حذّر شريف نبوي، محلل أسواق المال العالمية، من تداعيات الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية على استقرار الأسواق العالمية، مؤكدًا أن هذا الوضع يضع مصداقية الولايات المتحدة كقائد اقتصادي عالمي على المحك، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي الأمريكي.
وقال نبوي، في مدخلة مع قناة إكسترا نيوز، إن الخلافات السياسية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن تمرير الموازنة الفيدرالية، تُعكس على العالم صورة لدولة قوية اقتصاديًا ولكن ضعيفة مؤسسيًا، موضحًا أن تخطي الدين العام الأمريكي حاجز 37 تريليون دولار بات يثير القلق بسبب غياب الانضباط المالي والتوافق السياسي، لا بسبب الرقم ذاته.
وأضاف أن الفيدرالي الأمريكي، الذي يعتمد بشكل كبير على البيانات الاقتصادية مثل مؤشرات الوظائف والتضخم لاتخاذ قرارات السياسة النقدية، سيتأثر سلبًا بالإغلاق الحكومي الذي يؤدي إلى تجميد إصدار البيانات الرسمية، ما يضع صانعي القرار أمام ضبابية معلوماتية قد تدفعهم إلى تثبيت أسعار الفائدة بدلًا من خفضها كما كان متوقعًا.
وفي مقارنة بين الإغلاق الحالي ونظيره في عام 2018، أوضح نبوي أن الأزمة السابقة كانت تتعلق بخلاف على تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، بينما تتعلق الأزمة الحالية بأمور أكثر جوهرية مثل أزمة الثقة بين المؤسسات، وتضخم الدين العام، وبرامج الرعاية الصحية.
وأشار إلى أن هذه الأزمات تضعف مكانة الدولار عالميًا، إلا أنها لا تُنهي هيمنته في ظل غياب بديل حقيقي قادر على منافسته في الوقت الراهن، رغم تنامي اتجاه بعض الدول والمؤسسات نحو تنويع الاحتياطيات والاعتماد بشكل أكبر على الذهب والمعادن النفيسة.
وحول تأثر الأسواق، أكد نبوي أن أسعار الذهب شهدت ارتفاعات قياسية، وصلت إلى نحو 3900 دولار للأونصة، مدفوعة ليس فقط بالإغلاق الحكومي، بل أيضًا بتوقعات خفض الفائدة، وزيادة مشتريات البنوك المركزية من الذهب، خاصة البنك المركزي الصيني.
وفيما يتعلق بتأثير هذا الوضع على الطروحات العامة والاستثمارات، أوضح أن توقف هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) عن العمل نتيجة الإغلاق قد يؤدي إلى تأجيل عمليات الاكتتاب وصفقات الدمج والاستحواذ، وهو ما يعمق حالة الغموض بالنسبة للمستثمرين.
واختتم نبوي بأن الرئيس ترامب دائمًا ما يضغط باتجاه خفض أكبر للفائدة، وهو ما يجعله غير راضٍ عن نهج الفيدرالي الحالي، مشيرًا إلى أن شعاره الاقتصادي "Make America Great Again" لا يزال يتطلب بيئة مؤسسية أكثر استقرارًا ومصداقية.