متقدمة في الدول الحليفة.
كما أشار إلى أن معظم الشركات الأسترالية ما تزال تبيع للصين أو تواجه صعوبة في العثور على مستوردين دوليين، باستثناء شركة Lynas التي تُصدّر للسوق الياباني.
البعد البيئي والاجتماعي للصفقة
التوسع في إنتاج المعادن الأرضية النادرة في أستراليا يتطلب أيضًا مراعاة الأثر البيئي، لا سيما في ما يتعلق بـ:
إدارة النفايات المشعة
بناء شراكات حقيقية مع السكان الأصليين
إعداد خطط استدامة بيئية وتنموية
يرى سنكلير أن على الحكومة الأسترالية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، أن تضمن أن لا يتحول النمو في هذا القطاع إلى عبء بيئي أو اجتماعي على المدى الطويل.