شلل جزئي في واشنطن.. فشل مجلس الشيوخ يُغلق الحكومة الأمريكية ويُجبر مئات الآلاف على العمل دون أجر


الجريدة العقارية الخميس 02 أكتوبر 2025 | 06:57 مساءً
ترامب
ترامب
محمد شوشة

أُغلقت الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة رسميًا يوم أمس الأربعاء، في أحدث حلقة من أزمات التمويل المتكررة، بعد أن فشل مجلس الشيوخ الأمريكي في تمرير مشروع قانون تمويل قصير الأجل كان من شأنه إبقاء الحكومة مفتوحة حتى 20 نوفمبر، وهو ما أدخل البلاد في حالة إغلاق جزئي تُهدد بتداعيات اقتصادية وإدارية واسعة.

وبحسب تقديرات مكتب الميزانية بالكونجرس، يُتوقع أن يُمنح نحو 750 ألف موظف فيدرالي إجازة مؤقتة غير مدفوعة الأجر، في حين يُطلب من مئات الآلاف الآخرين الاستمرار في العمل دون أجر، من بينهم موظفون يُعدّون من ركائز الأمن والسلامة مثل مراقبي الحركة الجوية وعناصر دوريات الحدود وأفراد إدارة أمن النقل، إلى حين استئناف التمويل الحكومي.

إغلاق الحكومة الأمريكية

يأتي هذا الإغلاق عقب فشل التصويت على مشروع القانون داخل مجلس الشيوخ، إذ لم يتمكن من الحصول على العدد الكافي من الأصوات البالغ 60 صوتًا، واكتفى بـ55 صوتًا مؤيدًا مقابل 45 صوتًا معارضًا.

واصطفّ معظم الديمقراطيين بقيادة زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، ضد المشروع، مطالبين بتمديد إعانات قانون الرعاية الصحية الميسّرة المنتهية الصلاحية، وإلغاء تخفيضات برنامج ميديكيد التي تصل قيمتها إلى نحو تريليون دولار، والمضمنة في مشروع قانون الرئيس دونالد ترامب المسمى بـ"الجميل الكبير".

في المقابل، صعّد ترامب ونائبه جيه دي فانس من لهجتهما، ملوّحين بتسريح دائم للوظائف في حال استمرار التعثر، فيما وجّه مكتب الإدارة والميزانية الأسبوع الماضي مذكرة للوكالات الفيدرالية تطالبها بإعداد خطط لتسريح البرامج التي لا تتماشى مع أولويات الرئيس، في حال انقطاع التمويل. هذه الخطوة دفعت النقابات العمالية إلى رفع دعاوى قضائية، معتبرة أن مثل هذه الإجراءات تُخالف القانون الفيدرالي.

أسباب الإغلاق الحكومي وتأثيراته

يحدث الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة عندما يفشل الكونجرس في الموافقة على تمويل السنة المالية الجديدة، التي تبدأ في الأول من أكتوبر، وهو ما يُجبر الحكومة على إيقاف العديد من عملياتها الأساسية، وكان آخر إغلاق طويل الأمد قد استمر 34 يومًا في عام 2018 خلال ولاية الرئيس ترامب الأولى.

وفي حالات الإغلاق، تُقسّم الحكومة موظفيها إلى فئتين:

1- الموظفون المستثنون: يُطلب منهم الاستمرار في أداء أعمالهم دون أجر، وغالبًا ما يشمل ذلك الوظائف الأمنية والطوارئ والخدمات الحيوية.

2- الموظفون غير المستثنين: يتم وضعهم في إجازة مؤقتة غير مدفوعة الأجر ويُمنعون من ممارسة أي مهام وظيفية طوال فترة الإغلاق.

وعلى الرغم من أن الموظفين الفيدراليين يحصلون عادةً على أجورهم المتأخرة بعد انتهاء الأزمة، فإن الوضع يختلف بالنسبة للمتعاقدين مع الحكومة، الذين يواجهون خطر فقدان دخلهم دون أي ضمان للتعويض.

أبرز الوكالات المتأثرة بالإغلاق

تتباين آثار الإغلاق بين الوكالات الحكومية، إذ من المتوقع أن تشهد أكبر المؤسسات تأثيرات مباشرة على سير العمل:

1- وزارة الأمن الداخلي: مطالبة أكثر من 250 ألف موظف بالاستمرار في العمل دون أجر، من بينهم ضباط دوريات الحدود وموظفو إدارة أمن النقل.

2- وزارة الصحة والخدمات الإنسانية: تخطط لتسريح نحو 32,460 موظفًا، أي ما يُعادل 41% من طاقمها.

3- إدارة الطيران الفيدرالية: يُعاد أكثر من 11 ألف موظف إلى منازلهم، بينما يُواصل نحو 13 ألف مراقب حركة جوية العمل دون مقابل.

ورغم الإغلاق، فإن بعض البرامج والخدمات ستظل مستمرة نظرًا لتمويلها خارج عملية الميزانية السنوية، ومنها استحقاقات الضمان الاجتماعي، وبرامج الرعاية الطبية (ميديكير)، وخدمات البريد الأمريكي، إضافة إلى مدفوعات الرعاية الصحية للمحاربين القدامى وإعانات الإعاقة.

ومع ذلك، حذرت تقارير من AARP من أن برنامج SNAP للمساعدات الغذائية قد يتأثر حال استمر الإغلاق لفترة طويلة، ما قد يرهق احتياطيات وزارة الزراعة الأمريكية.

إرشادات رسمية للعاملين الفيدراليين

أصدر مكتب إدارة شؤون الموظفين تعليمات شاملة حول إجراءات الإغلاق، فيما نشرت الوزارات والوكالات الفيدرالية الكبرى خطط طوارئ تفصيلية تحدد الموظفين الذين سيُمنحون إجازة والذين سيُطلب منهم العمل دون أجر، إضافةً إلى البروتوكولات التي ينبغي اتباعها أثناء فترة التعطيل. وتشمل هذه الوزارات:

1- وزارة الدفاع

2- وزارة شؤون المحاربين القدامى

3- وزارة الأمن الداخلي

4- وزارة العدل

5- وزارة الصحة والخدمات الإنسانية

6- وزارة النقل

7- وزارة الخارجية

وبالنسبة للمتعاقدين، نصحت مجلة National Law Review بضرورة التحقق من وضع عقودهم القانونية، وإمكانية التقدم بطلبات تعويض أو انتصاف قانوني في حال تضررهم من توقف التمويل.

كما يمكن للموظفين والمتعاقدين العاطلين مؤقتًا التقدم للحصول على تأمين البطالة الفيدرالي عبر برنامج تعويض البطالة للموظفين الفيدراليين، بينما يظل الموظفون المستثنون، الذين يُواصلون العمل دون رواتب، الأكثر تضررًا، إذ لا يملكون سوى الاعتماد على مدخراتهم الشخصية لتغطية نفقاتهم حتى انتهاء الأزمة.

وفي ظل هذه التطورات، يُنتظر أن تُكثّف إدارة البيت الأبيض اتصالاتها مع الكونجرس لمحاولة التوصل إلى اتفاق تمويلي عاجل يُنهي الإغلاق ويعيد عجلة المؤسسات الفيدرالية إلى الدوران، وسط مخاوف من انعكاسات اقتصادية واجتماعية كبيرة إذا استمرت الأزمة لأيام أو أسابيع إضافية.