رغم الاضطرابات العالمية.. لماذا يلهث المستثمرون خلف الذهب؟


الجريدة العقارية الاحد 05 أكتوبر 2025 | 12:32 صباحاً
مجلس الذهب العالمي
مجلس الذهب العالمي
وكالات

لطالما حافظ الذهب على مكانته التاريخية كـملاذ آمن وموثوق به، خاصة في أوقات الاضطراب السياسي والاقتصادي.

ويمنح هذا المعدن الثمين، الذي يسهل نقله وبيعه في أي مكان، شعوراً بالأمان للمستثمرين في ظل حالة عدم اليقين.

إلا أن مكانة الذهب المرموقة لم تسلم من الانتقادات؛ حيث وصفه المستثمر الأسطوري وارن بافيت في رسالة للمساهمين عام 2011 بأنه "أصل عقيم" لا يدر عائداً ذاتياً.

لكن على النقيض من رأي بافيت، شهد العامان 2024 و 2025 موجة غير مسبوقة من الإقبال على الذهب.

فقد سجلت حيازات المستثمرين للمعدن الأصفر في صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب أعلى مستوى لها في ثلاث سنوات، مدفوعة بجملة من المخاوف الاقتصادية والسياسية.

تصاعد الأزمات يدفع الذهب لمستويات قياسية

شهد الذهب مستويات قياسية في عام 2025، مواصلاً موجة الارتفاعات الحادة التي بدأت في عام 2024.

وقد تجاوزت العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم ديسمبر حاجز 3900 دولار للأونصة للمرة الأولى في تاريخها خلال تعاملات الثاني من أكتوبر 2025.

ويُعزى هذا الارتفاع الجنوني إلى عدد من العوامل المتشابكة، أبرزها:

المخاوف الجيوسياسية: تصاعد الحرب التجارية خلال الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

الديون والتسيير النقدي: ارتفاع الدين الأميركي إلى مستويات قياسية، إلى جانب القلق المتزايد بشأن استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، خاصة مع تكثيف ترامب لضغوطه للقيام بمزيد من التخفيضات لأسعار الفائدة، مما عزز التوقعات بمزيد من التيسير النقدي.

الجمود السياسي: فشل المشرعين الأمريكيين في التوصل إلى اتفاق بشأن التمويل الفيدرالي، ما أدى إلى أول إغلاق حكومي منذ ما يقرب من سبع سنوات، وهو ما أدى لزيادة حالة عدم اليقين.

لماذا يظل الذهب الملاذ الآمن؟

بالنسبة للمستثمر المعاصر، يُعتبر الذهب ملاذاً آمناً ليس لجوهره، بل لـاستقراره وسيولته العالية.

التحوط ضد التضخم: يُنظر إلى الذهب كوسيلة تحوط فعالة ضد التضخم، حيث يحافظ على القوة الشرائية للأموال عندما تتآكل قيمة العملات الورقية.

الارتباط العكسي بالدولار: يتحرك الذهب عادةً بعكس الدولار الأميركي. وبما أن أسعار الذهب مُسعرة بالدولار، فإن تراجع قيمة العملة الأميركية (التي هبطت في منتصف سبتمبر إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من ثلاث سنوات) يجعله أرخص وأكثر جاذبية لحاملي العملات الأخرى.

اهتزاز الملاذات الأخرى: ازدادت مكانة الذهب مع اهتزاز الثقة في الملاذات الآمنة التقليدية الأخرى، لا سيما الدولار الأميركي والسندات الحكومية، مما يدفع رؤوس الأموال للبحث عن أصل مادي.

الأبعاد الثقافية ودور البنوك المركزية

بعيداً عن تقلبات السوق اليومية، فإن امتلاك الذهب متجذر بعمق في الثقافتين الهندية والصينية، وهما أكبر أسواق المعدن عالمياً. تُنقل المجوهرات والسبائك عبر الأجيال كرمز للرخاء والأمان.

وكمثال على ذلك، تمتلك الأسر الهندية وحدها حوالي 25000 طن متري من الذهب، وهو ما يتجاوز بخمسة أضعاف الكمية المُخزّنة في مستودع فورت نوكس الأمريكي.

إضافة إلى المستثمرين الأفراد، يعود الارتفاع الهائل في أسعار المعدن الأصفر إلى عام 2024 بفضل عمليات الشراء الضخمة للبنوك المركزية، خاصة في الأسواق الناشئة.

هذه البنوك تسعى إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأميركي كعملة احتياطية رئيسية.

وقد تضاعفت سرعة مشتريات الذهب بعد الحرب الروسية الأوكرانية، حيث سلّط تجميد أصول البنك المركزي الروسي في الغرب الضوء على مدى تأثر أصول العملات الأجنبية بـالعقوبات، مما جعل الذهب خياراً أكثر أماناً لتنويع الاحتياطيات.