أكد تقرير جديد لشركة ستراتيجي آند الشرق الأوسط الصادر اليوم 17 سبتمبر 2025 أن دول مجلس التعاون الخليجي تملك مقومات كبيرة لجذب مليارات الدولارات نحو الاستثمارات المناخية، لكنها حتى الآن لم تحصل إلّا على حصة محدودة من الطفرة العالمية.
فبين عامي 2020 و2024، تدفّق أكثر من تريليون دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصاد الأخضر على مستوى العالم، حيث توجه 53% من الصفقات الكبرى إلى قطاعات مرتبطة بالمناخ. ومع ذلك، لم تتجاوز حصة السعودية والإمارات وسلطنة عُمان 24 مليار دولار، أي ما يعادل 2% فقط من التدفقات العالمية، في حين ضخت هذه الدول مجتمعة 132 مليار دولار في مشاريع خضراء خارج حدودها.
ووفق التقرير استحوذت الدول الثلاث في الفترة ذاتها على 29 صفقة استثمار خارجي و10 صفقات استثمار واردة في القطاعات الخضراء.
واستهدفت معظم الاستثمارات الصادرة من دول مجلس التعاون الخليجي مشاريع الهيدروجين والأمونيا في مصر وموريتانيا، بينما جاءت معظم الصفقات الواردة من الصين والهند والولايات المتحدة، وظفت في الهيدروجين والمركبات الكهربائية.
وفازت المملكة العربية السعودية بحصة الأسد من تلك الاستثمارات بقيمة 12.6 مليار دولار أمريكي، تلتها عُمان بفارق ضئيل بقيمة 8.9 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك مشروعان رئيسيان بدعم هندي في مجال الأمونيا الخضراء والصلب الأخضر.
وأضاف ديفيش كاتيار، الشريك في ستراتيجي آند الشرق الأوسط: «يُعيد التحول نحو الاقتصاد الأخضر تعريف كيفية نمو الصناعات ومجالات نموها. ومع استمرار هيمنة رؤوس الأموال الموجهة للاستثمار في العمل المناخي على الأسواق العالمية، ينبغي على المنطقة أن تمارس دوراً أكبر ليس فقط في توظيف رؤوس الأموال، بل في جذبها أيضاً. ويستوجب هذا الأمر تبني مجموعة من الأدوات لتعزيز مناخ الأعمال، بدءاً من آليات الحدّ من المخاطر ووضع لوائح تنظيمية أكثر وضوحاً، وصولاً إلى تقديم حوافز تُسهم بفعالية في تشكيل وتوجيه تدفقات رؤوس الأموال».
ورغم هذه الأرقام، فإن المنطقة تتمتع بميزة تنافسية قوية، إذ تضم 6 من أصل 10 مشاريع للطاقة الشمسية الأرخص تكلفة في العالم، إلى جانب تعهدات طموحة بالوصول إلى الحياد الصفري.
وقال الدكتور يحيى عنوتي، الشريك في ستراتيجي آند ورئيس قسم الطاقة والموارد والاستدامة في الشرق الأوسط: «إن المخاوف المناخية والحوافز الحكومية خلقت طفرة استثمارية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي. دول الخليج في موقع فريد للاستفادة من هذه الطفرة، لكن المطلوب اليوم هو تحوّل مؤثر في السياسات لتحويل المنطقة إلى مركز جاذب لرؤوس الأموال الخضراء».
وأوصى التقرير باتخاذ أربع خطوات استراتيجية لتعزيز جاذبية المنطقة أبرزها تشريعات داعمة للمناخ من حيث قوانين صناعية، تقارير إلزامية للانبعاثات، معايير منتجات واضحة، وآليات للحد من المخاطر كاتفاقيات شراء طويلة الأجل، توسيع نطاق السندات الخضراء، وصناديق لتمويل البنية التحتية النظيفة، وتطوير صناعات خضراء مثل الهيدروجين الأخضر والمواد منخفضة الكربون ومشاريع الاقتصاد الدائري، وأخيراً جذب استثمار خارجي استراتيجي وتوظيف الاستثمارات العالمية في منظومات التكنولوجيا النظيفة مع إعادة القدرات إلى المنطقة.
بلغت الاستثمارات الخضراء بين عامي 2022 و2023 ذروتها مع تعافي الاقتصاد العالمي من الجائحة، قبل أن تشهد تباطؤاً في 2024 مع تحوّل الاهتمام نحو الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات. ورغم ذلك، بلغت قيمة الاستثمارات الخضراء في 2024 نحو 158 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف مستواها في 2020.
وأشار التقرير إلى أن 80% من الاستثمارات الخضراء خلال السنوات الأربع تركزت في الهيدروجين والأمونيا، الطاقة المتجددة والبطاريات.
كما سجلت بعض دول الخليج تقدماً ملحوظاً، مثل إصدار السعودية سندات خضراء سيادية بقيمة 1.7 مليار دولار، وتوقيع عُمان اتفاقيات لشراء الهيدروجين الأخضر، إلى جانب إطلاق الإمارات إطار التمويل المستدام.