أكد صالح الجاسر، وزير النقل والخدمات اللوجستية ورئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للخطوط الحديدية، أن المملكة تعمل على هيكلة مشاريع السكك الحديدية بطريقة تجذب القطاع الخاص المحلي والدولي، مع دفع مبادرات تمويلية واستراتيجية لتقليص العبء المالي للدولة وجذب مستثمرين جدد.
تجزئة المشاريع لملاءمة القطاع الخاص: نهج جديد لجذب التمويل
قال الجاسر في مقابلته مع "الشرق" على هامش المعرض والمؤتمر السعودي الدولي للخطوط الحديدية (نسخته الثانية 2025) في الرياض، إن الحاجة لتمويلات ضخمة لمشروعات السكك الحديدية تستلزم تحويل طريقة طرح المشاريع بحيث تصبح أكثر ملاءمة للقطاع الخاص. وتشمل الخطة تجزئة المشروعات الكبرى إلى حزم يمكن للمستثمرين اقتناصها، إضافة إلى إطلاق حوافز ومبادرات تهدف إلى رفع جاذبية الاستثمار في المملكة.
مشروعان عملاقان يشكلان العمود الفقري للخطة
تسعى السعودية إلى تنفيذ مشروعين محوريين في قطاع السكك الحديدية:
الجسر البري: خط قطارات يربط شرق المملكة بغربها، ويُعد محورًا لربط ممرات النقل الداخلية وتسهيل حركة البضائع والركاب. ذكر الوزير أن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية أبدى اهتمامًا بتمويل هذا المشروع بالشراكة مع شبكات سكك حديد خليجية مترابطة.
الربط الخليجي: مشروع طموح لربط دول مجلس التعاون الخليجي عبر شبكة قطارات حديثة تساهم في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي وتسهيل حركة التجارة والعمالة.
وقال الجاسر إن المملكة تستهدف توسيع شبكة السكك الحديدية بإضافة نحو 8 آلاف كيلومتر إلى الشبكة القائمة.
مشاركة حكومية واسعة مع شراكات خاصة
أوضح الجاسر أن الجزء الأكبر من التمويل الحكومي المخصص للاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية سيُوجَّه نحو هذه المشاريع الكبرى، مع فتح مجالات تعاون مع القطاع الخاص المحلي والدولي لتمويل أجزاء مهمة من التنفيذ والتشغيل والصيانة.
مضاعفة أطوال السكك الحديدية وتوطين أكبر
أشار وزير النقل إلى أن الحكومة تستهدف مضاعفة طول السكك الحديدية من حوالى 6 آلاف كيلومتر حاليًا إلى أكثر من ذلك عبر مشاريع كبرى مثل «الجسر البري» و«قطار الخليج». كما تؤكد الاستراتيجية العمل على رفع نسبة المكون المحلي في قطاع السكك الحديدية من 52% حاليًا إلى 60% بنهاية العقد، مع زيادة وتوطين الوظائف المرتبطة بالقطاع.
فرص التصنيع المحلي وسلاسل الإمداد
أبرز الجاسر وجود فرص حقيقية لتصنيع مكونات وقطع غيار محليًا مثل الإطارات والمكابح والقضبان والعربات، ما يفتح الباب أمام نمو الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات، ويعزز برنامج توطين سلاسل الإمداد المعروف بـ«جسري».
موجة استثمارات لوجستية أجنبية ومحلية تدعم الخطة
يشهد قطاع اللوجستيات السعودي تدفقًا متزايدًا للاستثمارات. من أمثلة ذلك إعلان شراكة بين أرامكو و«دي إتش إل» لإنشاء مركز توزيع لوجستي في الدمام بتكلفة تقارب مليار ريال، وإعلان شركة «فيديكس» اكتمال تحولها للعمل المباشر داخل المملكة بعد الحصول على الرخصة الاقتصادية كناقِل جوي. تأتي هذه الاستثمارات في توقيت يتزامن مع جهود المملكة لتعزيز بنيتها التحتية اللوجستية وربطها بالسكك الحديدية الجديدة.
القطار السياحي الفاخر.. تجربة متكاملة قبل نهاية 2026
أفاد الجاسر أن العمل يتقدم في مشروع القطار السياحي الفاخر، وأن عملية بناء العربات جارية لاستلامها تباعًا، مع استهداف إطلاق الخدمة قبل نهاية عام 2026، ما يضيف بُعدًا سياحيًا وتجاريًا لمخطط النقل الوطني.