شهدت العاصمة المصرية فعاليات المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي، الذي تنظمه جامعة القاهرة تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وبمشاركة نخبة من الوزراء وصناع القرار والخبراء المحليين والدوليين، إلى جانب منظمات الأمم المتحدة واليونسكو ومنظمة الصحة العالمية وعدد من المؤسسات البحثية وشركات التكنولوجيا العالمية.
وعلى هامش المؤتمر، شارك الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، في جلسة وزارية رفيعة المستوى بعنوان «استشراف مستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر»، حيث أكد في كلمته أن الذكاء الاصطناعي أصبح حجر الأساس في التنمية البشرية وتحسين جودة الحياة، لما له من تأثيرات شاملة على مجالات التعليم والرعاية الصحية والإدارة الحكومية.
وأوضح الوزير أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة رقمية شاملة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور المجتمعات، إذ يسهم في تحليل البيانات الضخمة وصياغة حلول مبتكرة تسهم في تعزيز الكفاءة والإنتاجية. وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية، بل بنية تحتية لرأس المال البشري، حيث يتداخل مع حياة الأفراد ومؤسسات الدولة في جميع المجالات.
ولفت عبدالغفار إلى أن 25% من سكان العالم معرضون لتحديات في سوق العمل مستقبلاً إذا لم يتم تطوير مهاراتهم أو إعادة تأهيلها، مشيراً إلى أن فجوة المهارات في هذا المجال قد تكلف الاقتصاد العالمي نحو 30 تريليون دولار من الناتج القومي الإجمالي. وأضاف أن العالم يشهد سباقاً عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بين الدول المتقدمة والنامية، من بينها مصر، مؤكداً أن هذا المجال يمنح جميع الدول فرصة متساوية لتحقيق التنمية وتحسين الأداء المؤسسي.
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء أهمية بناء مجتمع مرن قادر على التفاعل الإيجابي مع أدوات الذكاء الاصطناعي، عبر ما وصفه بـ«مهارات التمكين للذكاء الهجين»، والتي تقوم على تكامل الإنسان والآلة بدلاً من استبدال أحدهما بالآخر. وأوضح أن تحقيق هذا الهدف يتطلب ضمان العدالة في الوصول إلى البيانات، والتعاون الفعال بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية لوضع أطر تنظيمية تشجع على الابتكار وتمنع إساءة الاستخدام.
وأشار عبدالغفار إلى أن العالم سيشهد تحولاً جذرياً بحلول عام 2050 بفعل التطور التكنولوجي، خاصة في مجالي التعليم والصحة، لافتاً إلى أن مصر بدأت بالفعل إدماج مناهج الذكاء الاصطناعي في مختلف المراحل التعليمية، من التعليم الأساسي وحتى الجامعي، بما يشمل جميع التخصصات وليس فقط مجالات علوم الحاسب. كما أوضح أن وزارته تعمل على تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي لتحسين جودة الخدمات وتشخيص الأمراض ودعم اتخاذ القرار الطبي.
وشهدت الجلسة مداخلات من عدد من الوزراء المشاركين، حيث استعرض الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ملامح الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في الجامعات المصرية، والتي تتضمن تطوير البرامج الأكاديمية وإنشاء مراكز تميز بحثية، مشيراً إلى إصدار دليل وطني لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي يركز على الأصالة والشفافية والأمان الرقمي لبناء جامعات ذكية مستدامة.
كما أكد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن البنية التحتية الرقمية تمثل الأساس لتمكين المواطنين من التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي بسهولة وكفاءة، موضحاً أن الاستراتيجية الوطنية للاتصالات تتضمن دعم 250 شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الخمس المقبلة، بما يسهم في خلق فرص عمل وتعزيز الاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا.
من جانبه، شدد السيد محمد جبران، وزير العمل، على أن الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة حتمية وشريكاً أساسياً في صياغة القرار وتحليل البيانات والتنبؤ باحتياجات سوق العمل، موضحاً أن الوزارة تعمل على توجيه الشباب نحو المهن المستقبلية، وتعزيز مهاراتهم الرقمية من خلال برامج تطوير شاملة تستهدف رفع كفاءة بيئة العمل وتمكين الكوادر الوطنية.
واختتمت الجلسة التي أدارتها الدكتورة هالة السعيد، مستشار رئيس الجمهورية للتنمية الاقتصادية، بتأكيد المشاركين على أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة تاريخية لمصر والمنطقة لتسريع التنمية وتحقيق التحول الرقمي الشامل بما يتوافق مع رؤية مصر 2030.