أكد الدكتور أيمن غنيم، أستاذ إدارة الأعمال، أن العالم يشهد حالياً مرحلة جديدة من إعادة هيكلة العلاقات الاقتصادية والسياسية، خصوصاً في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي انعكست بوضوح في ملف تطبيق "تيك توك" والمفاوضات التجارية بين البلدين.
وفي مداخلة هاتفية مع قناة "إكسترا نيوز"، أوضح د. غنيم أن الاتصالات الهاتفية المتبادلة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ تعكس أهمية إدارة هذه المرحلة الحساسة من العلاقات الدولية، مضيفاً أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أدوات ضغط سياسي واقتصادي.
وقال: "الحقيقة نحن نشهد إعادة هيكلة للعلاقات الاقتصادية والسياسية على المستوى العالمي، والمباحثات الأمريكية الصينية الحالية توضح لنا الأبعاد الاقتصادية والسياسية لأدوات مثل تطبيقات تيك توك وفيسبوك وغيرها."
الولايات المتحدة... من مدافع عن الحريات إلى فرض القيود
وأشار د. غنيم إلى أن موقف الولايات المتحدة من تطبيق "تيك توك" يمثل مفارقة، إذ أنها لطالما قدمت نفسها كمدافع عن حرية التعبير والاقتصاد المفتوح، لكنها اليوم ترفض أن تظل ملكية التطبيق بيد شركة صينية، مشيرة إلى مخاوف تتعلق بحماية بيانات المستخدمين الأمريكيين وتأثير محتوى التطبيق على الرأي العام.
"رغم رفض واشنطن لحظر تيك توك تجنباً لغضب المستخدمين، إلا أنها تضغط من أجل نقل ملكية التطبيق إلى أطراف أمريكية، وهذا تحوّل في موقف الولايات المتحدة المعروفة تاريخياً بدعمها لحرية السوق"، حسبما أكد د. غنيم.
وأوضح أن الحكومة الأمريكية تدرك مدى حساسية التطبيق، خاصةً في فترة الانتخابات، قائلاً: "الرئيس الأمريكي نفسه لديه أكثر من 15 مليون متابع على تيك توك، وهذا يعكس أهمية المنصة في السياسة الداخلية الأمريكية."
التفوق الصيني والتحديات الأمريكية
وحول طبيعة التنافس التجاري، أشار أستاذ إدارة الأعمال إلى أن الصين استطاعت التفوق على الولايات المتحدة في عدة مجالات، منها الإنتاجية وتكنولوجيا البرمجيات، وهو ما يخالف النظرية التقليدية التي كانت واشنطن تروج لها، بأن المنافسة تؤدي لتحسين الجودة وخفض الأسعار لصالح المستهلك.
"عندما تفوقت الصين في الجودة والسعر، بدأت الولايات المتحدة تفرض الرسوم والعوائق الجمركية لحماية صناعتها، في تناقض واضح مع مبادئ الاقتصاد الحر التي كانت تدافع عنها"، بحسب ما أشار إليه د. غنيم.
مجلس إدارة تيك توك واتفاقات مؤقتة
وحول اتفاق نقل ملكية إدارة تيك توك، أوضح غنيم أن ستة من أصل سبعة مقاعد في مجلس إدارة التطبيق الجديد ستكون من نصيب الأمريكيين، معتبراً ذلك محاولة أمريكية للسيطرة على آلية صنع القرار داخل المنصة، وبالتالي تقليص النفوذ الصيني.
وفيما يتعلق بالمفاوضات التجارية، قال: "الاتفاق المؤقت بين الولايات المتحدة والصين بدأ في مايو 2025 وكان من المقرر أن يستمر 90 يوماً، قبل أن يتم تمديده لفترة مماثلة تنتهي في نوفمبر المقبل. الصين والولايات المتحدة تستخدم كلٌ منهما ما لديها من أوراق ضغط لضمان مصالحها".
نحو توازن عالمي جديد
وفي ختام مداخلته، أكد د. أيمن غنيم أن المرحلة المقبلة قد تشهد توازناً جديداً بين القوى الكبرى، ليس على أساس أيديولوجي كما كان في زمن الحرب الباردة، وإنما على أساس المصالح الاقتصادية المباشرة.
"نحن أمام عالم ثنائي أو متعدد الأقطاب، تحدده القوة الإنتاجية، التكنولوجية، والسوق الاستهلاكية، وليس الأيديولوجيا فقط. كل طرف يستخدم أوراقه لتحقيق أفضل الشروط"، وفق تعبيره.