بتكلفة 25 مليار دولار.. روسيا والصين توقعان اتفاق لإنشاء أضخم مشروع غاز عالميًا


الاربعاء 03 سبتمبر 2025 | 07:35 مساءً
زعماء روسيا والصين
زعماء روسيا والصين
محمد شوشة

وقعت روسيا والصين، اتفاقًا ملزمًا قانونًا لإنشاء خط أنابيب الغاز «قوة سيبيريا 2»، وهو المشروع الذي طال انتظاره، ووفق تصريحات مسؤولي شركة «جازبروم» الروسية، سيصبح المشروع أكبر وأضخم مشروع غاز وأكثرها كثافة في رأس المال على مستوى العالم.

وبينما لم يُكشف رسميًا عن الكلفة المبدائية للمشروع، قدّرت تقارير إعلامية متخصصة أن تصل إلى 25 مليار دولار، وهو ما يعكس حجم التعقيد الجغرافي والتقني للبنية التحتية، لا سيما مع امتداد الخط عبر تضاريس صعبة ومسافات شاسعة بين روسيا ومنغوليا والصين.

 خط أنابيب الغاز قوة سيبيريا 2

قالت شركة «جازبروم» إنها أبرمت اتفاقًا قانونيًا لبناء خط أنابيب الغاز «باور أوف سيبيريا 2» إلى الصين عبر منغوليا، إضافة إلى توسيع عمليات التسليم عبر طرق أخرى، وهو ما يعده الكرملين انتصارًا سياسيًا كبيرًا.

وأكد الرئيس التنفيذي للشركة، أليكسي ميلر، أن خط الأنابيب الجديد سيمكن موسكو من شحن ما يصل إلى 50 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى الصين لمدة 30 عامًا موضحًا أن سعر الغاز سيكون أقل من الأسعار التي تفرضها «جازبروم» على العملاء في أوروبا، وفقًا لوكالة الأنباء الروسية.

غير أن بكين لم تؤكد بعد هذه التفاصيل، كما أن وكالة أنباء «شينخوا» الرسمية لم تشر تحديدًا إلى مشروع خط الأنابيب رغم إعلانها توقيع أكثر من 20 اتفاقية تعاون مع روسيا في مجالات متعددة، من بينها الطاقة.

وكان المشروع قد تعثر لسنوات، إذ سعت روسيا إلى المضي قدمًا فيه لتعويض الانخفاض الحاد في صادراتها إلى أوروبا عقب الحرب الروسية الأوكرانية، بينما أبدت الصين حذرًا أكبر نتيجة تباطؤ نمو الطلب على الغاز ومخاوفها من الاعتماد المفرط على مورد واحد.

العلاقات الروسية الصينية

يُنظر إلى توقيع الاتفاق الآن على أنه انقلاب دبلوماسي للرئيس فلاديمير بوتين وإشارة على متانة العلاقات مع الصين منذ عام 2022، في ظل العقوبات الغربية المتصاعدة، ويأتي التوقيع أيضًا على هامش اجتماعات منظمة شنغهاي للتعاون، في وقت تكثّف فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابها ضد بكين وموسكو وتفرض تعريفات عقابية جديدة.

ويرى خبراء أن الاتفاقية تحمل بعدًا جيوسياسيًا كبيرًا؛ إذ وصفها كريستوفر جرانفيل، المدير الإداري لشركة «تي إس لومبارد»، بأنها خطوة مهمة رغم محدوديتها نسبيًا، معتبرًا أن توقيع مذكرة التفاهم بعد سنوات من الانتظار يعكس دعمًا استراتيجيًا صينيًا لروسيا، مؤكدًا أن ذلك يمثل جزءًا من النظام متعدد الأقطاب الجديد الذي تسعى إليه موسكو وبكين كقوتين أوراسيتين أساسيتين.

تحول في الجغرافيا السياسية للطاقة

من جهته، وصف ميشال ميدان، رئيس أبحاث الطاقة الصينية في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، الإعلان حول «قوة سيبيريا 2» بأنه نقطة تحول في الجغرافيا السياسية للطاقة، معتبرًا أن الرسالة الواضحة هي أن الصين لم تعد تسعى إلى إظهار الامتثال للعقوبات الأمريكية، وأنها تمضي في شراكتها مع موسكو دون اكتراث بموقف الغرب.

ويشير محللون آخرون إلى أن الصين، رغم تقاربها مع روسيا، تمارس ضغطًا قويًا للحصول على خصومات كبيرة، خاصة مع غياب التقدم في ملف التسعير، كما يرى بعض الخبراء الروس أن بكين تعمل في الوقت ذاته على تعزيز استقلالها الطاقي عبر مشاريع واسعة للطاقة المتجددة والنووية.

ويؤكد مراقبون أن المشروع يعكس عمق الشراكة «بلا حدود» التي أعلنها الرئيسان فلاديمير بوتين وشي جين بينج منذ بداية الحرب في أوكرانيا، والتي تهدف إلى إعادة تشكيل النظام العالمي بعيدًا عن الهيمنة الغربية. 

ومع أن معايير السعر والأحجام والجدول الزمني للبناء لا تزال غير معلنة، فإن المفاوضات السياسية وصلت إلى خواتيمها، لتفسح المجال أمام الترتيبات التجارية، وفق ما صرح به كيريل باباييف، رئيس معهد الصين وآسيا المعاصرة في موسكو.